بعد أربع سنوات من التعامل الحر والمباشر بين المملكة العربية السعودية وإدارة ترامب، والتي حصلت المملكة فيها على دعم منقطع النظير من المكتب البيضاوي أثار غضب الداخل الأمريكي بما فيه حزبي الكونغرس، يجد النظام السعودي نفسه الآن أمام إدارة جديدة ستضطره لتغيير سياساته الداخلية أو ستعرضه لتعامل أكثر صرامة من قبل إدارة بايدن.
كانت العلاقة بين ترامب والسعودية مصدر توتر دائم بين البيت الأبيض والعديد من الجمهوريين في الكونغرس، الذين انزعجوا من تورط المملكة في مقتل الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي وفي المقابل حماية ترامب للمسؤولين عن هذه الجريمة الوحشية وعلى رأسهم ولي العهد، كذلك أثار دعم البيت الأبيض الجامح للجهود الحربية السعودية في اليمن انتقادات شديدة من الديمقراطيين إلى جانب أعضاء الحزب الجمهوري.
حملة بايدن اشتملت على العديد من التصريحات والخطابات التي أكد فيها أن تعامل الإدارة الأمريكية مع المملكة في عهده سيكون مختلفاً تماماً عما كان عليه في عهد ترامب، متعهداً أن يجعل السعودية “منبوذة”، وأن يتدخل لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في الرياض أو معاقبة المسؤولين عن ذلك.
كانت سنوات ترامب فترة ذهبية للنظام الحاكم في المملكة، إذ اتسمت إدارة ترامب باتخاذ موقف عدائي من إيران -عدو السعودية اللدود- لهذا حاولت السعودية استغلال هذا الموقف بصورة تضمن أمانها واستقرارها عن طريق إضعاف خصمها، خاصة بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، ومقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني في ضربة عسكرية أمريكية.
مع رحيل ترامب واقتراب تنصيب بايدن رسمياً، تتوقع المملكة العربية السعودية علاقات أكثر توتراً مع فريقه الذي ينتمي لنفس مدرسة أوباما، الذي انتقدت السعودية مفاوضاته مع طهران، لهذا تخشى السعودية أن يتم تكرار هذه المفاوضات مرة أخرى، وعليه فهي تعمل الآن على تهدئة الأوضاع بين واشنطن والرياض بعد الحكم المخفف على لجين الهذلول، المتوقع أن يفرج عنها مارس/آذار المقبل، بالإضافة إلى ذلك فإن الحديث عن تقارب محتمل بين السعودية وقطر ازدادت وتيرته في الآونة الأخيرة، وهو أمر قد يرضي بايدن.
في تعليقه على الموقف السعودي الآن بعد تولي إدارة بايدن الحكم، قال آرون ديفيد ميللر ، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الذي قدم المشورة لكل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية حول سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: “ليس لديهم أصدقاء هنا… الكونغرس معادي، وإدارة ترامب في طريقها للخروج، وإدارة بايدن أوضحت موقفها منذ البداية”.
على الرغم من ذلك، لا زالت الرياض تمتلك ورقة مساومة رئيسية مع إدارة بايدن قد تخفف من شدته “المحتملة” معها، وهي تطبيع العلاقات مع إسرائيل، خاصة بعد أن نجحت مساعي سلفه “ترامب” في التوسط لعقد اتفاقات “سلام” بين تل أبيب وبين الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
السعودية لم تعلن رسمياً الآن عن أي نية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وإقامة تعاملات دبلوماسية رسمية بين الطرفين بسبب التزام العاهل السعودي ]الملك سلمان[ تجاه الفلسطينيين حيث أكد في أكثر من مرة تمسكه بمبادرة السلام العربية 2002، ومع ذلك، تحافظ المملكة على علاقات أمنية هادئة مع إسرائيل للتعاون ضد إيران، كما اتخذت خطوات صغيرة لتليين العلاقات – مثل فتح المجال الجوي للرحلات الجوية التجارية الإسرائيلية – وعدم انتقاد اتفاقيات التطبيع.
حسين إيبيش، الباحث بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، قال إن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية تعتبر تحالفًا مشحونًا ولكنه ضروري، يقوم على أهداف وقيم مشتركة، مضيفاً “وهذا يشمل احتياج الولايات المتحدة إلى علاقات مع المملكة العربية السعودية كجزء من تحالفات أوسع لمواجهة الطموحات العالمية من قبل الصين، والأنشطة المزعزعة للاستقرار من قبل روسيا، والحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط”.
على الجانب السعودي، أكد “إيبيش” أن “الرياض من جانبها بحاجة إلى الأمن الذي توفره الولايات المتحدة كقوة عالمية لضمان سلامتها الوطنية”، متابعاً “بالنسبة للولايات المتحدة، إنها حقًا السياسة العالمية في أعلى مستوياتها… مصالح البلدان عالقة مع بعضها البعض”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا