لا يتوقف عبد الفتاح السيسي بعد سبع سنوات من انقلابه العسكري في يوليو2013  عن مسارعة الخطى لعسكرة كل مناحي الحياة في مصر، ورغم الفشل المتكرر الذي حققته الإدارة العسكرية للمؤسسات علي مدار السنوات الماضية، يواصل السيسي-وعبر مجلس النواب – إقراره للقوانين التي يعطى بموجبها للجيش والمؤسسة العسكرية امتيازات وصلاحيات لا حصر لها.

ولا يتردد مجلس النواب المؤيد في غالبيته للسيسي من الموافقة على مشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة، والتي من شأنها تعزيز سلطة الجيش، وتثبيت دولة العسكر باعتبارها دولة داخل الدولة أو فوق الدولة كما يرى كثير من المراقبين.

العسكرة لا تتوقف

وفي خطوة جديدة تجاه ترسيخ العسكرة داخل المؤسسات المصرية، وافق مجلس النواب، الإثنين، على قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون بشأن “منظمات الدفاع الشعبي”، والذي يقضي بتعيين مستشار عسكري لكل محافظة، بالإضافة لعدد كاف من المساعدين يتم تعيينهم من وزير الدفاع.

وتتضمن التعديلات إضافة مادتين جديدتين للقانون أولاهما برقم 5 مكرراً ” لتقضي بأن يكون لكل محافظة مستشار عسكري وعدد كاف من المساعدين يصدر بتعيينهم وتحديد شروط شغلهم الوظيفة قرار من وزير الدفاع”.

وحددت التعديلات “اختصاصات المستشار العسكري للمحافظة، والتي تشمل المساهمة في المتابعة الميدانية الدورية للخدمات المقدمة للمواطنين والمشروعات الجاري تنفيذها والتواصل الدائم مع المواطنين في إطار الحفاظ على الأمن القومي بمفهومه الشامل ولتحقيق موجبات صون الدستور والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة والتنسيق مع الجهات التعليمية على مستوى المحافظة لتنفيذ منهج التربية العسكرية وفقا للقواعد التي تحددها وزارة الدفاع”.

كما تضمن مشروع القانون بأن تشتمل «التربية العسكرية» للطلبة والطالبات على التدريب والثقافة العسكرية والخدمة الطبية ومواجهة الأزمات والتحديات والتعريف بالمشروعات القومية ودور القوات المسلحة في صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة طبقا للمناهج التي تحددها وزارة الدفاع.

ولم تتوقف الامتيازات الممنوحة للعسكريين منذ مجيء السيسي للحكم والتي كان آخرها في إبريل الماضي حيث صادق عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 21 لسنة 2020 الخاص بتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر، والذي تضمن زيادتها سنويا فى أول يناير من كل عام بنسبة 15% لمدة سبع سنوات، لتتجاوز بذلك الزيادات الممنوحة للعسكريين منذ مجيء السيسي للحكم العشر زيادات، في مقابل خمس زيادات فقط على معاشات المدنيين.

وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقرير سابق لها أن الجيش يسيطر على نحو 60% من اقتصاد مصر، وأوضحت الصحيفة أن مشاريع للبنية التحتية، تتجاوز تكلفتها نحو 1.5 مليار دولار ذهبت إلى القوات المسلحة بين سبتمبر وديسمبر 2013 فقط، كما يعد الجيش المالك الأكبر للأراضي غير الزراعية في مصر، والتي تشكل 87% من مساحة البلاد، وذلك بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية.

استثناء من خصم الرواتب

وفي ذات السياق فقد أعفي مجلس النواب جميع المنتمين للقوات المسلحة وجهاز الشرطة، سواء من الموجودين حالياً في الخدمة أو من أصحاب المعاشات العسكرية من قانون خصم الرواتب الذي أقره المجلس منذ أيام لمواجهة جائحة كورونا.

ونص مشروع القانون على “خصم نسبة 1% من صافي دخل العاملين في كل قطاعات الدولة، المستحق من جهة عملهم، أو بسبب العمل تحت أي مسمى، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو البنوك، ونسبة 0.5% من صافي الدخل المستحق من المعاش لأصحاب المعاشات، وذلك بصورة شهرية اعتباراً من أول يوليو/ تموز 2020، ولمدة 12 شهراً قادمة”.

وأعفى القانون أصحاب الدخول والمعاشات، الذين لا يزيد صافي دخولهم ومعاشاتهم شهرياً على 2000 جنيه (123 دولارا تقريبا)، من أحكام القانون، وكذلك جميع المنتمين للقوات المسلحة وجهاز الشرطة، سواء من الموجودين حالياً في الخدمة أو من أصحاب المعاشات العسكرية”.

وعزا وزير المالية، محمد معيط، تقدم الحكومة بمشروع القانون إلى “الحد من الآثار السلبية الناتجة عن انتشار الأوبئة، في ظل ما تعانيه مصر من مشكلات اقتصادية بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا”، مدعياً أن “الحكومة مُلزمة بالوفاء بالتزاماتها في ظل ضعف الإيرادات العامة للدولة، وفقدان نحو 130 مليار جنيه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وزيادة إجمالي المصروفات في المقابل”.

وقال معيط: “مافيش (لايوجد) جنيه من الأموال المحصلة من رواتب ومعاشات المواطنين سيذهب للخزانة العامة للدولة، وإنما تذهب تلك الأموال لصالح صندوق مواجهة الأوبئة”، وهو ما أيده رئيس البرلمان، علي عبد العال، قائلاً إن “كل الدول تأثرت اقتصادياً بشكل سلبي بسبب جائحة كورونا، وأغلب الدول لجأت إلى تخفيض رواتب العاملين في الدولة، ونحن لم نلجأ لهذه الآلية”.

ممنوع الترشح إلا للسيسي 

وفي سبيل تثبيت سلطة السيسي ومنع أي منافسة مستقبلية له، وافق مجلس النواب المصري، الإثنين، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959، بمنع الضباط من الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية دون موافقة عليا.

وتقضي التعديلات بعد إضافة فقرتين جديدتين إلى المادة 103، بعدم جواز الترشح للضباط؛ سواء الموجودين في الخدمة أو مَن انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة، لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

ويحظر القانون رقم 232 لسنة 1959 على الضباط إبداء الآراء السياسية أو الحزبية، أو الاشتغال بالسياسة، أو الانتماء إلى الأحزاب أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات ذات المبادئ أو الميول السياسية، كما يحظر على الضباط الاشتراك في تنظيم اجتماعات حزبية أو دعايات انتخابية.

ومن شأن تلك التعديلات أن تحظر ترشح أي عسكري حالي أو سابق لانتخابات الرئاسة في مصر، على الرغم من أنه نفس الطريق الذي سلكه رئيس سلطة الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، في الوصول إلى كرسي الحكم، وترشح في 2014 ببزته العسكرية.

ويري مراقبون أن هذا القانون يأتي كخطوة جديدة نحو تعزيز قبضة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر على المستقبل السياسي للعسكريين، الحاليين أو المتقاعدين.

وفي نيسان/ أبريل 2019، أقرت مصر تعديلات على دستور 2014، منحت السيسي صلاحيات وسلطات واسعة، سمحت باستمراره في الحكم حتى 2030، وعززت قبضة الجيش على الحياة السياسية في مصر من خلال إضافة تعديلات وصفت أنها فوق الدستورية.

وأضافت التعديلات على المادة 200 إلى مهام القوات المسلحة: “صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد”.

اقرأ أيضًا:  ماذا عن سد النهضة؟ .. البرلمان المصري يتوعد من يقترب من ثروات البحر المتوسط