في الوقت الذي يستمر فيه التطاول على مقام الرسول الأعظم وعلي القرآن الكريم من قبل بعض الدول الغربية، تتجاهل السعودية الأمر برمته وتنشغل باللهث خلف التطبيع مع إسرائيل وتوطيد العلاقات معه علي كافة الصعد، الأمر الذي وصل مؤخرا إلى حد نشر صحف إسرائيلية بارزة مقالات بالعبرية لكتاب وأكاديميين سعوديين تتضمن إساءات للإسلام وإلى مقام النبي.

وبينما تتشدق السعودية بأنها حامية الإسلام وخادمة الحرمين الشريفين، تواصل الرياض رمي نفسها في أحضان إسرائيل، وتوصيف حركات المقاومة الإسلامية ككيانات إرهابية واعتقال قادتها بتهم واهية، بالإضافة لفتح بن سلمان المجال أمام هيئة الترفيه لتغيير وجه المملكة ودفعها نحو العلمنة، تزامنا مع إلغاء وتحجيم دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما جعل ادعاءات حماية الدين وصيانة الشريعة مجرد محاولات لذر الرماد في العيون من قبل الأبواق المؤيدة للمملكة وفق ما يرى كثير من المراقبين.
Al-Masjid an-Nabawī mosque in Saudi Arabia

تسيء للإسلام

ونشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، مقالا للأكاديمي السعودي “أحمد بن راشد بن سعيد” اتهم فيه المملكة بممارسة دعاية تسيء للإسلام والقضية الفلسطينية، بالتزامن مع حملة لتجميل صورتها دوليا.

وجاء في مقال “بن سعيد” أن وسائل الإعلام السعودية تعمل على جبهتين؛ الأولى ترميم صورة المملكة في الخارج، والأخرى تضليل الناس في الداخل والهيمنة عليهم لتحقيق مصالحها، وفي كل ذلك، تقوم وسائل الإعلام الجماهيرية بدور البوق الدعائي للمؤسسة الحاكمة.

وأضاف: “انقلبت السعودية على القضية الفلسطينية لصالح مشروع الرئيس الأمريكي المعروف باسم صفقة القرن ومضت المملكة في حملة قمعية طالت عشرات المتعاطفين مع حركة حماس داخل البلد”.

وحسب المقال، تدور الدعاية السعودية حول إثارة المشاعر القومية الغالبة في أوساط الشباب، حتى أن شعارات مثل “السعودية للسعوديين” و”السعودية الكبرى” و”السعودية أولاً” باتت تساهم في إيجاد سردية جديدة وصفتها الأكاديمية الباحثة “مضاوي الرشيد” بالقول إنها “ليست مجرد حركة جماهيرية عفوية وإنما مبادرة تقودها الدولة برعاية ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” نفسه.

وما يحرك الدعاية السعودية وفق المقال هو فكرة أن جماعة “الإخوان المسلمون” وما يسمى بالإسلام السياسي هما العدوان الاستراتيجيان الأساسيان للمملكة.

وذلك هو السبب في دعم السعودية الانقلاب في مصر عام 2013، الذي أطاح بأول حكومة منتخبة في تاريخ البلاد. وهو نفس السبب الذي من أجله تتخذ الدولة موقفاً عدائياً تجاه قطر، والتي انحازت إلى التجربة المصرية وإلى الربيع العربي بشكل عام، وكذلك تجاه تركيا، التي تبنت مواقف مشابهة.

واتهم الناشط السعودي سلطات المملكة بالإساءة للإسلام نفسه، حيث تحرض المؤسسات العربية المملوكة للدولة ضد المساجد والمؤسسات الإسلامية الأخرى في الغرب، زاعمة أنها تشكل خطراً وأنها ترتبط بجماعة “الإخوان المسلمون”، وأنها ممولة من قطر أو تركيا، كما تتعرض كثير من المؤسسات في الغرب من مثل ذلك التحريض.

وقال إن السعودية تحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى شبكة دعايتها، حيث إنها ما تزال منخرطة في صراع مرير مع إيران وفي تنافس معها على الهيمنة الإقليمية، وتجدها في سبيل ذلك تتجه نحو إسرائيل طلباً للدعم تطبيقاً لفكرة “عدو عدوي صديقي”، إلا أن مثل هذه الخطوة يمكن أن ترتد عكسياً على المملكة.

ضوء أخضر للإساءة

وفي الوقت الذي يتعرض له النبي الكريم للإساءة، وبدلا من تنديد السعودية بهذا الحادث الجلل بالنسبة لعموم المسلمين، يسارع كتاب سعوديون لنشر مقالات تطبيعية في صحف عبرية تتضمن مغالطات واضحة عن تاريخ النبي الكريم، وتمثل ضوءا أخضرا من قبل الرياض للكتاب اليهود بالهجوم على مقامه الشريف، حيث نشر باحث سعودي مقالاً باللغة العبرية في مجلة تصدر عن جامعة إسرائيلية، في سابقة هي الأولى من نوعها، بحسب إعلام عبري.

وأعلنت جامعة تل أبيب الحكومية، أن محمد الغبان الباحث السعودي وأستاذ اللغة العبرية في جامعة الملك سعود، نشر مقالاً في مجلة “كيشر” العبرية، وهي مجلة أكاديمية دورية تصدرها جامعة تل أبيب، حيث خصصت المجلة الصفحات الأولى من عدد الربيع (العدد 54) الصادر عنها هذا العام للأكاديمي السعودي، وعنوانه “يهود جزيرة العرب واضطهاد محمد لهم”.

واستنتج المقال أن يهود جزيرة العرب عاشوا آلاف السنين بسلام بين كل قبائل، وحواضر العرب منذ انبعاث الديانة الإبراهيمية و اليهودية إلى ما قبل بعث الإسلام، وكانوا من أهم كيانات المجتمعية في الجزيرة العربية وذلك بفضل تراثهم الديني و الاجتماعي و الاقتصادي، واستمر الوضع إلى أن جاء النبي “القاتل” محمد الذي بسبب كرهه لليهود وطموحه السياسي والديني أعلن الحرب عليهم وقتل ذكورهم وسبا نساءهم وهجرهم ودمر حواضرهم في الجزيرة العربية، وفق المقال.

واستخدم الكاتب مصطلح “الإبادة الإثنية” لوصف ما حصل لليهود على يد النبي محمد والمسلمين، كما اتهم الكاتب في بحثه النبي محمد أنه معاد للسامية وعدواني وأجج الصراعات الدينية مع اليهود وعليه فإنه يدعو الحكومة السعودية إلى اعادة نظرها في منح الموافقة لإعادة توطين اليهود الراغبين في العودة في كل الجزيرة العربية، وإعطاء اليهود الجدد في السعودية كل حقوقهم كأي مواطن سعودي وًفتح باب الهجرة إلى السعودية والزيارة لهم .

وأشارت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية إلى أن المقال “جاء على وقع أصوات في السعودية ورابطة العالم الإسلامي مقرها مكة المكرمة، تدعو إلى استغلال الحوار بين الأديان للتعاون مع الجاليات اليهودية وإسرائيل لتحقيق السلام”.

من جانبه، قال البروفيسور الإسرائيلي رعنان رين، من معهد “روزنفيلد” بجامعة تل أبيب: إن “أهمية المقال تنبع أولاً وقبل كل شيء، من أنها المرة الأولى التي يختار فيها باحث سعودي بارز نشر مقال أكاديمي في مجلة أكاديمية إسرائيلية، بهدف إزالة الحواجز وتأليف القلوب بين الشعوب”.

وقال كاتب إسرائيلي إنه “لأول مرة ينشر مقال سعودي في مجلة إسرائيلية، بقلم محاضر باللغة العبرية من المملكة العربية السعودية، ونشرها في مجلة تابعة لجامعة تل أبيب”، وأضاف دان ليفيا الكاتب في صحيفة “إسرائيل اليوم”، ” أنه “مع استمرار التطبيع الصامت بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، فقد أعلنت جامعة تل أبيب أن أستاذًا للعبرية من المملكة العربية السعودية نشر مقالًا في مجلة إسرائيلية للمرة الأولى “.