أكد نائب وزير المالية المصري للسياسات المالية أحمد كوجك، أن بعثة صندوق النقد ستزور مصر في الفترة ما بين نهاية أكتوبر الجاري وأوائل نوفمبر المقبل، تمهيدا لتسلم مصر الدفعة الثالثة من قرض الصندوق،والتي تبلغ قيمتها نحو ملياري دولار.

وحصلت مصر على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 2.75 مليار دولار خلال نوفمبر الماضي، من أصل القرض البالغ 12 مليار دولار، كما حصلت على الدفعة الثانية من قرض الصندوق في يوليو الماضي والتي بلغت 1.25 مليار دولار، وتنتظر الحكومة تسلم الدفعة الثالثة بقيمة2 مليار دولار.

وبين هذا وذاك يتحسس المواطن المصري -خصوصا محدود الدخل- حافظة نقوده التي باتت تشكو من الفراغ الشديد، وربما تشكو من الامتلاء بنقود لم تعد قادرة على سد احتياجاته واحتياجات أسرته بعد قرارات التعويم ورفع الدعم، ليبقى السؤال قائما: ماذا يحمل صندوق النقد للمصريين خلال الفترة المقبلة؟!

شروط الدفعة الثالثة

وفقا لخبراء، فإن الأيام القادمة ستشهد مزيدا من الإجراءات والقرارات استجابة لإملاءات وشروط صندوق النقد، تمهيدا لتسلم الدفعة الثالثة من الصندوق، بعد كثير من الشروط السابقة للدفعتين الأولى والثانية.

وتتمثل هذه الشروط في خمس نقاط وفقا لاقتصاديين:

أولا: ستقوم الحكومة خلال الفترة المقبلة بطرح ما تبقى من مصانع وشركات قطاع الأعمال، وبعض شركات البترول والبنوك في البورصة، والاستمرار في برنامج الخصخصة عن طريق بيع بعض الأصول المملوكة للدولة بحجة تخفيف أعباء خسارتها عن ميزانية الدولة؛ لأن أموال القرض لا يمكن أن تُنفق على شركات قطاع الأعمال الخاسرة، أو قد يُقترح طرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين الأجانب، وهو ما يدفع نحو التخوف من عدم قدرة مصر على سداد الأقساط المستحقة للصندوق.

ثانيا: رفع أسعار الوقود تدريجيا لإلغاء الدعم عن المحروقات والطاقة بحلول عام 2022، وزيادة تعريفة مياه الشرب بشكل تدريجي لمدة 5 سنوات متتالية، تنتهي بحصول المستهلك على المياه بسعر التكلفة الحقيقية بحلول 2019.

ثالثا: خفض ميزانية رواتب القطاع العام بتقليل عدد العاملين بالدولة، عند طريق الإطاحة بملايين الموظفين، ربما من خلال باب الاستغناء والمعاش المبكر للموظفين الحكوميين، والذي بدأ بقانون الخدمة المدنية الذي يعتبر شبه تجميد للأجور، وكذلك إعداد مقترح يقر خطة تدريب الموظفين، وإعادة تدويرهم بين المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية.

رابعا: الاستمرار في التحرر من الدعم، والتعجيل بالتحول إلى الدعم النقدي، فبعد أن كان المواطن يحصل على سلع مدعومة صار يحصل على مبلغ مالي (50 جنيها) وهو رقم لا يتناسب مع الارتفاع الكبير في أسعار السلع.

خامسا: استكمال خطة تسديد الديون المستحقة لشركات البترول العالمية العاملة في مصر، بعدما تم سداد 2.2 مليار دولار منها، ليتبقى 2.3 مليار دولار أخرى.

التضحية برغيف الخبر؟

ولأن رغيف الخبز هو أحد اهتمامات ملايين الفقراء من المصريين، فإن السؤال دائما يتردد مع كل زيارة مرتقبة لصندوق النقد: هل يتم الاقتراب من سعر رغيف الخبز؟ أم ستبقيه الحكومة على ماهو عليه.

وهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد أن الحكومة تعمل على تقليص الدعم على رغيف العيش، من خلال تقليل عدد الأرغفة المستحقة لكل مواطن تارة، والحديث عن تنقية بطاقات التموين وإخراج عدم المستحقين تارة أخرى.

ثمة تخوف آخر أثار القلق لدى أصحاب بطاقات التموين، حين قرر على المصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، منذ عدة أيام قصر صرف الخبز المدعم للمواطنين فى محل إقامتهم، وعدم استلام الخبز من منافذ البيع إلا بالمحافظة المقيم فيها صاحب البطاقة، وهي الخطوة التي اعتبرها البعض تقليصا لعدد المستفيدين من حصة الخبز، وربما تمهيدا لإلغائه.

السيسي ينتظر 2018

لكن وفي ظل كل التخوفات عند المواطنين، فإن آخرين يؤكدون أن تلك القرارات الصعبة، لن يقدم عليها السيسي قبل نهاية مدته الحالية، حيث سيرجئ تنفيذ تلك القرارات لما بعد انتخابات 2018، والتي يظل موقفها حتى الآن غامضا، فلم يعلن أحد بعد ترشحه أمام السيسي، ولم يعلن هو موقفه بشكل رسمي.

ويتخوف السيسي من الإقدام على مثل تلك الخطوات الصعبة لئلا تزيد حالة الغضب الشعبي ضده، فيفشل في إخراج مشهد انتخابات 2018 بالشكل الذي يخطط له، ولذا نصحه مقربون بتأجيل تلك الخطوات لما بعد تنصيبه رئيسا لفترة ثانية.

وتبقى قدرة حكومة السيسي على إقناع بعثة صندوق النقد بتأجيل تلك الخطوات الصعبة لما بعد يونيو القادم، هي المحدد الرئيسي لإقرارها خلال الفترة الحالية أو تأجيلها، بينما يبقى المواطن هو آخر مؤثر في المعادلة، وربما يكون خارجها بالأساس من وجهة نظر السلطة الحاكمة.