العدسة – منصور عطية
من جديد يأبى الكاتب والروائي المثير للجدل إلا أن يطفو على سطح الأحداث ليس في مصر فقط، بل على المستوى العربي والدولي أيضًا، ويبدو أنه وجد ضالته في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
وبينما تعيش الأمتان العربية والإسلامية مرحلة حرجة من تاريخها بعد قرار ترامب، جدد الكاتب المتهم بسرقة الروايات تصريحاته السابقة بشأن القدس وفلسطين والمسجد الأقصى.
فعلى الرغم من أنه أدلى بها مسبقًا في مناسبات عدة، إلا أن توقيت إطلاقها مجددًا، لم يثر علامات الاستفهام فقط ويصدم الملايين حول العالم، بل كان مصدر سعادة لإسرائيل نفسها.
زيدان يسعد الاحتلال !
السفارة الإسرائيلية في القاهرة أعربت عن سعادتها بتصريحات “زيدان” عن فلسطين والاحتلال وقضية القدس، والتي كان من ضمنها أن المسجد الموجود في مدينة القدس ليس هو المسجد الأقصى، وأن القدس “ليس مكانًا مقدسًا”.
تلك التصريحات شهدتها قبل أيام فقط حلقة من برنامج “كل يوم” الذي يقدمه الإعلامي “عمرو أديب” على فضائية “ontv”، والتي علقت عليها سفارة الاحتلال في منشور عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك “إسرائيل في مصر”.
وكتبت الصفحة: “أسعدنا سماع أقوال الكاتب والمؤرخ يوسف زيدان في برنامج كل يوم الذي قدمه عمر أديب على قناة ONTV أول أمس الأحد ووصف زيدان للعلاقات الحميدة بين اليهود والمسلمين حتى قبل مجيء النبى محمد (ص) وحتى أيامنا هذه، مشيرة إلى أن جذور الحروب بين الطرفين تعود إلى المتطرفين”.
وأضافت: “ولا شك أن الرسالة التي يحملها تفسير الكاتب زيدان بضرورة نبذ ثقافة الكراهية بين الطرفين، هي رسالة مهمة في نظرنا وأن التعاون بين اليهود والمسلمين من شأنه أن يعود بالفائدة على المصريين والإسرائيليين على حد سواء، خدمة لأبناء الجيل الصاعد لدى الشعبين”.
متخصص تشويه فلسطين
رد الفعل الإسرائيلي تجاه آراء يوسف زيدان ربما لم يكن وليد اللحظة، بل جاء كمكافأة على سلسلة من المواقف التي تطعن في الثوابت العربية والإسلامية التي تخص فلسطين وقدسية المسجد الأقصى، وما لتلك القضية من رمزية ومكانة روحية لدى العرب والمسلمين.
ففي مايو الماضي، وعبر البرنامج ذاته، وصف الفاتح الإسلامي “صلاح الدين الأيوبي” بأنه “واحدا من أحقر الشخصيات في التاريخ الإنساني”، وأضاف “زيدان”: “صلاح الدين الأيوبي حرق مكتبة القصر الكبير التي كانت إحدى أهم المكتبات في العالم بدعوة سياسية معتادة حتى الآن وهى مواجهة الفكر الشيعي”.
وفي مارس، وعبر برنامج “الحياة اليوم” على فضائية “الحياة”، شكك الروائي في حادثة معراج الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفها أنها من قبيل الإسرائيليات، وقال في تصريحاته: “الآراء الأرجح أن قصة المعراج روّجها القصاصون في القرون الأولى، ودول ناس كانوا بيقعدوا عالقهاوي ويحكوا حاجات أغلبها إسرائيليات ومن التراث الفارسي، وفيه قصة معراج زرادشت فلزقوا دي مع دي”.
وفي ديسمبر 2015، قال “زيدان” إن “المسجد الموجود في مدينة القدس المحتلة ليس هو المسجد الأقصى ذا القدسية الدينية الذي ذُكر في القرآن الكريم والذي أُسرى الرسول إليه”.
وأضاف خلال مقابلة في برنامج “ممكن”، المذاع على قناة “سي بي سي”، أن “المسجد الأقصى الحقيقي الذي ذكر في القرآن يوجد على طريق الطائف (مدينة سعودية)، ولكن المسجد المتواجد في فلسطين لم يكن موجودًا من الأساس في عهد الرسول محمد، وأن من بناه هو عبدالملك بن مروان في العصر الأموي”، على حد قوله.
التشكيك في الثوابت
مواقف وآراء زيدان الحاصل على جائزة البوكر عام 2009، لم تتوقف عند حدود فلسطين بل تعدتها إلى التشكيك في ثوابت الإسلام والطعن في صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي حلقة من برنامج “كل يوم” بُثت أكتوبر الماضي، زعم “زيدان” أن هناك 11 ألف قراءة للقرآن تجعل معناه يختلف في كل مكان عن الآخر، وقال: “الناس فاكرة مصحف عثمان دة اللي عمله عثمان ابن عفان.. بس دة اتعمل من 200 سنة واللي كتبه واحد اسمه عثمان.. واحنا بنعتمد على قراءة واحدة من حرف واحد من الحروف السبعة اللي نزل عليها القرآن.. يعني أداة التعريف في اللغة العربية هي الألف واللام.. لكن دي أداة التعريف القرشية فقط وهناك أداة تعريف يمنية وهي الألف والميم”.
وعلى الرغم من الفتح الإسلامي لمصر عام 21 هجرية، قال زيدان: “مصر للقرن الرابع الهجري ما دخلتش الإسلام، وما كنتش بتتكلم عربي خالص، والناس فاهمة إن عمرو بن العاص جه وخلى مصر مسلمة وده ما حصلش”.
وتابع: “عمرو بن العاص جه فتح الإسكندرية مرتين، وعمل معسكر اسمه الفسطاط، وقعدوا فيه يطلعوا بالخيول وياخدوا فلوس من الناس علشان يحموهم، وفي العصر الفاطمي مصر دخلت الإسلام واتكلمت بالعربي”.
سارق الروايات !
في فبراير 2017، اتهم المفكر المصري “علاء حمودة” الكاتب يوسف زيدان بسرقة رواية “عزازيل” الصادرة عن دار الشروق عام 2008، وحصلت على جائزة “بوكر” العربية عام 2009، كما حصلت على جائزة “أنوبي” البريطانية لأفضل رواية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية عام 2012.
وقال في تصريحات صحفية، إن الرواية “منقولة حرفيًا من رواية (أعداء جدد بوجه قديم) المكتوبة منتصف القرن التاسع عشر لتشارلز كينجسلي، والمعروفة بالاسم (هيباتيا)”.
كما اتهمه بسرقة رواية أخرى تسمى “اسم الوردة” للكاتب الإيطالي “امبرتو ايكو” مطلع الثمانينيات، والدمج بينها وبين “هيباتيا” لإنتاج “عزازيل”.
تدور أحداث “عزازيل” حول الراهب المصري “فيلامون” الذي سافر من وادي النطرون للإسكندرية كي يحضر ويستمع لمحاضرات “هيباتيا”، بالرغم من مقت بطريرك الكنيسة لها.
وتدور أحداث “هيباتيا” في القرن الخامس الميلادي ما بين صعيد مصر والإسكندرية وشمال سوريا، عقب تبني الإمبراطورية الرومانية للمسيحية، وما تلا ذلك من صراع مذهبي داخلي بين آباء الكنيسة من ناحية، والمؤمنين الجدد والوثنية المتراجعة من جهة ثانية.
“اسم الوردة”، تحكي عن مأساة القرن الرابع عشر المسيحي، حيث الصراع بين البابا والإمبراطورية، والصراع بين الطوائف المسيحية نفسها، والصراع بين الطوائف وبين الحركات الإصلاحية، شمال إيطاليا.
وواصل “حمودة” اتهاماته لزيدان، حيث قال إنه سرق روايتيه “محال”، وجوانتانامو” من رواية كتبتها “دوروثيا ديكمان” عام 2007، قبل رواية زيدان بخمس سنوات كاملة.
وأكد أن رواية “ظل الأفعى” لزيدان الصادرة عام 2006، منقولة من رواية الكاتبة السنغالية “مريمة با”، الناشطة والمدافعة عن حقوق المرأة والتي كتبتها عام 1981، تحت عنوان “خطاب طويل جداً”.
الأمر اللافت للأذهان أن جميع تلك التصريحات الصادمة لم تخرج عن الرجل إلا بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، كما أنها تتناغم مع دعوة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في يناير 2015، لما وصفها بثورة دينية للتخلص من “أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون وباتت مصدر قلق للعالم كله”.
اضف تعليقا