في خطوة مفاجئة وحاسمة، سيطرة قوات حكومة الوفاق على قاعدة الوطية غرب ليبيا، ما يشكل منعطفا بارزا في الحرب ضد اللواء الانقلابي خليفة حفتر، لاسيما وأنها تشكل خسارة لغرفة عمليات رئيسية ومواقع إستراتيجية تحرمه من السيطرة الجوية التي وفرت لهم سابقا تفوقا جويا للطيران في مدن الغرب الليبي.

ويعتبر الانتصار بمثابة الهزيمة العسكرية الأكبر لميليشيات حفتر وداعميها، كما تعتبر بمثابة أكبر خسارة للإمارات في ليبيا والتي كانت تعتبرها بمثابة قاعدة عسكرية لها في الخارج، إلى جانب أنها مثلت إهانة للصناعات الدفاعية الروسية بعدما جرى تدمير ثلاث من منظومات بانستير الدفاعية الروسية والسيطرة على رابعة خلال الساعات الماضية.

 

انتصار تركيا وهزيمة الإمارات

ولم تكن قوات الوفاق لتتمكن من الحسم في قاعدة الوطية لولا التدخل العسكري التركي الذي جاء ليقلب موازين القوى على الأرض بعدما قدمت أنقرة الدعم اللوجستي والتدريب والتخطيط العسكري لحكومة الوفاق ما مكنها من تعزيز قواتها والانتقال من موقع الدفاع إلى الهجوم وتحقيق انتصارات عسكرية متتالية.

ففي الأسابيع الأخيرة، تمكنت قوات الوفاق من السيطرة على 8 مدن ساحلية غربي ليبيا وطرد ميليشيات حفتر منها أبرزها صبراته وصرمان، وأطلقت عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مدينة ترهونة وإنهاء خطر هجمات ميليشيات حفتر على العاصمة طرابلس، إلى جانب محاصرة قاعدة الوطية الجوية أبرز نقطة تمركز عسكري لميليشيات حفتر وداعميه غربي ليبيا قبل أن تسيطر عليها بشكل كامل، صباح الإثنين.

 

 

 

 

 

 

 

 

ومع سقوط الوطية، خسرت ميليشيات حفتر أي فرصة لإعادة بناء وترتيب صفوفها في غرب ليبيا، حيث كانت الوطية بمثابة مركز تجميع القوات واستقبال التعزيزات العسكرية التي كانت تصل من قاعدة الجفرة الجوية وسط البلاد، وبناء على ذلك فإنه يمكن القول إن سقوط الوطية بيد الوفاق بمثابة أكبر هزيمة استراتيجية لحفتر وداعميه.

كما أن خسائر الإمارات لم تقتصر على الخسائر السياسية والعسكرية بل وتمتد إلى الاقتصاد، حيث صرفت الإمارات على حفتر مئات ملايين الدولارات على أمل السيطرة على كامل ليبيا قبل أن يبدأ بالانحسار ودفعت له ثمن المنظومات الدفاعية الروسية باهظة الثمن والتي حولتها الطائرات التركية من دون طيار إلى قطع من الحديد. يضاف إلى ذلك أن حكومة الوفاق كانت مؤخراً قد اتهت الإمارات باحتلال القاعدة واعتبارها قاعدة إماراتية في ليبيا، وخسارتها يعني ضربة للمشروع الإماراتي في ليبيا بشكل عام.

 

إهانة روسية بالغة

ومثل تحرير قاعدة الوطية انتكاسة كبيرة بالنسبة لروسيا أيضا بعدما تمكنت الطائرات التركية المسيرة من دون طيار من تدمير ثلاث وحدات من منظومة بانتسير الدفاعية الروسية في ليبيا خلال ساعات بينما تمكن عناصر حكومة الوفاق من السيطرة على منظومة رابعة في قاعدة الوطية الجوية التي سيطروا عليها، الإثنين، عقب طرد ميليشيات حفتر منها، في أقسى ضربة تتعرض لها الصناعات الدفاعية الروسية في ليبيا، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة “إهانة” للصناعات الدفاعات الدفاعية الروسية وتفوق غير مسبوق للطائرات التركية المسيرة من دون طيار.

وسبق أن وجهت الطائرات التركية ضربة مشابهة للمنظومة الروسية في إدلب بداية العام الحالي، حيث أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تدمير 8 منها في المواجهة الأخيرة بمحافظة إدلب شمالي سوريا، وفي ليبيا وإدلب بثت جهات تركية من خلال حسابات على “تويتر” مقاطع فيديو أظهرت بالتصوير الجوي لحظات تدمير المنظومات. وأظهرت المشاهد لحظات تدمير المنظومة بواسطة الطائرات التركية المسيرة من طراز “بايرقدار”.

وعلى غرار ما جرى إبان معركة إدلب، كتب آلاف المغردين طوال الأيام الماضية حول أداء الطائرات التركية من دون طيار، معتبرين أنها أثبتت فعالية عالمية غير مسبوقة وقدمت نموذجاً مصغراً لطبيعة الحرب في السنوات المقبلة، والدور الذي ستلعبه الطائرات من دون طيار في أي مواجهات عسكرية مقبلة في العالم، واعتبروا أن الضربات ضد المنظمات الدفاعية الروسية تعتبر بمثابة “إهانة للصناعات الدفاعية الروسية”.

 

ماذا بعد الوطية؟

من جانبها، تدرس حكومة الوفاق الوطني الخطوات العسكرية القادمة، في حين قال الجيش الليبي إن هذا الانتصار سيسهم في تحرير جنوبي العاصمة طرابلس وترهونة من قبضة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

من جانبه، قال مصدر حكومي ليبي رفيع المستوى إن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في حالة انعقاد دائم لدراسة الخطوات القادمة بعد استعادة القاعدة (140 كيلومترا جنوب غرب طرابلس)، التي ظل يسيطر عليها موالون لحفتر عدة سنوات، وكانت منطلقا لهجمات جوية وبرية، وأضاف أن المجلس الرئاسي مستمر في خطته العسكرية لتحقيق أهدافه واستكمال سيطرة حكومة الوفاق وبسط نفوذها على كامل التراب الليبي.

من جهته، قال رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج إن السيطرة على قاعدة الوطية الجوية ليست نهاية المعركة، بل تُقرِّب قوات حكومة الوفاق من تحرير كافة المدن والمناطق، والقضاء نهائيا على مشروع الاستبداد، مضيفا أن ما جرى يجعل “يوم النصر الكبير” قريبا أكثر.

وأعلن السراج بصفته القائد الأعلى للجيش -في بيان- فخره واعتزازه بتحرير قاعدة الوطية من قبضة من وصفها بالمليشيات الإجرامية والمرتزقة الإرهابيين، مشيدا بشجاعة قوات الوفاق.