نشرت مجلة glis atigenerali الإيطالية تحقيقا مطولا عن الحملة المنظمة ضد قطر، كشفت فيه عن الأسماء والأشخاص الذين يمولوها وعلاقاتهم المشبوهة بشركات غسيل أموال، كما كشف التحقيق أيضاً تلقي صحفيين فرنسيين وعناصر في اليمين الفرنسي تمويلا إماراتيا سعوديا تحت غطاء عمل سياسي وتجاري.

كشف التقرير عن اسم منظمة غير حكومية، تم استخدامها لخدمة مؤامرة ممولة من السعودية والإمارات ، وهي منظمة Global Watch Analysis – GWA، منظمة حديثة لم يمر عام على إنشائها حتى الآن، يقول مؤسسوها أن الهدف منها أن تتابع الحركات الجيوسياسية للكوكب وتراقب التغيرات التي تحدث للسكان وحكوماتهم واقتصاداتهم.

المنظمة المزعومة، تضم 12 شخصاً فقط، اتحدوا لغرض واحد: تشويه سمعة قطر وإعطاء الانطباع بأن هذا البلد الصغير، هو مركز الجهاد العالمي والممول الأكبر لمعظم الهجمات الإرهابية في أوروبا وأماكن أخرى، وهو ما وصفته المجلة بأنه انطباع “أحمق”.

أول الأسماء الذين تناولهم التقرير، كان لصحفي في صحيفة “Le Figarò” الفرنسية، يدعى جورج مالبرونوت، وهو رجل لا يُعرف عنه سوى أنه صحفي يعيش في مدينة جنيف، يكتب في الصحافة المحلية في سويسرا الناطقة بالفرنسية، وشريك عضو برلماني مصري موال لنظام السيسي، وصحفي آخر صحافي من “فرانس 24” طُرد بسبب تصريحاته المتطرفة المعادية للسامية والجهاد، صحفيان فرنسيان ، تستند سمعتهما إلى حقيقة أنهما اختطفا أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2004، ورئيس سابق في إحدى الصحف- فصل من عمله بسبب تشويه سمعة عدة أشخاص في برامجه.

وبين التقرير أن المنظمة تُدار من قبل بعض محاميي رجال الأعمال البريطانيين، ويتم تمويلها من قبل “مركز البوابة” في القاهرة، والذي بدأ وكأنه مؤسسة ثقافية وصحافية، ولكن اتضح فيما بعد أنها مجرد شركة مالية قابضة تسيطر عليها وتدعمها حكومة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 100%.

سبب الحملة كان واضحاً وفقاً للمجلة، حيث قالت إنه على مر السنين، أثبتت قطر أنها حليف مخلص للغرب، وأنها كذلك دولة مستنيرة ومتقدمة، اهتمت بالتنمية الاقتصادية مسبقًا تحسبًا لانتهاء عصر النفط.

وبطبيعة الحال، فإن للإسلام مكانة مهمة وعالية في قطر، وأصبحت راعي لسلسلة – لا نهاية لها- من المشاريع الإنسانية، معظمها تحت رعاية اليونيسف ومنظمة الأغذية والزراعة، والتي تنفق مليارات الدولارات سنويًا لتوفير مياه الشرب والغذاء والأدوية والآلات لأفقر مناطق العالم .

ليس هذا كل شيء، على صعيد آخر، وبذكاء كبير -كما وصفته المجلة-  تقوم قطر من خلال هيئة الاستثمار القطرية  (QIA) بدعم وتنظيم الأحداث الرياضية والثقافية الكبرى ذات الأهمية العالمية، مثل أكبر متحف للفن الحديث في العالم، وكأس العالم لكرة القدم، وبطولة العالم لألعاب القوى والعديد من الأحداث الرياضية الأخرى، مثل سباق الفورمولا 1 الكبير.

كما قامت هيئة الاستثمار القطرية بشراء نادي  باريس سان جيرمان، وتحويله إلى واحد من أقوى فرق كرة القدم في أوروبا، كما تقوم برعاية أندية أخرى، مثل AS Roma ، ذات مئات الآلاف من المشجعين، في العالم كله وليس فقط في أوروبا الغربية.

اعتبرت المجلة أن هذه الخطوات هي طريقة لصنع دعاية ناجحة ، أكثر بكثير من تلك التي يمتلكها تحالف (المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة) أو حتى إيران – جميع تلك البلدان تستثمر أموالها في تحالفات عسكرية، أو تستنزفها بمعنى أدق، ليصبح موقفها من الإرهاب نفسه غامضاً في بعض الأحيان.

قال التقرير أن أمر هذا “اللوبي” فُضح بفضل نشر كتاب في فرنسا بعنوان “أوراق قطر”، حيث ضم الكتاب عدد من الوثائق الرسمية الأصلية المسروقة، ربما من قبل موظف “غير مخلص”، أو من قبل بعض الصفقات السرية، لتقدم هذه الوثائق تفسيراً مجانياً وحلولاً للعديد من الألغاز التي تلت اختفاء هذه الوثائق.

أغلب الوثائق كان لأهم منظمة مساعدات إنسانية في قطر، وهي مؤسسة قطر الخيرية، حيث يوثق الكتاب النفقات التي تصل إلى حوالي 5% من نفقات المؤسسة لدعم العديد من المساجد والمراكز الإسلامية المنتشرة في جميع أنحاء أراضي الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا، استدل الكتاب في محتواه أيضاً على عدد من المواد المتاحة بالفعل عبر الإنترنت على صفحة المؤسسة، ولكن في الكتاب يتم عرضها باعتبارها مواد لتمويل الإرهاب بصورة غير مباشرة.

وأوضح التقرير أنها ليست المرة الأولى التي ينشر فيها مؤلفا الكتاب مواد تتفق مع هذه الآراء وتهاجم قطر أُممياً وتدين المسؤولين الفرنسيين الذين يتعاونون معها، حيث نشرت “لو فيجارو” الفرنسية من قبل أن جورج مالبرونوت وكريستيان شيزنو “راديو فرنسا الدولي”، سبق ونشرا كتاب “أمراؤنا الأعزاء”، هاجموا فيه اليسار البرلماني الفرنسي لذات الأسباب، وترتب عليه قيام إحدى الشخصيات المذكورة في الكتاب، السيناتور أليكسيس باشلاي، برفع دعى ضدهم بتهمة التشهير وفازوا بحق المؤلفين في المحكمة المدنية وفي المحكمة الجنائية.

وتحدث التقرير عن كتاب آخر لجورج مالبرونوت، والذي كتبه بعد حوار مع ناصر البحري، عضو تنظيم القاعدة وسائق وحارس شخصي لأسامة بن لادن، الملقب أبو جندل – أبو الموت.

ولتحقيق مبيعات عالية، قام أعداء قطر هذه المرة ببناء “آلة تشهير” عالمية، والمقصود هنا – جورج مالبرونوت- وبدأوا في دعم مالبرونوت من خلال دعوته إلى المؤتمرات والبرامج الحوارية، ومنحه (من بين أمور أخرى) دور المتحدث الرئيسي في جلسة منتدى الإعلام السعودي، في 3 ديسمبر/كانون الأول 2019 ، أمام عدد كبير من الحضور ضم شخصيات كبيرة من العائلة المالكة السعودية.

ابتكر مالبرونوت عدة طرق لجعل حياته المهنية مربحة اقتصادياً، والتي بدأ نجاحها في عام 2004، عندما تم اختطافه مع شريكه في كتاب “أمراؤنا الأعزاء” كريستيان شيزنوت بالقرب من مدينة النجف (شمال العراق) وظل رهن الاحتجاز لمدة أربعة أشهر تقريبًا، ليتم إطلاق سراحه بلا خدش ولا فدية (أفاد الاثنان أنهما احتجزا داخل غرفة كبيرة، مع حمام ودش، وكانوا يأكلون جيداً، ويشاهدون التلفزيون يومياً مع الخاطفين)، واستغل الصحفيان هذه التجربة لنشر سلسلة من الكتب فيما بعد خدمتهما مادياً ومهنياً بصورة كبيرة.

قبل بضع سنوات غادر صديق وزميل مالبرونوت، الرجل المسؤول عن تنظيم أحداث  “Le Figarò”، ليونيل رابيت، وقام بتأسيس شركة ( Croisières d’Exception Sarl Paris ) المتخصصة في الرحلات البحرية، وقد أحاط هذه الشركة جدلاً كبيراً حول مصدر تمويلها أو الأرباح الخيالية التي حققتها في فترة وجيزة، حيث أبلغت الشركة عن مبيعات بأكثر من 10 مليون يورو سنويًا قبل أن تبدأ أول رحلة بحرية لها، والتي بدأت في يناير 2019 ومنذ ذلك الحين، نمت مبيعاتها بمقدار 4 ملايين يورو أخرى.

منظمة GWA هي شركة مسجلة في باريس، تدير CEMO du Moyen Orient، وهي شركة أخرى مسجلة في فرنسا مكرسة لتشويه قطر، ولها ارتباط وثيق بمركز الدراسات “البوابة” الذي تأسس في مصر تحت رعاية الرئيس السيسي برئاسة أحد أكثر أعضاء حزبه إخلاصاً، عبد الرحيم علي، الذي قام بعد نشر “أوراق قطر” بنقل منزله ومنظمته من مصر إلى فرنسا برفقة مجموعة من الصحفيين، برئاسة الصحفي “Atmane Tazaghart” وفريق من الصحفيين الفرنسيين السابقين، الذين تم فصلهم من عملهم بسبب معاداة السامية أو لقيامهم بتزوير عدد من الوثائق والأخبار، ويشترك معهم السويسري إيان هامل، المؤلف الرئيسي لمنشورات بوابات الويب CEMO ، كما نشر كتاب حول سيرة “طارق رمضان” حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وهو كتاب قيد التحقيق في سويسرا بتهمة التشهير وتزوير وثائق.

منظمة GWA مع البوابة الفرنسية CEMO يديران حملة شرسة ضد قطر بطرق مختلفة، عن طريق مؤتمرات صحفية لا تنفك عن الانعقاد بحضور سياسيين من اليمين الفرنسي، أو مقاطع فيديو على شبكة الانترنت لخدمة ذات الأفكار التي تهدف إلى الترويج، خاصة في العالم الأنجلو ساكسوني، لكتاب “أوراق قطر”، وحملات التشهير ضد حكومة قطر.

ولفت التقرير إلى فصل آخر من رحلة عدم الشفافية التي يتبعها الصحفيون والمسؤولون المُشار إليهم، حيث تساءل التقرير عن الجهة التي ستنشر النسخة الإنجليزية الرسمية من “أوراق قطر”؟!.

شعار GWA يوجد على غلاف الكتاب، ولكن لا يمكن أن تكون المنظمة هي جهة النشر لأنها ليست ناشرًا إنجليزيًا، بل شركة مالية فرنسية، إلا أنه يظهر بجانب شعار المنظمة اسم شركة النشر الحقيقية، Averroes et Cie–  وهي شركة تأسست في عام 1998 من قبل بعض الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي التونسي، الذين اشتروا مكتبة في باريس، ويمكنها النشر في إنجلترا.

لا تزال هذه المكتبة موجودة، وهي مملوكة لناشطة نسوية تونسية مرموقة في فرنسا، ولكن هذه هي المكتبة، لم تقدم الشركة بيانات مالية منذ عام 2004، وبالتالي من المفترض أنها أوقفت نشاطها.

وأشار التقرير أن شخصاً – لم يُعلن عنه بعد- استولى عليها ونقل مقرها إلى مركز إسلامي في باريس، ولمعرفة من هو المالك الجديد، يجب أن ننتظر حتى يونيو/حزيران ، حيث سيضطر الملاك الجدد إلى الإدلاء بشهادتهم حول المستندات القانونية الجديدة.

من جهة أخرى، لفت التقرير إلى أن منظمة GWA قامت بالإعلان عن اسم شركة جديدة ”  “States Report Publishing، وهي شركة ذات مسؤولية محدودة في لندن، استوفت كافة الإجراءات ليكون النشر قانونياً، ولكن من هو مالك هذه الشركة التي تأسست عام 2008 والتي كانت غير نشطة لأكثر من ثلاث سنوات؟ غير معروف أيضاً!

لا تزال جميع أنشطة CEMO و GWA والشركات ذات الصلة غامضة، الشيء الوحيد المعروف هو أنها تواصل مهاجمة دولة قطر، التي تعتبرها العدو اللدود والوحيد، وتسعى بكل أدواتها لزعزعة استقرار المساجد المرتبطة بالمؤسسات الخيرية التي تدعمها مؤسسة قطر الخيرية

.

للاطلاع على التقرير كاملاً من المصدر اضغط هنا