شهد عام 2024 تصعيدًا غير مسبوق في معدلات الإعدامات والقمع داخل السعودية، مما يعكس توجّهًا متزايدًا نحو قمع الأصوات المعارضة وتجاهل المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وفقًا للتقارير الحقوقية، فإن السلطات السعودية نفّذت 341 عملية إعدام حتى نهاية العام، ما يضع المملكة في صدارة الدول الأكثر استخدامًا لهذه العقوبة، التي تُصنّف ضمن أشد الانتهاكات للقانون الدولي.
تشير الإحصائيات التي قدّمها الناشط الحقوقي يحيى عسيري، مؤسس منظمة القسط لحقوق الإنسان، إلى أنّ 61% من الإعدامات طالت مواطنين سعوديين، في حين شملت النسبة الباقية رعايا أجانب من 14 دولة آسيوية وأفريقية.
ورغم محاولة السلطات تصوير هذه الإعدامات كجزء من مكافحة الإرهاب والجريمة، إلا أن التفاصيل تشير إلى غياب العدالة وسوء استخدام السلطة القضائية.
إعدامات بالجملة
قامت السلطات بإعدام عبدالمجيد النمر، وهو رجل شيعي، بتهمة الانتماء لخلية إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة. ورغم ضخامة التهمة، لم تقدّم السلطات أدلة قانونية كافية لإثباتها، ما يثير تساؤلات حول مصداقية المحاكمات التي تُجرى في المحكمة الجزائية المتخصصة، والمعروفة بكونها أداة قمعية تُصدر أحكامًا مشددة دون مراعاة للمعايير الدولية.
لم يسلم الأجانب من موجة الإعدامات، حيث تمّ تنفيذ 120 عملية إعدام بحق رعايا من دول مختلفة، معظمها تتعلّق بتهم مرتبطة بالمخدرات. وكشفت منظمات حقوقية مثل “المنظمة الأوروبية السعودية” عن أنّ العديد من هؤلاء الضحايا كانوا مجرّد ناقلين بسيطين، وواجهوا المحاكمة دون وجود محامٍ للدفاع عنهم.
هذه الظروف تؤدي غالبًا إلى إدانات تستند إلى أدلة ضعيفة أو غير قانونية، كما تؤكد هذه الحالات استمرار السعودية في استغلال نظامها القضائي لإصدار أحكام قاسية، خصوصًا في قضايا يُفترض أن تُعامل بمعايير إنسانية عادلة.
توظيف الإعدام كسلاح سياسي
أبرز ما يثير القلق هو استخدام تهم سياسية غامضة مثل “الخيانة” لتبرير إعدام المعارضين. فقد شهد العام الحالي إعدام 30 شخصًا بهذه التهمة، والتي تُعرّفها المنظمات الحقوقية على أنّها أداة سياسية تُستخدم لقمع المعارضة وتصفية الخصوم.
تتم هذه الإعدامات ضمن محاكمات تُجرى في المحكمة الجزائية المتخصصة، والتي باتت بمثابة ذراع للنظام في تنفيذ حملات القمع. هذا النهج يعكس استخفاف السعودية بالقوانين الدولية ويؤكد استخدامها الإعدام كأداة لترسيخ الحكم المطلق وإسكات الأصوات المعارضة.
لم يتوقف الأمر عند البالغين، بل امتد إلى القُصّر، حيث أشارت منظمة القسط إلى استمرار السعودية في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بحق أفراد ارتكبوا جرائم وهم تحت سن 18 عامًا. هذا الإجراء يُعد انتهاكًا مباشرًا لاتفاقية حقوق الطفل التي تُعتبر السعودية طرفًا فيها.
ورغم الدعوات الدولية لوقف هذه الممارسات، لا يزال العديد من القاصرين يواجهون خطر الإعدام بسبب محاكمات تفتقر إلى أدنى معايير العدالة.
الخلاصة إنّ الارتفاع الكبير في معدلات الإعدام والقمع داخل السعودية يعكس استراتيجية مُمنهجة لإسكات المعارضة وترسيخ الهيمنة المطلقة للنظام. ورغم محاولات السلطات تبرير هذه الممارسات تحت غطاء مكافحة الإرهاب والجريمة، إلا أن الأدلة تشير إلى انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ومعايير العدالة الدولية.
اقرأ أيضًا : كيف حول نظام بن زايد العمالة المهاجرة إلى أداة للتربح والاستغلال؟
اضف تعليقا