للأسبوع الثاني على التوالي، يستمر الهجوم المتزامن من قبل المؤسسات الدينية الرسمية في السعودية علي جماعة الإخوان المسلمين، وسط ترحيب واحتفاء إسرائيلي، ورفض واستنكار واسع من قبل هيئات إسلامية عالمية، الأمر الذي يعتبره مراقبون توظيفاً سياسياً جديداً من بن سلمان بهدف التودد للصهاينة عبر مهاجمة الإخوان تمهيداً لإعلان التطبيع الكامل والمعلن مع إسرائيل. 

هجوم جديد

وفي تطور لافت، اعتبر مفتي السعودية، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أن جماعة الإخوان المسلمين “فرقة ضالة ولا تمت للإسلام بصلة”.

وعبر حسابها الموثق بـ”تويتر”، نشرت الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، مساء الأحد، مقطعاً صوتياً لرئيسها، المفتي العام للمملكة، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.

وعلقت الرئاسة على المقطع، الذي اعتبرته فتوى، بالقول إن “جماعة الإخوان لا تمت للإسلام بصلة وضالة”.

وفي المقطع الصوتي، يرد مفتى السعودية على سؤال حول من يدعو شباب المملكة إلى الانخراط في صفوف جماعة الإخوان وجبهة النصرة (في سوريا) وتنظيم القاعدة وغيرها.

وأجاب قائلاً: “هذه الفرق ضالة مضلة، لا تمت للإسلام بصلة، استباحوا الدماء، وانتهكوا الأعراض، ونهبوا الأموال، أفسدوا في الأرض، وكل من يدعو للانضمام لهم أخطأ وضل سواء السبيل”.

وفي ذات السياق، هاجم إمام وخطيب المسجد الحرام أسامة بن عبد الله خياط، جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد يوم من هجوم حاد وجهته إليها هيئة كبار علماء المسلمين.

وقال “خياط” خلال خطبة الجمعة في المسجد الحرام، اليوم الجمعة: “نحذر المسلمين من الانتماء إلى تنظيمات وأحزاب وجماعات مخالفة في نهجها لكتاب الله”.

وبيّن أن “الانضمام إلى هذه الأحزاب عاقبته هي الفشل وذهاب الريح، وسوء المصير والعذاب في الآخرة”.

وكان وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية عبد اللطيف آل الشيخ قد وجّه، الخميس، خطباء الجمعة كافة إلى التحذير من جماعة الإخوان المسلمين.

والثلاثاء الماضي، أصدرت هيئة كبار العلماء بالسعودية، ويترأسها المفتي أيضاً، بياناً قالت فيه إن “الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، منحرفة تخرج على الحكام وتثير الفتن وتمارس الإرهاب”.

من جهتها، رحبت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد، ببيان هيئة كبار العلماء السعودية التي وصفت جماعة الإخوان المسلمين بأنها “إرهابية”.

وقالت الخارجية الإسرائيلية عبر حسابها على “تويتر” الناطق باللغة العربية: “يسعدنا نحن في إسرائيل أن نرى هذا المنهج المناهض لاستغلال الدين للتحريض والفتنة، ولا شك أن جميع الديانات السماوية جاءت لزرع المحبة والألفة بين الناس”.

وأضافت: “نحن بأمس الحاجة إلى خطاب يدعو للتسامح والتعاون المتبادل للنهوض بالمنطقة برمتها”.

خطاب مسيس

وتوالت بيانات الرفض والاستنكار من قبل الهيئات والمؤسسات الإسلامية لبيان الهيئة السعودية، والذي اعتبروه خطاباً مسيسأً بامتياز، حيث استنكرت 18 هيئة ورابطة علماء المسلمين، ما جاء في بيان “هيئة كبار العلماء بالسعودية”، داعية إياها إلى مراجعة موقفها من جماعة الإخوان المسلمين، مشدّدين على ضرورة “الحرص على وحدة الأمة والابتعاد عن تسييس خطاب العلماء”.

وأشاروا، في بيان مشترك لهم، الخميس، إلى أن “الإخوان المسلمين جماعة دعوية انتسب إليها في مشارق الأرض ومغاربها عدد كبير من العلماء والدعاة والمجاهدين الذين بذلوا في الدفاع عن عقيدة الإسلام وشريعته، وهي مثل غيرها من الجماعات تجتهد فتصيب وتخطئ، فيقبل صوابها ويرد خطؤها”.

وقالوا إن “صدور بيانات هيئة كبار العلماء في السنوات الأخيرة باسم الأمانة العامة وبدون توقيعات العلماء وخطوطهم، وبعيدا عن لغتهم الشرعية وفتاويهم وبحوثهم الرصينة التي صدرت عبر تاريخ طويل من الجهاد العلمي لهو أمر يثير الريبة “

وذكر البيان أن “بلاد المسلمين تمر بحالة من الضعف والتفرق وذهاب الريح نتيجة الابتعاد عن تحكيم الكتاب والسنة، والوقوع في طاعة وولاء أعداء الأمة، ومعاداة وظلم طوائف العلماء والدعاة الناصحين لولاة أمور المسلمين وعامتهم، وواجب العلماء التنبيه إلى تلك الانحرافات والنصح بشأنها لا الانخراط فيما يزيدها ويؤججها”.

وأشار البيان إلى أن “الخلاف بين أهل الإسلام محكوم بقواعد الحرص على الجماعة والوحدة والألفة، وسبيل رفعه بالصلح والإصلاح والعدل والتوافق على طاعة الله ورسوله، والطاعة للحكام في المعروف، وتقديم مصلحة الأمة على مصلحة الفرد والحزب والجماعة”.

واستنكر البيان “توسيع مفهوم جماعة الإخوان ومفهوم الإرهاب معا ليشملا كلَّ ذي رأي ونصح وأمر بمعروف ونهي عن منكر مما ليس على هوى الأنظمة، والاعتقالات التي طالت العلماء والدعاة من جماعة الإخوان ومن غيرها في عدة دول شاهد على هذا التعدي الدولي والتواصي العالمي بأهل السنة”

ووقع على البيان كل من: رابطة علماء المسلمين، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء أهل السنة، والاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة، وهيئة علماء السودان، وهيئة علماء ليبيا، ومجلس البحوث والدراسات الشرعية/ دار الإفتاء بليبيا، ومركز تكوين العلماء بموريتانيا، ومجلس الشورى الوطني سريلانكا، ورابطة علماء المغرب العربي، وهيئة علماء فلسطين بالخارج، ومنظمة النصرة العالمية، ورابطة علماء فلسطين بغزة، ورابطة إرشاد المجتمع في الصومال، ومنظمة النهضة الشبابية التشادية، ورابطة أئمة فرنسا، وملتقى علماء فلسطين، وهيئة علماء المسلمين في لبنان.

استنكار واسع

في سياق متصل، هاجم مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، هيئة كبار العلماء السعودية بسبب حملتها على جماعة الإخوان المسلمين، وتجاهلها لقضايا المسلمين العامة.

جاء ذلك في مقال لأقطاي على صحيفة “يني شفق” ، قال فيه إن هيئة كبار علماء السعودية التي أسستها المملكة عام 1971، ويرأسها كبير المفتين، هي مؤسسة تتحكم في الآراء والمؤسسات الدينية في البلاد، وتقدم الرأي والفتاوى في القضايا الدينية، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والسياسية، ويتم تعيين أعضائها بأمر ملكي.

وأضاف: “بما أن الملك يحمل لقب “خادم الحرمين” والدين الرسمي للبلاد هو الإسلام، فبالتالي، فإن الأولوية الأولى للهيئة المكونة هي العمل بحساسية بشأن كافة القضايا التي من شأنها أن تحمي مصلحة الإسلام والمسلمين في البلاد والعالم”.

وأضاف أن المسلمين في العالم يواجهون خطرا حقيقيا، فقد أصبحت حياة وممتلكات المسلمين في الدول الإسلامية غير آمنة، وأصبح دم المسلم رخيصا مقارنة بغيره، ليس في الدول غير الإسلامية فحسب، بل في البلدان الإسلامية ذاتها.

وأضاف أنه في هذه الظروف، والأذى الذي يتعرض له المسلمون في العالم، لم نسمع من هيئة العلماء السعودية أي صوت أو موقف، وفي مقابل ذلك، أصدرت الهيئة بيانا تعلن فيه أن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.

في ذات السياق، هاجم كبير علماء شبه القارة الهندية هيئة كبار علماء السعودية بسبب بيانها عن الإخوان المسلمين، متهما إياهم بـ”التملق للحكام الظلمة”.

وخاطب العالم سلمان الحسيني الندوي، في بيان، علماء الهيئة السعودية وقال: “سمعت خطبكم للجمعة وأنتم تعلون منابر بلاد الحرمين لا لأجل صلاحكم وتقاكم، بل لأجل أنكم أبواق صداحة لمن ملأوا السجون بالأبرياء وأشاعوا الفواحش بالقنوات الخليعة الماجنة وأنتم ترونها منتشرة في الحرمين الشريفين”.

وتساءل “ألا تخشون الله؟ ألا تخافون أن يخسف بكم، وينزل بكم غضب الله؟ تريدون رضا الله؟ أم رضا الطواغيت؟”.

واختتم كبير علماء الهند بيانه قائلا “لقد كانت شعوب الهند وباكستان وبنجلاديش وغيرها تحبكم لخطبكم وإمامتكم في المساجد وندواتكم. وقد عادت هذه الشعوب تكرهكم وتبغضكم لنفاقكم وكذبكم وجرأتكم على الله في أرض الحرم”.

وختم “الحرم يستعيذ منكم بالله، ويلعن من يلبس الحق بالباطل ويكتم الحق وهو عالم”.