بعد هزيمة دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، تصاعدت المخاوف مما قد يقدم عليه الرئيس والأضرار التي قد يتسبب بها قبل الـ20 من كانون الثاني/ يناير المقبل. وعمقت إقالة الرئيس لوزير الدفاع “مارك إسبر” من تخوف كثيرين من اتخاذ قرارات متهورة ذات طبيعة عسكرية.

وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، أن مسؤولين في البنتاغون لا يستبعدون شن ترامب عمليات عسكرية علنية أو سرية، ضد إيران، أو خصوم آخرين في أيامه الأخيرة بالسلطة.

وقال ترامب عبر تويتر: ”يسعدني أن أعلن أن كريستوفر ميلر، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب (الذي أقر مجلس الشيوخ تعيينه بالإجماع)، والذي يحظى باحترام واسع، سيكون القائم بأعمال وزير الدفاع بأثر فوري. تم إنهاء خدمة مارك إسبر. أود أن أشكره على خدمته”.

ولفتت نيويورك تايمز إلى أن أصدقاء وزير الدفاع بالوكالة أشادوا بخلفيته العسكرية لكنهم أعربوا عن دهشتهم من ترقيته للمنصب. وأكدوا أنه “لا يتمتع بقدرة للرد على أي مواقف متطرفة قد تصدر من ترامب”. 

ويخشى قادة الحزب الديمقراطي من أن تكون إقالة وزير الدفاع خطوة أولى نحو إقدام الرئيس على اتخاذ قرارات خاصة بالجيش، يدرك أن “إسبر” لم يكن ليوافق عليها، محذرين من أن غياب الوزير الذي كان من القلائل الذين يتصدون «لنزوات الرئيس المفاجئة» يمثل خطرا على الأمن القومي في هذا التوقيت الحساس.

وعقب إقالة إسبر، أعلن ووكيل وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية، جيمس أندرسون، استقالته، بعد خلاف مع البيت الأبيض. فيما ترأس وزير الدفاع، بالوكالة، كريستوفر ميلر، اجتماعا سريا عبر الفيديو، مع رؤساء أركان القوات الأمريكية بالخارج وقادتها.

خطر غير مسبوق

وتتفق صحيفة واشنطن بوست مع ما ذهب إليه مسؤولو البنتاغون، حيث اعتبرت الصحيفة أن الخطاب التحريضي الصادر عن دونالد ترامب مع تبين خسارته في الانتخابات الرئاسية الحالية يؤكد “الخطر غير المسبوق” الذي تواجهه الولايات المتحدة الآن في ظل حكم رئيس غاضب ومضطرب لا تزال أمامه أكثر من 70 يوما في منصبه.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب -الذي يرفض الاعتراف بخسارته في الانتخابات أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، ويسمم الأجواء بمزاعم كاذبة بشأن تزوير نتائج الانتخابات- باستطاعته إلحاق أضرار لا توصف خلال أيامه الأخيرة من فترة رئاسته، كطرد كبار المسؤولين الأكفاء في مؤسسات الاستخبارات والأمن القومي، وإصدار قرارات عفو عن المجرمين من رفاقه، وقد يصدر عفوا عن نفسه.

كما أوضحت واشنطن بوست أن من بين الأضرار المحتملة الأكثر إثارة للقلق تلك المتعلقة بملف الشؤون الخارجية، حيث إن سلطة الرئيس في التصرف من جانب واحد أقل تقييدا.

تبديد المخاوف

ورغم تداول الإعلام لهذه الفرضيات، إلا أن المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأمريكية والخبير بمعهد “أميركان إنتربرايز” للأبحاث السياسية العامة، مايكل روبين، استبعد سيناريو التصعيد العسكري، مؤكدا أنه لا يتوقع تصعيدا خطيرا من إدارة ترامب في الأيام الفترة المتبقية له.

وأوضح روبين في تصريحات صحفية لقناة الجزيرة، أنه لا يمكن حدوث ذلك لـ3 أسباب، أولها إن الفكرة القائلة بأن واشنطن تسعى إلى حرب مع طهران هي فكرة خاطئة، ومبعثها جماعات يسارية تقدمية أميركية، أو جماعات الضغط مثل المجلس الوطني الإيراني الأمريكي الذي يستخدم الفكرة لجمع التبرعات الخاصة بهم.

أما السبب الثاني فهو أنه وبالرغم من أن الرئيس ترامب القائد الأعلى للقوات المسلحة لكن البنتاغون له رأي كبير في هذه القضية، فلا يكفي أن تعطي أمرا بل يجب أن يكون هناك ترتيب وربما يستغرق الأمر أياما أو أسابيع أو أشهرا للتحضير لشن هجمات على إيران، ناهيك عن رفض الكونغرس المؤكد لمثل هذا السيناريو.

ويتلخص السبب الثالث والأهم من وجهة نظر “روبين” بأن إرث ترامب في السياسة الخارجية يتمثل في كونه أول رئيس منذ جيمي كارتر لم يبدأ حربا خارجية، لذلك لن يقدم على ذلك.

من جانبه، ذهب الأستاذ بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، ديفيد دي روش، إلى أن أقصى ما يمكن أن يقوم به ترامب هو أن يحاول تعزيز “أقصى ضغط” على إيران، مرجحا أن تبدأ “موجة جديدة من العقوبات على النظام الحاكم في طهران”.

ولفت “دي روش” إلى أن خيار الحرب ضد إيران سيتخذه ترامب الوحيد الذي يمكن من خلاله أن يشن ترامب هجوما على إيران هو أن “يكون هناك إجراء عسكري ضد القوات الأميركية في العراق أو أي هجوم إيراني ضد مصالح أميركية كبيرة على مستوى العالم، حينها سيرد ترامب مباشرة ضد مقرات ومنشآت الحشد الشعبي الموجهة من الحرس الثوري الإيراني.

ففي هذه الحالة سيفعل ترامب ما في وسعه لتدمير البنية التحتية للحرس الثوري الإيراني تدميرا كاملا، بما في ذلك الحشد الشعبي في العراق، وذلك قبل ترك منصبه. وفق قول “دي روش”.

تفاؤل إيراني

من جانبه، أبدى الإعلام الإيراني، من مختلف التوجهات السياسية، فرحه بخسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية، والذي يعتبر أشد الرؤساء الأمريكيين خصومة لطهران، وقام بما لم يقم به أسلافه، حتى وضعها أمام أزمة اقتصادية مستفحلة.

وتأمل إيران في أن ينعكس فوز بايدن إيجابا عليها، لاسيما وأنه أبدى رغبته علنا في الانضمام مجددا إلى الاتفاق النووي، إضافة إلى إمكانية أن يسمح الرئيس الديمقراطي للمساعدات الإنسانية بالتدفع إلى طهران لمساعدة البلاد على احتواء تفشي فيروس كورونا، بل وقد يذهب إلى أبعد من ذلك ويسمح لصندوق النقد الدولي بالموافقة على القرض الذي طلبته الحكومة الإيرانية بقيمة 5 مليارات دولار.

بدوره، توقع الباحث الإيراني في الشؤون الاقتصادية “بوريا آستركي”، أن ينعكس فوز بايدن على تحسن قيمة العملة الإيرانية واحتواء التضخم خلال الأسابيع المقبلة، عازيا ذلك إلى التأثير النفسي لعودة الديمقراطيين إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة.