أعاد المصريون إحياء ذكرى “ثورة 23 يوليو”، بمزيد من الانتقاد لها ولما وصلت إليه حال البلاد اليوم، خصوصاً مع زيادة منسوب الفقر وغياب الاستقرار في البلاد.

ولم يكن الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، بمعزل عن تلك الانتقادات، حيث شبه مصريون انقلابه عام 2013 بـ”ثورة 23 يوليو” التي وصفها في تصريحات جديدة بـ”المجيدة”، وأنها- بحسب قوله- “ضربت مثالاً على “وعي الشعب المصري العظيم”، ورغبتهم الشديدة في بناء مرحلة جديدة من عمر الوطن تقوم على العدل والكرامة”.

جاء ذلك في منشور للسيسي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، في ذكرى يختلف المصريون على تسميتها بين “ثورة” وبين “انقلاب”.

ماذا جرى في هذا اليوم؟

خطط ضباط شباب في الجيش المصري، أطلقوا على تنظيمهم اسم “الضباط الأحرار” للإطاحة بالملك فاروق، ومن ثم العهد الملكي، ونجحوا فيما خططوا له في 23 يوليو 1952.

أطلق على الإطاحة بملك مصر من قبل هؤلاء الضباط في البداية اسم “حركة الجيش”، في حين أطلق الشعب المصري على تلك الحركة بـ”الانقلاب”، ثم اشتهرت فيما بعد باسم “ثورة 23 يوليو”.

وأسفرت تلك الحركة عن طرد الملك فاروق وإنهاء الحكم الملكي وإعلان الجمهورية في 1953.

وضم تشكيل تنظيم الضباط الأحرار: اللواء محمد نجيب، والبكباشي جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وعبد الحكيم عامر، ويوسف صديق، وحسين الشافعي، وصلاح سالم، وجمال سالم، وخالد محيي الدين، وزكريا محيي الدين، وكمال الدين حسين، وعبد اللطيف البغدادي، وعبد المنعم أمين، وحسن إبراهيم.

وبعد أن استقرت أوضاع الحكم بيد العسكر أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار، وأصبحت تعرف باسم “مجلس قيادة الثورة”، وكان يتكون من 11 عضواً برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب.

رأي المصريين بعد 67 عاماً على ذكرى الحركة

تردي الواقع الاقتصادي للبلاد، وتأثيره على الفرد والمجتمع، جعل النسبة الكبرى من السكان تعاني من الفقر، مع انتهاك كبير لحريات البشر، وهو ما توثقه تقارير حقوقية دولية، فضلاً عن تأكيد مواطنين من داخل مصر، يتحدثون باستمرار على مواقع التواصل عن الانتهاكات دون الكشف عن شخصياتهم.

ومناسبة كهذه كانت كفيلة بكشف رأي المصريين الصريح، لا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بنظرتهم لهذه الثورة التي شبهها الكثيرون منهم بانقلاب الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً في مصر عام 2013.

عدد كبير من المصريين أعربوا عن رفضهم لما حدث في 23 يوليو، معتبرين الإطاحة بالحكم الملكي، جلب لهم كوارث عديدة وأدخل مصر في الكثير من المآزق.

ويعتبر الرئيس الحالي لمصر، عبد الفتاح السيسي، الرئيس السادس للبلاد، والخامس بين رؤساء مصر العسكريين.

حيث تسلسل في الحكم بعد الإطاحة بالنظام الملكي: محمد نجيب ثم جمال عبد الناصر فأنور السادات ثم حسني مبارك، وجميعهم ضباط عسكريون، ثم تولى الرئيس “المدني” الراحل محمد مرسي عاماً واحداً، ليعيد عبد الفتاح السيسي سيناريو 23 يوليو 1952، ويطيح بمرسي في 2013.

ومنذ أن تولى السيسي إدارة البلاد كانت مصر تسير إلى الأسوأ أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.

لكن الرئيس الحالي لا يتوقف عن إعلان الانتصارات في مختلف مناحي الحياة، مخالفاً الوقائع والحقائق الموثقة على أرض الواقع.

وفي آخر استعراضاته للانتصارات التي تحققت- بحسب زعمه- قال السيسي خلال حضوره حفل تخريج طلاب عدد من الكليات العسكرية، الاثنين 22 يوليو الجاري، إن الدولة استطاعت القضاء على الإرهاب، وحققت إنجازات كبيرة في الاقتصاد.

وما يثير الاستغراب لشدة تناقضه أن السيسي ألقى تلك التصريحات من خلف زجاج مضاد للرصاص! وهو ما يثير التساؤل حول كيفية القضاء على الإرهاب.

أما عن الاقتصاد الذي اعتبر أنه لولا صبر المصريين وتحملهم لما نجحت الدولة في النهوض به، فقال: “مستمرون في العمل على الإصلاح والتطوير لمواجهة الأزمات التي طال أمدها”.

وأكد أن “هناك خطة طموحة للإصلاح الاقتصادي الشامل ترتكز على إعادة بناء الاقتصاد الوطني ليصبح قائماً على الإنتاج وجاذباً للاستثمار”، مشدداً بالقول: “حققنا إنجازات واضحة شهد لها العالم بأسره”.

وتثير تصريحات السيسي حول هذين الملفين تحديداً علامات استفهام عديدة، لا سيما أن المشاهد والأحداث تقود إلى استنتاجات أخرى.

ففي مجال الأمن ومكافحة الإرهاب جاءت تصريحات السيسي التي يقول فيها إن الدولة حاصرته ودمرت بنيته التحتية، بعد يوم واحد من قراره تمديد حالة الطوارئ في البلاد ثلاثة أشهر، وذلك للمرة التاسعة على التوالي منذ العام 2017.

وتأتي أيضاً بعد يوم من قرار فرض حظر التجول في مناطق بشمال سيناء، التي تشهد منذ سنوات هجمات أوقعت عشرات القتلى والجرحى بين الشرطة والجيش والمدنيين، كان آخرها مقتل نحو عشرة أشخاص من عناصر الأمن خلال هجوم على نقطة للشرطة جنوب مدينة العريش.

مشهد آخر يضع علامات تعجب أمام تصريحات السيسي عن الإنجازات الأمنية، فهي تأتي بعد يومين من تحذير الخارجية البريطانية رعاياها المسافرين إلى مصر والموجودين فيها من “هجمات إرهابية محتملة”.

ثم أعلنت الخطوط الجوية البريطانية تعليق رحلاتها إلى القاهرة أسبوعاً، والتحقت بها شركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا” معلقة رحلاتها إلى القاهرة في “إجراء احتياطي”، قبل أن تعلن استئناف الرحلات لاحقاً.

واقتصادياً، وعلى مستوى الأرقام، نشر البنك الدولي في أبريل الماضي تقريراً أورد معطيات مفادها أن 60% من المصريين إما فقراء أو عرضة للفقر.

وذكر أن قيمة الناتج المحلي انخفضت من 335 مليار دولار قبل تعويم الجنيه إلى 230 ملياراً في العام الماضي.

ووفق تقرير لوزارة المالية المصرية لشهر مارس الماضي، ارتفع الدين العام إلى ما يعادل 107% من الناتج المحلي الإجمالي.

وبحسب أحدث بيانات للبنك المركزي المصري ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي إلى 906.3 دولارات نهاية العام 2018، مقابل 387.7 دولاراً في يونيو 2012.