لم يتوقف الحديث عن الأزمة الخليجية خلال الآونة الأخيرة، خصوصا مع التأكيدات الأمريكية على ضرورة إنهائها، لأنها من وجه نظر واشنطن “لا تخدم أحدا سوى طهران، وأن هذا الخلاف أجهض فرصة وجود موقف موحد تجاه التهديد الإيراني”.
مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، “ديفيد شينكر”، أعرب في سبتمبر الماضي، عن أمله في انتهاء الأزمة الخليجية، مؤكدا وجود انخراط عالي المستوى في الولايات المتحدة من قبل البيت الأبيض بشأن هذه الأزمة. وتوقع “شينكر” أثناء مشاركته في ندوة نظمها معهد “بروكينغز” أن يتحرك الأمر في غضون أسابيع.
وقبل أيام أصدرت قطر بيانا أكدت أنه “يمكن أن تكون نهاية الحصار المفروض عليها تلوح في الأفق، لكن حل الأزمة الخليجية، سيستغرق وقتاً، وسيكون الأمر تدريجياً”، في إشارة إلى الأزمة الخليجية التي اندلعت في يونيو/ حزيران 2017.
وأضافت مساعدة وزير الخارجية القطري والمتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية، لولوة الخاطر، أن الخطوات التي اتخذتها قطر “كانت متميزة، فقد كانت أول ثلاث خطوات حاسمة اتخذتها قطر، هي منع “التدخل العسكري”، و”المرونة السياسية”، و”الاتجاه الفوري نحو سلاسل التوريد البديلة”، والأهم هو “تعزيز الوحدة والتضامن في الجبهة الداخلية لقطر”، مشددة على أنّ “المقاربات الواقعية والعقلانية أثبتت أنها أنجع على المدى الطويل”.
لكن توقعات المراقبين تستبعد التوصل إلى حل للأزمة -على الأقل في الفترة الراهنة-، خصوصا مع إصرار أبوظبي على مواصلة حصار قطر، وتعمّدها إفشال جميع المبادرات الرامية إلى التوصل لتسوية الخلاف بين أطراف الأزمة.. فلماذا تريد الإمارات استمرار الخلاف الخليجي – الخليجي؟
فشل متعمد
نقلت قناة “فوكس نيوز” الأمريكية، عن مصادر مطّلعة لم تسمها، أن أبوظبي عرقلت اتفاقا تم التوصل إليه مطلع يوليو/تموز 2020، بوساطة أمريكية لحل الأزمة الخليجية.
وأوضحت القناة الأمريكية أن الاتفاق على إنهاء حصار قطر كان في متناول اليد بعد سلسلة مكثفة من النقاشات والاجتماعات التي شارك فيها مسؤولون كبار من واشنطن والرياض وأبوظبي والدوحة، لكن الإمارات غيرت موقفها في اللحظات الأخيرة، وطلبت من السعودية وقف الاقتراح الذي تدعمه الولايات المتحدة لحل الأزمة.
لتتراجع الرياض بناءً على الطلب الإماراتي، بعد أن اتخذت المناقشات منعطفًا إيجابيًا للغاية، خصوصا وأنها أبدت استعدادًا لقبول بعض النقاط كجزء من الحل الأمريكي المطروح.
وأشارت “فوكس نيوز” إلى أن الاتفاق الذي أجهضته أبوظبي كان سيفتح أجواء الخليج أمام الخطوط الجوية القطرية، وبالتالي حرمان إيران من عائدات مالية تصل إلى 133 مليون دولار تتقاضاها سنويا لقاء عبور الطيران القطري في أجوائها.
من جانبها، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضغط على السعودية والإمارات لوقف الحظر المفروض على عبور الطائرات القطرية في أجوائهما، لأن استمرار الحظر يمنح طهران مصدر تمويل تريد الولايات المتحدة قطعه.
تعمّد إماراتي
الإمارات التي شكلت حجر الزاوية في هذه الأزمة، بداية من إشعال فتيلها وتصعيدها على مدار سنوات، حرصت بكل ما تستطيع على إفشال كل جهود التوصل إلى حل لها.
وفي بداية يونيو/حزيران الماضي، زعم وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش أن “الخليج تغير ولا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه”، في موقف متصلب يكشف رغبة إماراتية صريحة باستمرار العداء الخليجي الخليجي.
ونشر قرقاش عبر حسابه في موقع تويتر: “لا أرى أن أزمة قطر في ذكراها الثالثة تستحق التعليق، افترقت المسارات وتغيّر الخليج ولا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه. أسباب الأزمة معروفة، والحلّ كذلك معروف وسيأتي في أوانه. ولعل النصيحة الأفضل هي تجاهل وتجاوز التصعيد والعمل للمستقبل”.
لا أرى أن أزمة قطر في ذكراها الثالثة تستحق التعليق، افترقت المسارات وتغيّر الخليج ولا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه.
أسباب الأزمة معروفة، والحلّ كذلك معروف وسيأتي في أوانه. ولعل النصيحة الأفضل هي تجاهل وتجاوز التصعيد والعمل للمستقبل.— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) June 5, 2020
الهدف الخفي
يرى الكاتب البريطاني المخضرم “ديفيد هيرست” أن ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات، محمد بن زايد، يحتاج إلى صراع حتى يبقى يتمتع بنفوذ. مؤكدا أن بن زايد “لن تكون له قيمة من دون السعودية، ومن دون محمد بن سلمان على وجه الخصوص”، ولهذا السبب سيبذل قصارى جهده لإفشال أي صفقة مع قطر.
وأوضح الكاتب البريطاني أن محمد بن زايد “ما زال يمسك بزمام محمد بن سلمان ويقوده”، لافتا إلى أن أبو ظبي تحتاج للتخفي في ظل الرياض إلى أن يحين الوقت الذي تصبح فيه الحاكم الفعلي للعالم العربي، وإلى ذلك الحين تبقى السعودية هي التي تتحمل العبء الأكبر، في كل تدخل يقوم الإماراتيون بتنظيمه وتمويله.
وتابع هيرست: “لذلك لن يكون التقارب بين المملكة وقطر لمصلحة الإمارات، حيث يسلبهم ذلك عدوا من بينهم هم في أمس الحاجة إليه، إنه عدو يُتهم برعاية الإرهاب”، موضحا أن مثل هذا التقارب سيُبقي السياسة الخارجية للدوحة على حالها، وأنها بذلك “ستظل قوة مناوئة لخطط محمد بن زايد في المنطقة من ليبيا إلى اليمن”.
اضف تعليقا