بمساعدة النظام السوري، يتم تجنيد الشباب السوريين كمرتزقة وإرسالهم إلى ليبيا للمشاركة في ساحة القتال الدائر هناك، ومع هذا فإن هؤلاء الشباب لا توجد لديهم أي خلفية عن الوضع في ليبيا ولا يذهبون إلى هناك بدوافع سياسية أو وطنية… الأمر كله يتلخص في استغلال النظام لظروف هؤلاء الشباب -صغير السن- المعيشية الصعبة والضائقة المالية التي يمرون بها.
صحيفة “ألمانيا الجنوبية” أجرت حواراً مع مواطن سوري، يُدعى أبو كريم، تم إرسال شقيقه الأصغر “أمجد” للقتال في ليبيا ضمن صفوف حفتر المدعوم من الإمارات العربية المتحدة وروسيا التي تدعم نظام بشار الأسد.
لم يتوقف أبو كريم عن ترديد نفس الكلمات في دهشة وهو ناظراً لصورة شقيقة الأصغر: “إنه لا يزال طفلاً!”.. أمجد، مراهق سوري تبدو نظرته -في الصورة التي عرضها “أبو كريم”- واثقة، ومتطلعة للحياة، وهو يقف على صخرة ومن خلفه البحر.
يبلغ أمجد 17 عاماً، وعلى الرغم من كونه طفلاً في نظر القانون، إلا أن الواقع فرض عليه حقيقة أخرى، لم يعد طفلاً بحكم الظروف ولكنه بالتأكيد أصغر من أن يذهب إلى الحرب.
في نهاية يونيو/حزيران، قيل إن أمجد غادر سوريا، وطنه، في اتجاه ليبيا، وتقول العائلة إنه يفترض الآن أن يقاتل في صفوف المرتزقة السوريين في الحرب الأهلية المندلعة في البلد الشمال أفريقية- ليبيا، بجانب الروس.
قبل بضعة أسابيع فقط، كان أمجد يعيش في غرفة مع والدته في مدينة السويداء، التي تقع على بعد 90 كيلومترا جنوب دمشق وتسيطر عليها الحكومة.
يقول أبو كريم إنه في منتصف يونيو/حزيران تلقى اتصالاً من الدوائر الأمنية السورية طلبت فيه بعض المعلومات عن أمجد، وعندما سأل عما يجري، لم يتلق إجابة مُرضية، ولكنه عرض على أمجد الأمر، الذي أخبره أن أصدقائه كانوا يحاولون إقناعه بالذهاب إلى ليبيا، لكنه “لم يكن مهتماً”، هكذا أوهم أمجد شقيقه “أبي كريم” الذي فوجئ باختفائه بعد فترة وجيزة، ليكتشف بعد ذلك أنه غادر بالفعل إلى ليبيا.
خلال الحوار الهاتفي مع “أبي كريم”، المواطن السوري الدرزي، أكد مراراً أنه من مؤيدي النظام السوري مثله مثل أغلب الدروز، وأنه يدعم تحركات النظام داخل البلد، لهذا لا يجد غضاضة تأييد الروس داخل البلاد، مضيفاً “أنا أدافع عن بلدي حقًا”، بعد كل شيء، كان والده في الجيش وتوفي شقيقه في الحرب السورية، مع ذلك فهو رافض لإرسال السوريين للقتال في بلد آخر، من أجل سلطة أجنبية، حتى لو كانت “صديقة” على حد وصفه، القتال خارج الحدود السورية أمر مرفوض “لا أستطيع ولا أريد أن أفهم ذلك”.
ينتقد “أبو كريم” علناً على حسابه على “فيسبوك” إرسال السوريين لليبيا، ويستنكر “السياسات البغيضة” التي تدفع الشباب إلى الموت “في أوج الحياة”، والتي “حتى لم يتمتعوا بها”، مضيفاً “عندما جاءت الميليشيات الإرهابية (داعش) إلى سوريا، اتهمتهم الحكومة السورية بأنهم مرتزقة… والآن هي التي تشرب مثل “مصاصي الدماء” من دماء الناس” لم يخف أبو كريم من النظام بسبب انتقاداته هذه، مؤكداً أن إرسال القُصَّر للحرب هي جريمة شنعاء، ويقول أيضاً إن الحكومة السورية تقنع هؤلاء الشباب ببعض الشعارات القومية الفارغة.
لا تُعد حالة “أمجد” الأولى من نوعها، خلال الأشهر الأخيرة قام الروس بتجنيد شباب سوريين من مناطق سورية موالية للنظام للقتال في ليبيا لصالح الجنرال خليفة حفتر، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تم تجنيد أكثر من 900 سوري من روسيا في مايو/أيار للقتال في صفوف حفتر، الذي عانى من هزائم عسكرية متلاحقة أثناء محاولته الاستيلاء على العاصمة طرابلس.
على الرغم من هزائم حفتر، لم يكن هناك وقف لإطلاق النار، وبدلاً من ذلك، مهد البرلمان المصري الطريق لعملية عسكرية في ليبيا في وقت سابق من هذا الأسبوع، كما تشن روسيا حرباً بالوكالة داخل الأراضي الليبية ضد تركيا التي تدعم حكومة الوفاق الوطني.
أبو كريم”، بحكم عمره وخبرته في الحياة، يعرف جيداً الأوضاع في ليبيا، والخريطة السياسية والعسكرية للقتال هناك، على عكس شقيقه الذي لا يشغل باله سوى شيئين، “كيف أحصل على سيجارتي وكيف أجدد اشتراك باقة الانترنت لأتمكن من أن ألعب PUBG.”
يقول أبو كريم “ليبيا ساحة معركة غير معروفة لأمجد.. إنه لا يعرف أي شخص عاد بأمان من ليبيا”، واستطرد حديثه في قلق على مصير شقيقه “ونحن لم نتلق منه أي اتصال منذ أسبوعين”.
حصلت صحيفة “ألمانيا الجنوبية” على عقد روسي/عربي بين الجهات الروسية ووكيلها العربي “شركة الصياد” وبين الشباب الذين تقوم بإرسالهم كمرتزقة للحرب في ليبيا، وبحسب العقد فإن عائلات المرتزقة تتلقى في حالة وفاتهم 5000 دولار، ومرتب شهري قدره 500 دولار بناءً على طول مدة المهمة.
يتم تعويض الشباب أيضا في حالة تعرضهم لإصابة حرب، تختلف قيمة التعويض بناء على خطورة الإصابة، حيث يتم دفع مبلغ من 20 إلى 500 دولار لمرة واحدة، وإذا ابتعد أحد المرتزقة عن العمل دون إشعار، يجوز للقوات ملاحقته.
نص العقد على خضوع “المرتزقة” لدورة تدريبية لمدة 14 يومًا، والتي تهدف إلى تقييم مهارات المرتزقة مقدماً، ووفقًا لتقارير الخبراء، ستُعقد هذه الدورات التدريبية في مواقع الجيش السوري – مع مدربين من مجموعة فاغنر الروسية، وهي شركة عسكرية خاصة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالكرملين.
من المحتمل أن يتم السفر عبر القاعدة الجوية الروسية “حميميم” في مدينة اللاذقية السورية، ثم تستغرق المهمة نفسها ثلاثة أشهر، وبعد ذلك يكون لديك إجازة لمدة شهر، كما لا يجوز للشباب استخدام الهواتف المحمولة خلال هذه الفترة، فهناك “سرية تامة” يجب عليهم الالتزام بها.
كما يُحظر استخدام الشبكات الاجتماعية والتغريد أو نشر صور أو مقاطع فيديو – لأن أي تسريب لـ “مكان أو مهمة أو معلومات أخرى” بشكل مباشر أو غير مباشر يمكن أن “يحبط أهداف الشركة”.
في نهاية حواره، أكد أبو كريم أنه لا يستطيع أن يفهم لماذا قرر أمجد القتال في ليبيا، ليس لديهم مشاكل مالية مثل معظم السوريين منذ اندلاع الحرب، مضيفاً أن الأسرة لديها أراض والعديد من الوحدات السكنية بالقرب من مسقط رأسهم السويداء، مؤكداً “هؤلاء الأشخاص سحبوه إلى هناك… فشلوا في العثور على وظائف، وهم خاسرون ويتسكعون فقط”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضًا: إنسايد أوفر: كيف دمر بشار الأسد عرشه؟
اضف تعليقا