اعتبر الكاتب الإسرائيلي البارز “تسيفي برئيل”، أن الطرح الذي ساقه السفير الإماراتي في واشنطن “يوسف العتيبة” في مقاله بصحيفة “يديعوت أحرونوت” “يخدم المصالح الإسرائيلية”.
في الوقت الذي طالب فيه “برئيل” حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بالتعاطي بإيجابية مع مقال “العتيبة بشأن خطة ضم تل أبيب لأجزاء من الضفة الغربية.
وامتدح “برئيل” المقال بشدة، معتبرة “وثيقة سياسية” مطالبا رئيس الوزراء الإسرائيلي باعتباره كذلك.
وفي مقاله المنشور بصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، الجمعة الماضي، رأى الإماراتي “العتيبة” أن “قرار إسرائيل بالضم، سيشكل علامة لن يكون بالإمكان تجاهلها”، معتبرا أن العرب كانوا يودون أن يروا إسرائيل)كفرصة وليست عدو، متابعا: “نحن نقف أمام أخطار مشتركة كبيرة جدا، ونرى الإمكانية الكامنة الضخمة في إقامة علاقات دافئة أكثر”.
فيما يرى “برئيل”، من خلال مقاله بصحيفة “هآرتس”: أن “في هذه الجمل التي كتبها العتيبة، يكمن جوهر الرؤية التي توجد لدى الإمارات ومعظم الدول العربية؛ فمن جهة، إسرائيل هي حقيقة واقعة، شريكة بشكل فعلي في الصراع الذي يجري ضد نفوذ إيران في المنطقة، وهي حيوية لتعزيز العلاقات بين الدول العربية وواشنطن، ومن جهة أخرى، تقف المشكلة الفلسطينية التي بدون حلها، هذه الإمكانية لن تتحقق”.
وأوضح أن “ما كتبه العتيبة يوضح بصورة قاطعة، أن التقارير حول تأييد الدول العربية، خاصة دول الخليج لخطة الضم لا أساس لها”، مشيرا إلى أنه “يمكن أن يكون للضم تداعيات سياسية خطيرة، منها ما سيضع الأنظمة العربية أمام رأي عام محلي مناكف يلزمها بالامتثال له”.
وتابع: “هذا الرأي العام تم التعبير عنه في الردود القاسية في الشبكات الاجتماعية، وفي أقوال محللين عرب، سواء بسبب نشر مقال “العتيبة” في صحيفة إسرائيلية، أو بسبب مضمون الأمور التي تعرض (إسرائيل) كفرصة، موضحة أن من أدان المقال ومن بينهم؛ “حماس”، و”الجهاد الإسلامي”، و”فتح”، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، رأوا أن “هذا النشر خرق واضح لسياسة عدم تطبيع العلاقات مع تل أبيب”.
وأكد “برئيل”، أن “الردود على المقال تتقزم إزاء الخوف الفوري، من أن الضم يمكن أن يستخدم كذريعة لمظاهرات صاخبة في الأردن، ستضع الملك عبدالله أمام معضلة استمرار اتفاق السلام، ويمكن أن تنزلق أيضا لدول أخرى”، منوها أن “الضم يحطم جوهر مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية عام 2002، وطلب فيها من (إسرائيل) الانسحاب من جميع المناطق المحتلة، مقابل التطبيع وحزام أمني عربي”.
وذكر أن “إسرائيل تزعم أن الضم يوجد في خطة السلام للرئيس الأمريكي دونالد لترامب، لكنها تتجاهل أن واشنطن تعتبر الضم جزءا من خطة كاملة تشمل إقامة دولة فلسطينية، واستهدفت بناء شبكة علاقات جديدة بين (إسرائيل) والدول العربية”.
وقال الكاتب إن “محاولة ترجمة تأييد عدد من الدول العربية لخطة ترامب، إلى موافقة على ضم أحادي الجانب، هو تضليل متعمد، يمس باحتمالية تعزيز العلاقات مع دول الخليج، وبمكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لذا الأمر يتعلق بمقال هام ينقل رسالة شديدة ودقيقة، سواء لإسرائيل أو للإدارة الأمريكية”.
وأشار “برئيل” إلى أن “مقالات كهذه، استهدفت التحدث مباشرة إلى الجمهور من فوق رؤوس الحكومات، وهي تنشر بشكل عام بعد فشل جهود دبلوماسية؛ سرية أو علنية بين زعماء الدول وممثليها”، منوهة أن “الإمارات لا تتحدث باسم دول الخليج، لكنها تعرض قاسم مشترك غير رسمي، يوضح الخط الأخضر، الذي يقيد المواقف العربية بالنسبة لإسرائيل”.
وتابع: “محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات، لا يتحدث فقط عن علاقات الدولة مع إسرائيل، مثلما تم التعبير عن ذلك في زيارات لرجال أعمال إسرائيليين إلى دبي، أو إرسال طائرات هبطت في مطار بن جوريون، بل يعمل بالتشاور مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للدفع قدما بخطة ترامب (صفقة القرن)”.
واعتبر الكاتب الإسرائيلي أن “الإمارات هي الأكثر تأثيرا في واشنطن بعد خفوت نجم السعودية في أعقاب قتل الصحفي جمال خاشقجي على يد رجال أمن سعوديين، كما يبدو بتعليمات مباشرة من ولي العهد محمد بن سلمان”، لافتا إلى أن “العتيبة (46 عاما)؛ أحد الأشخاص المقربين جدا من الولايات المتحدة، وهو الصديق المقرب لجاريد كوشنر، صهر ترامب”.
وأضاف: “عمل العتيبة كوسيط ربط بين كوشنر ومحمد بن سلمان، وعمل كمرشد لكوشنر في شؤون الشرق الأوسط”، بحسب الصحيفة التي نبهت إلى أن “شبكة العلاقات هذه والمكانة التي حظي بها في واشنطن، يمكن أن تشير إلى أن المقال شاهدته أعين كبار الشخصيات في أمريكا، وربما حتى كوشنر، قبل نشره”.
ولفت “برئيل” إلى أن “سلوك العتيبة يذكر بدرجة كبيرة بسلوك السفير السعودي في واشنطن، بندر بن سلطان، الذي خلال عشرات السنين، أملى باسم المملكة سياسة الولايات المتحدة تجاه الدول العربية”.
منوهة إلى أن “موقف الإمارات يسمع جيدا في واشنطن، وليس فقط في القضية الفلسطينية؛ فهي مشاركة بصورة فعلية في القتال في ليبيا (داعمة للزعيم الانفصالي خليفة حفتر)، وهي كانت شريكة للسعودية في حرب اليمن، وبعد أن قامت بسحب قواتها بضغط من أمريكا، اضطرت السعودية إلى البدء في مفاوضات مع الحوثيين”.
وأوضح أنه “بفضل استثماراتها الضخمة في دول الشرق الأوسط؛ ولا سيما في مصر، الأردن والسودان، وقرار استئناف علاقاتها مع سوريا، تحولت من دولة هامشية على الصعيد السياسي لدولة لها روافع ضغط مهمة في الخطوات السياسية في المنطقة، بما في ذلك في إيران، التي وقعت معها اتفاقات بشأن الدفاع عن الملاحة في الخليج”.
واختتم الكاتب الإسرائيلي مقاله، بالقول: “المطلوب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التعامل مع المقال، على أنه وثيقة سياسية تم توزيعها من أجل أن يفحصها زعماء الدول، وليس فقط لتشاهدها عيون الجمهور الإسرائيلي”، مؤكدة أن “العتيبة لا يعتبر وسيط يحاول أن يبيع إسرائيل سياسة سيئة، بل يطرح عددا من المصالح التي تحققها سيخدم إسرائيل أكثر مما يخدم مصالح الإمارات، كما لا يمكنه البقاء بدون أي رد”.
والسبت الماضي، نددت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة بمقال السفير الإماراتي في أمريكا “يوسف العتيبة”، الذي نشرته الجمعة، صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، وطالبوه وبلاده بوقف استجداء التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ولا تقيم الإمارات علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، رغم التقارير العديدة عن وجود اتصالات غير معلنة بين البلدين.
اضف تعليقا