سرقوا الثورة

العدسة – معتز أشرف

العديد من التيار اليساري والليبرالي شاركوا أو دعموا فعاليات 30 يونيو المعارضة لحكم الدكتور محمد مرسي، واعتبروها في الوهلة الأولى موجة ثورية، ولكن مع ظهور حقائق جديدة بعد الإطاحة بالدكتور محمد مرسي، اتفق رموز 30 يونيو البارزون أنهم سقطوا في الفخ، وأن 30 يونيو كانت حراكًا خادعًا خطفه رئيس النظام المصري الحالي، الجنرال عبدالفتاح السيسي لحسابات أخرى.

نسلط الضوء في ذكرى 30 يونيو على جانب من هذه الشهادات…

شهادة البرادعي

الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أدلى بشهادة عما حدث في خديعة 30 يونيو، خلال مؤتمر “حالة الاتحاد الأوروبي”، الذي نظمته الجامعة الأوروبية في فلورانس في إيطاليا من 6 إلى 9 مايو 2015.

وقال في شهادته التي نشرها على صفحته الرسمية: “في مصر كنا وضعنا أنفسنا على الطريق الصحيح، لكننا تسرعنا في إجراء الانتخابات قبل أن تكون هناك فرصة لشباب الثورة لتنظيم أنفسهم وتشكيل أحزاب سياسية تعبر عنهم بعد عقود طويلة من القمع وغياب المجتمع المدني، والإخوان دخلوا الانتخابات وفازوا بنزاهة، ولكننا وصلنا معهم إلى نظام إقصائي، وهو آخر ما كنا نحتاجه في تلك المرحلة، فنحن كنا بحاجة إلى توافق وطني يحتوي الجميع”.

وأضاف أنه في يوليو 2013، كان عليَّ أن أكون جزءًا من المعارضة، وهدفي كان التوصل إلى نظام يضم جميع طوائف الشعب، الإسلاميين وغيرهم، ولكن ما حدث بعد ذلك كان مخالفًا تمامًا لما وافقت عليه كخارطة طريق، ما وافقت عليه، كان إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وخروج كريم للسيد محمد مرسي، ونظام سياسي يشمل الجميع بما فيهم الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين، وبدء عملية مصالحة وطنية وحوار وطني، وحل سلمي للاعتصامات، وقد كانت هناك خطة جيدة للبدء في هذا الطريق.

وتابع “البرادعي” قائلًا: “لكن كل هذا ألقي به من النافذة، وبدأ العنف، وعندما يكون العنف هو الأسلوب، ويغيب عن المجتمع مفهوم العدالة والهيكل الديمقراطي للعمل السياسي، فلا مكان لشخص مثلي، ولا يمكن أن أكون مؤثرًا”.

خداع وتوظيف!

الناشط الحقوقي جمال عيد، الذي شارك في الثورة على “مبارك”، وفي التظاهرات المناهضة لمرسي، قال في اعتراف صريح له: “عندما أتذكر 30 يونيو 2013، أشعر بأنه تم خداعنا، وتم توظيفنا من جناح في الدولة، ليس للإطاحة بالإخوان وبدء تأسيس نظام ديمقراطي، وإنما لصالح استيلاء الجيش- وهو جزء من نظام “مبارك”- على السلطة”.

وأضاف رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمُلاحَق هو نفسه قضائيًّا بتهمة تلقي تمويل أجنبي بشكل غير قانوني في عهد السيسي: “تم استغلال الكراهية الشعبية للإخوان من أجل الاستيلاء على السلطة، فعندما نزلنا إلى الشارع، كنا نشعر بأن الإخوان خانوا الثورة، ولم يعد يعنيهم تحقيق أهدافها في الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وكنا نريد انتخابات رئاسية مبكرة يُتاح لمرسي نفسه خوضها من جديد”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.

وتابع شهادته قائلًا: “اليوم ومن دون مبالغة، وضع حقوق الإنسان هو الأسوأ في تاريخ مصر الحديث”، مضيفًا: “وفقًا لتقديرات المنظمات الحقوقية، يبلغ عدد السجناء السياسيين قرابة 60 ألفًا” غالبيتهم من الإسلاميين.

ندم يتزايد!

ندم يزداد يومًا بعد يوم وسط منظمي ودعاة 30 يونيو، ومنهم الدكتور يحيى القزاز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي كتب عبر حسابه على موقع “فيسبوك” معترفًا بخطئه: “كنت واحدًا ممن ثاروا في مثل هذا اليوم، واليوم “حداد” لا احتفال ولا نصر فيه، فالشباب يقبعون في سجون السيسي، اليوم عزاء وحداد، وتنكيس لعلم مصر، فمصر يحتلها خونة يديرونها ويقتلون ويسحلون ويسجنون أنبل من فيها (شبابها)، تحية لكل شهيد! تحية لكل حر خلف القضبان! والهلاك لكل عميل خائن”.

الناشط الاشتراكي تامر وجيه، أحد المشاركين والداعمين لتظاهرات 30 يونيو، أعرب عن أسفه مما حدث في 30 يونيو، قائلًا على حسابه عبر “فيسبوك”: “أخطأ بعض الثوريين، وأنا منهم، حين تصور أن 30 يونيو يمكنها – جزئيًّا حتى- أن تمثل تحديًا “ثوريًّا” لسلطة الإخوان المسلمين الهشة، فالغضب الشعبي الذي كان واحدًا من روافد مظاهرات 30 يونيو، كان تحت الهيمنة شبه الكاملة للثورة المضادة… 30 يونيو كانت مظاهرة للثورة المضادة، ومن فكر في احتمال وجود هامش مؤثر للمعارضة الثورية فيها كان واهمًا، أنا- باختصار- كنت واهمًا”.

مؤسس حركة “شباب 6 ابريل”، أحمد ماهر، كان أوضح في اعترافاته، وقال في رسالة كتبها في معتقله، ونُشرت بتاريخ 5 يونيو 2014 بعنوان “للأسف جميعنا كان يعلم!”، شاركت كافة أجهزة الدولة في الحشد لتظاهرات 30 يونيو الماضي بشكل مباشر، واتفاقهم مع بعض “الأحزاب الكرتونية” الفاشلة، وبعض الشخصيات المستقلة لتنفيذ مخططهم”.

شددت القيادية في جبهة “طريق الثورة”، جيهان شعبان، على أن “تظاهرات 30 يونيو صنيعة الثورة المضادة، وأن 3 يوليو كان انقلابًا عسكريًّا كامل الأركان”، فيما تأسفت الناشطة الحقوقية البارزة، عايدة سيف الدولة، عضو “مركز النديم لمناهضة التعذيب”، على توقيعها على استمارة “تمرد”، إحدى علامات 30 يونيو، ونشرت في تدوينة لها على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” صورة لاستمارة حملة “تمرد”، وكتبت تحتها: “الكذبة الكبرى، لن أسامح نفسي يومًا على أني صدقتها ووقعت على هذه الاستمارة!”.

ثورة مضادة

أحمد قناوي“، منسق حركة “تمرد” السابق بنقابة المحامين، اعترف أنها ثورة مضادة ضد ثورة 25 يناير، وقال في تصريحات متلفزة: إن 30 يونيو لم تقدم شيئًا لمصر، ولم تجعل البلاد أفضل حالًا كما كانوا يتمنون، بل صارت أسوأ حالًا في كل المجالات، ومطالب “تمرد” التي خرج من أجلها الملايين، لم يتحقق منها شيء، وصارت الأزمات أكثر وأكثر، وخرجنا نطالب بالحرية والديمقراطية لمصر، فتحولت مصر لدولة بوليسية ديكتاتورية، وأصبح النظام الحاكم لا يعرف سوى لغة البطش والقمع”.

وقال الناشط الاشتراكي طاهر مختار، في مقال له في يونيو 2015: “في ذكرى 30 يونيو، لا ثورة إلا ثورة يناير، وتمر علينا الذكرى – كمؤمنين بثورة يناير- بالألم لما نتج عنها، وإن كان الكثيرون ممن هم على خط الثورة وشاركوا في الحدث يرفضون الاعتراف بذلك، على مستوى الأفكار المترجمة لحروف وكلمات”.

وأضاف أنه رغم أن العديدين وقتها قالوا إن 30 يونيو هي ثورة شعبية ضد حكم الإخوان أو موجة ثورية مكملة لثورة يناير تستهدف لإكمالها، ولكن ما يبدو جليًّا اليوم، أن هذا اليوم لم يكن سوى درجة مفصلية لسلم الانقلاب العسكري على ثورة يناير، الذي تم توطيد أركانه في 3 يوليو 2013، حيث سحب من خلاله قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي “سلم الديمقراطية”، الذي انتزعته ثورة يناير بنضال الملايين من شعب مصر، بانقلابه- كممثل للثورة المضادة، ومن قلب المخابرات الحربية لدولة “مبارك”- على أول رئيس تم انتخابه بانتخابات ديمقراطية جاءت كأحد مكتسبات ثورة يناير.