تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن اليوم توقيع اتفاقيات العار التطبيعية بين كلاً من الإمارات والبحرين من جانب وإسرائيل من جانب آخر، بحضور كلاً من “ترامب” و”نتنياهو” ووزيري خارجية الإمارات “عبد الله بن زايد”، والبحرين “عبداللطيف الزياني”.

وتأتي هذه الخطوة التي قوبلت برفض شعبي واسع في البلدان العربية، بعد أيام من إعلان البحرين تطبيعها الكامل والمعلن بعدما سبقتها الإمارات في 13 من الشهر الماضي حيث أعلنت أيضاً عن تطبيعها الكامل مع إسرائيل ما أثار موجة استياء وغضب واسعة.

توقيع الخيانة

وفي تطور لافت، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، مساء الإثنين، إن تل أبيب “عملت لسنوات طوال” من أجل توقيع اتفاق سلام مع الإمارات والبحرين، متعهدا بلحاق مزيد من الدول العربية بقطار التطبيع.

جاء ذلك في مقطع مصور بثه “نتنياهو” على حسابه بموقع تويتر من الـ”بلير هاوس” (يقع مقابل البيت الأبيض ويخصصه الرئيس الأمريكي لاستضافة كبار الضيوف في واشنطن).

وقال “نتنياهو”: “أمسك بيدي مسودة معاهدة السلام التاريخية بين إسرائيل والإمارات وإعلان السلام التاريخي بين إسرائيل والبحرين”.

واعتبر”نتنياهو” أن توقيع الاتفاقين مع الإمارات والبحرين ” هو تحول عظيم في تاريخ إسرائيل وأيضا في تاريخ الشرق الأوسط  وسيكون له تأثير هائل وإيجابي على جميع المواطنين الإسرائيليين”.

وتعهد “نتنياهو” بانضمام دول عربية أخرى للتطبيع، مخاطبا الإسرائيليين بقوله: “أعدكم وفقا لما أشاهده هنا بأن دولا أخرى ستقوم بذلك أيضا”، دون تفاصيل.

من جانبه، دافع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، عن تطبيع بلاده مع الاحتلال الإسرائيلي، والمقرر توقيعه بشكل رسمي اليوم الثلاثاء في العاصمة الأمريكية واشنطن.

وقال ابن زايد في مقال نشره بصحيفة “وول ستريت جورنال“، إن “اتفاق السلام مع إسرائيل أوقف عملية الضم الإسرائيلية لمناطق في الضفة الغربية”، مطالبا السلطة الفلسطينية بإعادة النظر في توجهاتها، والسعي نحو “استئناف التفاوض مع إسرائيل”.

واعتبر الوزير الإماراتي الاتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي بمثابة الفرصة، من أجل التعامل مع القضايا الملحة بالمنطقة، مبينا أنه قد وبزغت الآن ضرورة إقامة علاقة جيدة بين إسرائيل والدول العربية”.

ولفت ” بن زايد” إلى أنه “سيتم العام المقبل إقامة مجموعات دائمة بين إسرائيل والإمارات، لتبادل بعثات الدراسة وغيرها من المشاريع الصغيرة التي ستحمل إلى العالم رسالة السلام”، بحسب تعبيره.

وفي ذات الإطار التطبيعي، قال وزير الداخلية البحريني، راشد بن عبد الله آل خليفة، إن قرار البحرين بتطبيع العلاقات مع إسرائيل يهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت آل خليفة إلى أن العلاقات البحرينية مع إسرائيل، تهدف إلى حماية مصالح البحرين العليا، وحماية كيان الدولة، بحسب تعبيره.

في سياق متصل، قالت وكالة أنباء البحرين الرسمية إن وزير شؤون الدفاع البحريني الفريق الركن عبد الله بن حسن النعيمي قد أجري أول اتصال هاتفي معلن الاثنين بنظيره الإسرائيلي بيني جانتس منذ أن اتفق بلديهما على تطبيع العلاقات.

وذكر بيان صادر عن مكتب جانتس أنه دعا الوزير البحريني للقيام بزيارة رسمية إلى إسرائيل، واتفقا على مواصلة الحوار.

وذكرت وكالة أنباء البحرين في وقت سابق أن وزير الصناعة والتجارة البحريني ووزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تحدثا هاتفيا وناقشا التعاون التجاري والصناعي والسياحي بين البلدين.

انكسار عربي

وأثار إعلان الدولتين الخليجيتين تطبيع العلاقات مع إسرائيل سخطا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا واسعا، واستنكارا رسميا من قبل العديد من الدول، حيث قال رئيس الوزراء الفلسطيني “محمد اشتية”، الإثنين، إن مراسم توقيع اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين يوم الثلاثاء في واشنطن “يوم أسود في تاريخ الأمة العربية”.

وأضاف “اشتية” في بداية الاجتماع الأسبوعي للحكومة في رام الله أمس الإثنين “نشهد غدا يوما أسود في تاريخ الأمة العربية وهزيمة لمؤسسة الجامعة العربية، التي لم تعد جامعة بل مفرقة، وإسفينا للتضامن العربي”.

وتابع: “سوف يضاف هذا اليوم إلى رزنامة الألم الفلسطيني وسجل الانكسارات العربية”، داعيا الدول العربية إلى عدم المشاركة في مراسم التوقيع على الاتفاق الإماراتي البحريني الإسرائيلي والذي سيجرى برعاية أمريكية.

وأضاف: “يدرس مجلس الوزراء التوصية للرئيس بتصويب علاقة فلسطين مع الجامعة العربية التي تقف صامتة أمام الخرق الفاضح لقراراتها والتي لم ينفذ منها شيء أصلا، والتي أصبحت رمزا للعجز العربي”.

من جهتها، جددت دولة قطر، موقفها الرافض للتطبيع مع إسرائيل مشترطة حل القضية الفلسطينية قبل اتخاذ أي خطوة.

وقالت مساعدة وزير الخارجية القطري، “لولوة الخاطر”، إن “الدوحة لن تنضم إلى جيرانها الخليجيين، وتلحق بقطار التطبيع، وتهرع لإقامة علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل) حتى يتم حل نزاعها مع الفلسطينيين”.

وأضافت في مقابلة مع وكالة “بلومبرج” الأمريكية: “لا نعتقد أن التطبيع كان جوهر هذا الصراع، وبالتالي لا يمكن أن يكون الحل”.

وتابعت: “جوهر هذا الصراع  يدور حول الظروف القاسية التي يعيشها الفلسطينيون، باعتبارهم أناسا بلا دولة يعيشون تحت الاحتلال”.

يوم الغضب 

وفي إطار التعبيرعن رفضهم لاتفاقات العار التطبيعية، يخرج الفلسطينيون بالضفة الغربية وقطاع غزة الثلاثاء، في يوم غضب شعبي، تنديدا بتوقيع اتفاقية التطبيع بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل في العاصمة الأمريكية واشنطن.

وكانت ما تسمى “القيادة الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية”، أصدرت السبت الماضي، بيانها الأول، داعية فيه إلى “يوم رفض شعبي انتفاضي”، الثلاثاء، ضد اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.

ودعا البيان إلى اعتبار الثلاثاء “يوم رفض شعبي انتفاضي في الوطن، ترفع فيه راية فلسطين في مختلف الأماكن”، مؤكدا أن تلك الخطوة “تعبير عن رفضنا الحاسم لرفع علم الاحتلال والقتل والعنصرية على سارية (عمود يرفع عليه العلم) الذل في أبوظبي والمنامة”.

وأعلن اعتبار الجمعة المقبل “يوم حداد ترفع فيه الأعلام السوداء في كل الساحات والمباني والبيوت، وتكون خطبة الجمعة رثاء للأنظمة”، داعيا إلى “نبذ كل الخلافات الفلسطينية  والمشاركة في هذا الكفاح الشعبي التحرري”.

وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، فستنطلق المسيرات الحاشدة، في كافة المدن والبلدات الفلسطينية، وفي دول عدة، تنديدا بما وصفته بـ”الاتفاق المخزي”.

 وتنظم 50 منظمة أمريكية الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض، بالتزامن مع توقيع الاتفاق، وتقام الوقفة الاحتجاجية بالتعاون بين أكثر من 50 مؤسسة أمريكية وفلسطينية وعربية وإسلامية، للتعبير عن تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني، ورفضها للاتفاق التطبيعي.

وفي سياق متصل، دعت فصائل المقاومة الفلسطينية جماهير الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية لجعل يوم التوقيع الخياني للتطبيع بين حكام الإمارات والبحرين والاحتلال، يوما للغضب الجماهيري والمواجهة الشاملة مع الاحتلال ورفع الأعلام الفلسطينية فوق أسطح المنازل.

ونقلت وكالة الصحافة الفلسطينية “صفا” عن فصائل الثورة الفلسطينية في لبنان، أنه سيتم تنظيم اعتصامات شعبية تحت راية العلم الفلسطيني، تعبيرا عن الرفض المطلق لاتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين مع الاحتلال.

وقالت الفصائل في بيان لها إن “هذه التحركات تأتي انسجاما مع مواقف الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه الوطنية، وعملا بما قررته القيادة الوطنية الفلسطينية الموحدة للمقاومة الشعبية في بيانها الأول“.