العدسة – معتز أشرف
أطاح رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، الخميس، بوزير الدفاع صدقي صبحي من منصبه، في مخالفة للدستور، وعين بدلًا منه اللواء محمد أحمد زكي، قائد الحرس الجمهوري في عهد الرئيس محمد مرسي، ولم تكفِ السنوات الخمس الماضية- التي أمضاها صدقي صبحي في التصفيق الحار لزميله بعد الإطاحة بمرسي- لاستمراره في منصبه المحصن دستوريًّا.
نرصد هذه اللحظات المفاجئة ونستشرف المقبل.
اللقاء الأخير
كان آخر لقاءات الجنرال صدقي صبحي مع الجيش، الثلاثاء 12 يونيو الجاري، في حفل إفطار القوات المسلحة في شهر رمضان الكريم، دون حضور السيسي الذي يحرص على إفطار الأسرة المصرية؛ حيث التقى صدقي صبحي بعدد من القادة والضباط والصف والجنود من رجال القوات المسلحة بقوات الدفاع الجوي، والمنطقة الغربية العسكرية، وهيئة الشؤون المالية، وهيئة القضاء العسكرى، وإدارة المشاة، وإدارة المدفعية، وهيئة الإمداد والتموين، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، حيث شاركهم تناول الإفطار وتقديم التهنئة لهم بقرب حلول عيد الفطر.
وشمل اللقاء دعمًا غير مسبوق لمضامين خطابات السيسي من صدقي صبحي، ونقل فيه تحية الجنرال عبدالفتاح السيسى لرجال القوات المسلحة وتقديره لما يبذلونه من جهود وتضحيات للحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية حدود الدولة، عبر كافة الاتجاهات الاستراتيجية للدولة، مقدمًا التحية لشهداء القوات المسلحة والشرطة الذين قدموا أرواحهم فداءً لوطنهم خلال المواجهات المستمرة مع قوى التطرف والإرهاب، وأكد أن العقيدة القتالية والإيمانية الخالصة هي أنهم “خير أجناد الأرض” وخط الدفاع الأول عن مقدرات الشعب المصرى العظيم، مشددًا على أن القوات المسلحة تعمل بأقصى درجات اليقظة والاستعداد لفرض سيادة الدولة، وتأمين حدودها والتصدّي بكل حسم لكل من تسول له نفسه المساس بحدود مصر.
الجنرال المقال، كان متحمسًا في عباراته الأخيرة، معربًا عن سعادته بالنجاحات المتلاحقة لرجال القوات المسلحة والشرطة خلال معركة الكرامة والشرف التي يخوضونها في سيناء من أجل القضاء على الإرهاب، مشددًا على أن القوات المسلحة آلت على نفسها أن تبذل أقصى طاقة ممكنة وبعقيدة قتالية راسخة في التفاني للعمل والعطاء من أجل مصر وشعبها العظيم، مشيرًا إلى حاجة الوطن في المرحلة الحالية إلى جهد المخلصين من أبنائها الذين يؤثرون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار متمسكين بالروح القتالية التي تُعِينهم على الوفاء بإنجاز المهام والمسؤوليات التي تسند إليهم.
وتحققت التوقعات
ورغم ذلك تحققت توقعات عديدة راجت في الفترات السابقة حول الإطاحة بصدقي صبحي من منصبه ورصدها (العدسة)، خاصة مع إقدام الرئيس المصري على إجراء تعديلات دستورية، تسمح له بتمديد مدة الرئاسة إلى ستّ سنوات، وترفع الحصانة عن منصب وزير الدفاع، وكانت الحصانة، وُضعت بنص الدستور، بُغية تقاسم السلطة بين أبناء المؤسسة العسكرية بعد الثلاثين من يونيو 2013، ولكن فاجأ السيسي الجميع بالإطاحة بالرجل قبل ساعات من عيد الفطر.
وأعطت المادة 234 الحصانة لوزير الدفاع، ونصّت على أن يكون تعيينه بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومنحته الحق في الاستمرار في منصبه لدورتين رئاسيتين كاملتين، من المفترض أن يكونا فترتي الرئيس السيسي.
وتعددت المؤشرات عن عدم التوافق في العلاقة بين الرئيس ووزير الدفاع، فعلى الرغم من تلك الحالة من التناغم التي سادت العلاقة بين وزير الدفاع والرئيس السيسي عند توليه مقاليد الحكم، حيث الظهور الدائم لـ «صبحي» برفقة الرئيس في معظم الفعاليات السياسية، وفي تفقد المواقع العسكرية والمصابين من الجنود والمدنيين، والتصفيق الحار، فإن هذا المشهد لم يتكرر في مرات كثيرة.
واختفى “صبحي” ولا يكاد يظهر إلا منفردًا، وغاب عن الكثير من الفعاليات التي كان من المفترض أن يتواجد فيها برفقة الرئيس بحكم منصبه كوزيرٍ للدفاع، وترافق هذا مع كثرة التسريبات عن بوادر خلاف بين الجانبين على خلفية رفض “صبحي” لتدخل الرئيس بأمور الجيش، متجاهلًا إياه كوزير للدفاع، وقد زاد من حدة الأمر ترقية الرئيس السيسي لصهره، محمود حجازي رئيسًا للأركان، ليحتل بذلك المنصب الأكثر أهمية بعد وزير الدفاع، وليوكل إليه الرئيس مهمة إدارة الملف الليبي، الذي يشغل الحيز الأكبر من اهتمامات الرئيس وتطلعاته، مما رآه البعض خطوة تمهيدية لمهمةٍ ما، قبل أن يقوم بالإطاحة به وتعيينه كمستشار في الرئاسة.
كما تزامن ذلك أيضًا مع تزايد الحديث عن الخلاف بين الجانبين على خلفية عدد من القضايا، منها قضية جزيرتي «تيران وصنافير»، التي لم يوقّع وزير الدفاع عليها، ثم أجبر على التوقيع عليها، كما ترددت أنباء عن أن السيسي حاول إقناع “صبحي” بالتخلّي عن منصبه طواعية ليتولى منصبًا استشاريًّا عاليًا بدلًا منه، إلا أنّ “صبحي” رفض كل العروض، وتمسّك بمنصبه وزيرًا للدفاع خلال الفترة السابقة.
مصادر جماعة الإخوان المسلمين تحدثت في فترات سابقة عن أن وزير الدفاع أجرى تواصلًا مع قيادات بارزة في جماعة «الإخوان المسلمين» عام 2014، تقدم خلالها بعرض عبر وسيط خليجي لإزاحة الرئيس وتولي الأمور على أن تدعم الجماعة هذا التغيير.
وكشف قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين، أن “الجماعة ممثلة في إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، تأخرت في الردّ على رجل الأعمال الخليجي، مما أثار غضبه، وقال: إنّ الفرصة قد فاتت”.
اضف تعليقا