العدسة – ياسين وجدي :
“أطماع خاصة في مشاريع إعمار سوريا ، ورغبة في السيطرة على قرار سوريا فيما بعد الحرب ، ومواجهة إيران عبر الأراضي السورية ، وإطلاق رصاصة الرحمة على مجلس التعاون الخليجي”.. تلكم أبرز الأسباب التي وقفت في خلفية قرار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد للعودة إلى دمشق بعد غياب وعراك.
“العدسة” يسلط الضوء على تلك الأسباب والتي كشفت مجددا الوجه القبيح لإمارات بن زايد التي داست على مواقفها الأولى ضد جرائم بشار ، وتستحل العودة وقيادة التطبيع معه من أجل أطماع النفوذ والكنوز المتوقعة من المشاركة في عملية الإعمار .
سبوبة الإعمار!!
المشاركة في سبوبة “الإعمار” المزعوم لسوريا ، تأتي في مقدمة الأسباب المؤثرة لإسراع “بن زايد” تغيير مواقفه والعودة إلى دمشق.
وتكشف تقارير غربية عن أن الإمارات جزء من سباق دولي للاستحواذ على حصص في إعمار سوريا ، في ظل مخطط ترعاه أمريكا بالدفع برجالها في السعودية والإمارات بحصص مالية مؤثرة تستطيع معها الحديث عن رعاية عبر المجتمع الدولي وليس عبر بشار الأسد وأصدقائه في روسيا وإيران.
وبحسب بيوتر أكوبوف، في صحيفة “فزغلياد” الروسية ، فليس من قبيل الصدفة أن الممثل الأمريكي الخاص بسوريا، جيمس جيفري، قال قبل أسبوع، في حديث في واشنطن، إن “إعادة إعمار هذا البلد، التي ستحدث يوما، لا يمكن تمويلها فقط من قبل الأسد وأصدقائه – روسيا وإيران ، ويجب أن يرعاها المجتمع الدولي بأكمله حتى نرى عملية سياسية تناسبنا”.
وتوقع أن تكون هناك حرب اقتصادية صعبة من أجل حق إعادة إعمار سوريا، بين المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات وإيران وتركيا والصين، بجانب منافسة من الألمان والفرنسيين.
يعزز ذلك السيناريو إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موافقة السعودية الحليف الرئيسي للإمارات على إنفاق الأموال اللازمة للمساعدة في إعادة إعمار سوريا بدلا من الولايات المتحدة”.
ويستند هذا الاتجاه إلى مشاركة شركات إماراتية بارزة في مجال الإعمار في معرض إعادة إعمار سوريا بمشاركة شركات 23 دولة في سبتمبر ٢٠١٧ .
ويتحدث مراقبون عن إعادة الإعمار في سوريا ليست عملية اقتصادية فحسب بل هو عملية تقاسم للحصص والحل السياسي، تؤدي بالطرف المتحكم بها إلى بسط سيطرته وقراره السياسي على المدى البعيد في سوريا، حيث أن أغلب الدول المشاركة تبحث عن دور في مستقبل سوريا.
وفي هذا الإطار تحدثت صحيفة “العرب اللندنية“ نقلا عن مصادر روسية أن موسكو حصلت، خلال زيارة العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، على “وعود قوية بالإسهام في إعادة إعمار سوريا ما بعد الحرب” بمشاركة الإمارات، بشرط أن تصب فائدة الأموال في خدمة إيران ، وأن تخدم على العملية السياسية المنشودة لصالح الشعب السوري.
ووفقا لدورية “إنتليجنس أونلاين” الفرنسية، فإن رجل الأعمال الإماراتي عبدالجليل بن عبدالرحمن محمد البلوكي المقرب من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ، التقى في أغسطس الماضي عددا من المسؤولين السوريين ، للترتيب للاستثمار في إعادة الإعمار.
إيران فوبيا !
الفوبيا المتصاعدة ضد إيران ، كانت من أبرز أسباب ولي عهد أبو ظبي كذلك في الارتماء في أحضان بشار الأسد بعد معاداته.
مراقبون مقربون من الإمارات ومنهم الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتي يرى أن تلك الخطوة جاءت حرصا من الإمارات على ألا ترتمي سوريا في أحضان إيران كما ارتمى العراق سابقا، وأن الإمارات لا ترغب في أن ترى سوريا وقد أصبحت دولة فاشلة ومرتعا للإرهاب .
لكن أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أضاف لإيران تركيا ، زاعما أن قرار بلاده يأتي بعد قراءة متأنية للتطورات ووليد قناعة أن المرحلة القادمة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري حرصا على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها في مواجهة التغوّل الإقليمي الإيراني والتركي”.
تسهيل التطبيع
ويأتي تسهيل التطبيع مع النظام الديكتاتوري السوري في مقدمة أسباب محمد بن زايد في الإسراع بقيادة قاطرة التطبيع العربية ، بشكل لم يستبعد مراقبون أن يكون تم بعد التشاور والتنسيق مع أقرب الحلفاء، وفي مقدمتهم السعودية ومصر.
فتح السفارة الإماراتية جاء بعد عشرة أيام من زيارة مفاجئة أجراها الرئيس السوداني عمر البشير إلى سوريا، أعقبها الإعلان عن تشكيل وفود رسمية ، بالتزامن مع وصول رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي المملوك نهاية الأسبوع الماضي إلى القاهرة، خلال زيارة نادرة لمسؤول سوري أمني بارز إلى مصر منذ العام 2011 مع تبرير إماراتي متناقض مع مواقف أبو ظبي الأولى المتشددة ضد بشار الأسد ، أبرزها تصريح الفريق ضاحي خلفان، نائب مدير عام قطاع الأمن العام بإمارة دبي في دولة الإمارات، بأن عودة بلاده إلى دمشق تعبر عن عام التسامح في الإمارات، ونبذ الخلافات بين العرب!!.
وفي ذيل الإمارات أعلنت وزارة خارجية مملكة البحرين في بيان “استمرار العمل في سفارة المملكة لدى الجمهورية العربية السورية “، مضيفا أنها لم تنقطع عن سوريا ولم تنقطع هي عن المملكة منذ الأزمة وأن الرحلات الجوية بين البلدين قائمة دون انقطاع.
هذه الخطوات المتلاحقة تكشف بحسب مراقبين عن بدء انفتاح عربي على سوريا بعدما قطعت العديد من الدول العربية علاقاتها معها أو خفضت تمثيلها الدبلوماسي فيها ، أراد فيه “محمد بن زايد “ السبق نحو التواجد الميداني ورفع الحرج عن باقي الرؤساء خاصة من الحلف الرباعي ، ولذلك يتوقع كثيرون أن تلحق مصر والسعودية بالتطبيع والترحيب ببشار الأسد ، بجانب البحث الجدي في رجوع النظام السوري إلى الجامعة العربية خاصة في ظل تصريح الدبلوماسي المصري الأمين العام الحالي للجامعة بأن قرار تعليق عضوية سوريا كان متسرعا.
إعدام مجلس التعاون !
أطلق ولي عهد أبو ظبي عمليا رصاصة الرحمة على مجلس التعاون الخليجي معززا لكل الروايات الرسمية وغير الرسمية بذهاب دوره وتفككه عمليا.
المجلس ومن بينه الإمارات، قد طلب في فبراير 2012 من سفراء دولها مغادرة دمشق، متهمة إياها بارتكاب “مجزرة جماعية ضد الشعب الأعزل” كما قررت الطلب من سفراء “النظام السوري” مغادرة أراضيها بشكل فوري.
بيان المجلس أوضح وقتها أن هذه الخطوة تأتي “بعد أن انتفت الحاجة لبقائهم بعد رفض النظام السوري كل المحاولات وأجهضت كافة الجهود العربية المخلصة لحل هذه الأزمة وحقن دماء الشعب السوري” مؤكدا أن ما يجري ضد الشعب السوري الأعزل يأتي ” لتحقيق مآرب شخصية تهدف إلى الصراع على السلطة دون اعتبار لكرامة المواطن السوري وحريته” في إشارة إلى بشار الأسد، وهو ما خالفته الإمارات شكلا وموضوعا !.
وأجمعت تقارير غربية وعربية محايدة عن انتهاء دور المجلس عمليا في الفترة الأخيرة ، بالتزامن مع تصريح وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مؤخرا بأن “مجلس التعاون الخليجي وأمينه العام بلا حول ولا قوة” ، مضيفا أنه رغم أن “هذا المجلس موجود اليوم، لكن ليس لديه قوة، الآليات موجودة ولكن لا يتم تفعيلها” لكن لازالت دولة الكويت تعتقد في حيويته وقوته، وهو ما ألغاه “بن زايد” عمليا.
اضف تعليقا