كتب – هادي أحمد

“ليلة الأحد.. لن ينجو أحد” هكذا كتب المستشار بالديوان الملكي السعودي “تركي آل الشيخ”،  بالتزامن مع الحملة التي شنتها السلطات السعودية وشملت توقيف أمراء ووزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال بارزين ورؤساء قنوات لتورطهم فى قضايا فساد.

وصدرت الاتهامات من قبل لجنة مكافحة الفساد، التي تم تشكيلها برئاسة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بموجب مرسوم ملكي صدر قبل ساعات قرارت التوقيف التي صدرت فى ساعة متاخرة من مساء أمس السبت.

وتزامنت قرارت الاعتقال مع عدد من الأحداث التي كانت المملكة مسرحا لها، وجعلت اسم المملكة يتصدر العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام العالمية، سواء ما جرى أمس السبت كإعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته من منصبه عبر خطاب متلفز خلال تواجده فى المملكة، وإطلاق صواريخ باليستية على مدينة الرياض.. أو خلال الأيام القليلة الماضية مثل الزيارة السرية لصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، اليهودي جاريد كوشنير، والمؤتمرات الاقتصادية العالمية التي عقدت فى المملكة .

ويرى مراقبون أن حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات بالمملكة ضد تلك الشخصات البارزة بتهمة الفساد أمر لا معنى له؛ لأنه ببساطة النظام برمته فى المملكة فاسد، على حد تعبير الكاتب مقتدر خان فى مقاله بصحيفة هاف بوست النسخة الأمريكية، ولذا حاول البعض وضع بعض السيناريوهات للأسباب الحقيقة لحملة الاعتقالات التي وصفها البعض بـ”مذبحة الأمراء”.

فيما يلى 4 سيناريوهات محتملة:

السيناريو الأول: تمهيد ما قبل الجلوس على العرش

بعد نجاح الأمير بن سلمان في الإطاحة بولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، في قصره بمدينة جدة، ومنعه من السفر إلى خارج السعودية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، كرر بن سلمان نفس السيناريو مع الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني السعودي.

ويرى البعض أن متعبًا الذي كان يتم إعداده  لتولي العرش قبل وبعد وفاة والده الملك عبدالله –  لولا تدخل الأمير سلمان بن عبد العزيز فى اللحظات الأخيرة وإعلان وفاة شقيقة الملك عبدالله – كان بمثابة آخر العقبات أمامه لتولي العرش السعودي حيث يتولي الحرس الوطني القادر ربما على الانقلاب عليه فى أي لحظة بجانب شعبيته الجارفة فى المملكة .

وفى نفس السياق، اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية (الأحد 5 نوفمير 2017) أنه يبدو أن خطوة الاعتقالات للأمراء بمثابة الخطوة الأخيرة قبل الإعلان الرسمي عن تنصيبه على عرش المملكة، مشيرة إلى أن الشائعات ترددت فى الفترة الأخيرة بأن الوجهة الأخيرة للملك وولي العهد بعد محمد بن نايف، وتمديد نفوذهما على وزارة الداخلية والقضاء ستكون التخلص من متعب بن عبد الله.

وقال حساب معارض للنظام السعودي على موقع تويتر يكتب باسم “فارس” : قبل شهرين حذرنا الوليد بن طلال و متعب بن عبدالله ومحمد بن فهد وبن لادن وأغلبية المعتقلين الآن.. وأكدنا على قائمة اعتقالات قادمة

السيناريو الثاني: ضربة استباقية لانقلاب فاشل

يري البعض أن هذه الخطوة غير المسبوقة والصادمة سواء على الصعيد الشعبي المتضرر من الإجراءات التقشفية، أو على صعيد الأسرة الحاكمة الساخطة، سواء من شعورها بالتهميش، وخضوع المملكة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لسيطرة الأمير الشاب (32عاما) ما كانت تأتي بهذه الإخراج، لولا وجود محاولة انقلاب فاشلة تهدف للإطاحة بالملك وولي العهد.

وفى هذا السياق ألمحت صحيفة نيويورك تايمز إلى أنه جرى، إجلاء نزلاء فندق ريتز كارلتون فى الرياض، يوم السبت، وتم إغلاق المطارات الخاصة ما أثار تكهنات أن ولي العهد يسعى لمنع أمراء وشخصيات بارزة من الفرار من المملكة.

وكشف موقع كشف حساب “ويكيليكس الخليج” عن السبب الرئيسي الذي دفع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإيقاف الأمير الوليد بن طلال، مؤكدا أن الأخير هدد قبل أيام بسحب استثماراته من المملكة في حال لم يتم الإفراج عن ولي العهد السابق محمد بن نايف.

وأشار حساب فارس فى تغريدة على حسابه أن “إعفاء متعب بن عبد الله واعتقاله بعد مشاجرة ليلة أمس في #مزرعة_العوجا.

وأضاف الحساب: (علوم طيبة)من العوجا واستنفار كامل في كل أراضي المملكة..

وأوضح الحساب: في هذا الوقت تحاصر قوة من الحرس الملكي #مزرعة_العوجا ومنعت الدخول أو الخروج كما منعت الاقتراب من القصر! وذلك بعد مشاجرة وإطلاق رصاص داخله

السيناريو الثالث: الاستيلاء على أموال الأمراء

يعتقد البعض أن خطوة الاعتقالات تعد محاولة من ولي العهد لتحويل أرصدة المعتقلين الذين معظمهم من رجال الأعمال وأصحاب الثروات الضخمة للخروج من الورطة الاقتصادية التي تعاني منها المملكة، والصرف على المشروعات الضخمة التي يسعى ولي العهد لتنفيذها لتنويع الاقتصاد والبعد عن الاعتماد عن النفط .

وفى هذا السياق قال حساب معارض يدعى “سماحتي” :” النظام الذي فشل بتعديد مصادر الدخل طوال 60 عاما من تدفق النفط تحت قدميه هو نظام غير مؤهل لهذه المهمة، و #التحول_الوطني يكون بإبعاده عن القرار.

وأضاف فى تغريدة أخرى : حتى الآن إيقاف 11 أميرا و4 وزراء حاليين .. بيطلع منهم 2الى 3 ترليون ريال تروح لترمب وشوي للسيسي تذكير: هناك ترليون ونصف اختفت من خزينة الدولة منذ تولي سلمان وولده الحكم! ووزارة الدفاع الأكثر فسادا بالبلد ولم نر توقيفا واحدا فيها!

السيناريو الرابع: زيارة صهر ترامب السرية للمملكة

وفى هذا السياق يقول الكاتب مقتدر خان فى مقال بموقع هاف بوست، أنه لا يمكن مطالعة الأحداث المتلاحقة الواردة من المملكة بمعزل عن الزيارة السرية التي قام بها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة وكشفها موقع بوليتيكو الأسبوع الماضي .

وأضاف أنه تم القبض على الأمير وليد بن طلال المليادير السعودي الشهير، والذي يملك حصصا فى تويتر، وسيتي بنك وفوكس نيوز، وصاحب الانتقادات الشهيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو أيضا أحد مؤيدي التحرر فى المملكة وقد تم اعتقاله أمس بسبب الفساد.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الوليد بن طلال كان قد دخل فى مناوشات مع ترامب أثناء فترة ترشحه، ولكن ولي العهد نجح فى توطيد العلاقة معه، ويتمتع صهر ترامب اليهودي بعلاقة صداقة قوية مع ولي العهد.

ويشير البعض إلى أن الاعتقالات لا يمكن أن تمر دون موافقة أمريكية، تماما كما هو الحال خلال المقاطعة التي فرضتها المملكة ضد قطر، حيث كشف ستيف بانون، المستشار السابق للشؤون الاستراتيجية في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنّ زيارة الأخير للسعودية، في مايو الماضي، كانت وراء الحصار المفروض على قطر، والتغييرات داخل المملكة نفسها.