إبراهيم سمعان
بعد ما يزيد قليلاً على أسبوع من تبني تنظيم “داعش” الهجوم الذي وقع في مدينة الأهواز الإيرانية مستهدفا عرضا عسكريا، خلف 24 قتيلاً و 69 جريحًا، تظهر طهران عضلاتها في سوريا.
ووفقا لوعودهم بــ “رد رهيب” على منفذي الهجوم، شن الحرس الثوري – “الباسدران” – ضربات صاروخية ضد مواقع جهادية في محافظة بو كمال السورية.
وفي بيان صادر عن المنظمة الإيرانية، أُطلقت ستة صواريخ بالستية متوسطة المدى من محافظة كرمانشاه غرب إيران، كما تم إطلاق سبع طائرات بدون طيار إيرانية بعد فترة وجيزة لضرب منشآت “إرهابية” في سياق هذه العملية التي أطلق عليها اسم “ضربة المحرم”.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية “فارس” إن أضرارا جسيمة تم إلحاقها بالبنية التحتية ومواقع الإرهابيين، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان من جانبه بوقوع “انفجارات قوية عند الفجر في الجيب الأخير الذي تسيطر عليه داعش”.
ووزع “البسدران” صورا تظهر إطلاق الصواريخ وقال إن “العديد من الإرهابيين والقادة المسؤولين عن جريمة الأهواز الإرهابية قد قتلوا أو جرحوا” دون تقديم معلومات إضافية حول هذا الموضوع.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية الايرانية “إرنا” عن حاكم محافظة كرمانشاه هوشانج بازفاند نفيه للتقارير التي تداولتها وسائل الإعلام وتفيد بأن إحدى الصواريخ تحطمت في المدينة بعد إطلاقها بقليل.
عمل “الباسدران” في سوريا يسمح لطهران بنقل عدة رسائل إلى مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية ضمنياً، وهي الأولى في السياسة الداخلية للجمهورية الإسلامية بعد هجوم الأهواز.
ويقول جوناثان بيرون، الباحث في Etopia والمتخصص في الإيراني لصحيفة “لوريون لوجور”: بهذا المعنى قد ترغب إيران في الدخول في استعراض للقوة من أجل الإظهار لشعبها أن لديها الوسائل اللازمة لضمان أمنها”.
ويضيف “على الجانب العسكري تريد طهران أن تثبت فعالية صواريخها وقدرتها على المشاركة من خلال منح امتياز استخدام هذا السلاح للرد على أي هجوم”.
ووفقاً لبيرون “هذه الرسالة مثيرة للاهتمام أكثر حيث إن قوات التحالف التي تجمع القوات الكردية السورية والميليشيات العربية المدعومة من الولايات المتحدة تقوم حالياً بهجوم في المنطقة المستهدفة، العملية جزء من سياسة الردع التي تحرك خطاب واستراتيجية الجمهورية الإسلامية”.
وتقول “فارس” إن الصواريخ التي تم إطلاقها هي من طراز “”ذوالفقار” و”قيام” والتي يتراوح مداها بين 750 و 800 كيلومتر على التوالي، مشيرة إلى أن أحد الصواريخ على الأقل يحمل شعارات “الموت لأمريكا”، “الموت لإسرائيل”، “الموت لآل سعود”.
بعد أن تبني الانفصاليون العرب ثم داعش، كانت هوية منفذي هجوم الأهواز موضوع تكهنات كثيرة في حين أن المدينة تقع في إقليم خوزستان وأغلبها عربية، وبعد يومين من الهجوم، أوضح علي خامنئي الاستنتاجات الإيرانية من خلال اتهام الولايات المتحدة بدعم المهاجمين وكذلك السعودية والإمارات العربية، اللتان نفيتا تورطهما.
عقاب قادم
كما ذكرت وكالة “تسنيم”، القريبة من المحافظين، أن هذا كان “أول إعلان رسمي عن عملية للحرس الثوري باستخدام طائرات مقاتلة بدون طيار خارج الحدود الإيرانية”، إذ أن الطائرات التي استخدمت نموذج صنعته إيران مطابق للطائرة الأمريكية، RQ-170 سنتينل، التي استولت عليها طهران عام 2011.
وعندما سئل في مؤتمر صحفي حول ما إذا كانت الغارة قد تم تنسيقها مع موسكو ودمشق – حلفاء طهران على الأراضي السورية – لم يرغب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في التعليق.
الهجوم الإيراني جاء بعد إعلان واشنطن الأسبوع الماضي سحب بعض بطارياتها الصاروخية في المنطقة وعقب بضعة أسابيع من الدفعة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران.
إن توقيت الهجوم أكثر أهمية لأنه “يمكن أن يكون بمثابة رسالة إلى الولايات المتحدة، سواء تفاوضت طهران أو واشنطن في الفترة القادمة أو استمر الصراع ضد بعضهما البعض”، يشير علي باكير، المحلل السياسي في أنقرة.
ويعد هذا الهجوم ثاني إطلاق صاروخي إيراني في سوريا بعد أن هاجم الحرس الثوري مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور يونيو 2017 رداً على هجمات استهدفت البرلمان الإيراني وضريح الخميني في طهران.
الجنرال محسن رضائي، القائد العام السابق للحرس الثوري وأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، قال مغردا عن الضربة الصاروخية التي نفذها حرس الثورة إنه تنبيها للإرهابيين، مؤكدا أن “العقاب الحقيقي لم يأت بعد”.
“إنه دائمًا احتمال، لكن السؤال هو أين وضد مَن؟ يتساءل باكير، إذا كانت هذه الصواريخ تشكل تهديداً للمنطقة، “فإن حقيقة أنها ليست دقيقة تجعلها أكثر خطورة، خاصة إذا وقعت في منطقة مأهولة بالسكان”.
ووفقا له، حتى إذا أكدت طهران أن ترسانتها من الصواريخ الباليستية هي دفاعية بحتة، فإن الهجمات الصاروخية الثلاث الأخيرة التي شنها الحراس ضد أهداف في دير الزور بسوريا العام الماضي، وفي شمال العراق قبل شهر تقريبا، وشرق سوريا تظهر اتجاها متناميا للعمليات الهجومية.
اضف تعليقا