في وقت لم يتم التأكد فيه بعد من المرشحين الرسميين للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراؤها يونيو/ حزيران 2021، تشير الأسماء المحتملة إلى عسكرة الرئاسة.
تحت هذه الكلمات قالت صحيفة “لوريان لوجور” الناطقة بالفرنسية: تقترب الانتخابات الرئاسية الإيرانية بسرعة، لكن ليس من الواضح من هم المنافسون الذين يحق لهم تقديم أوراقهم وهذا لسبب وجيه.
ففي حين أن الموعد النهائي للتقديم هو 18 يونيو/حزيران 2021 “يتم تسجيل المرشحين رسميا بين 11 و15 مايو/ أيار”، كما يوضح علي آلفونة، الخبير والباحث الإيراني في معهد “دول الخليج العربي” ومقره واشنطن.
ويضيف “المرشحون الجادون، بغض النظر عن التوجه السياسي والانتماء الحزبي، لا يسجلون أسمائهم رسمياً قبل الموعد النهائي، لأنهم يكرسون الكثير من الوقت والجهد في المرحلة الأولى للحصول على موافقة النخب الحاكمة داخل النظام، مع سعيهم في الوقت ذاته لحشد الدعم الشعبي من خلال نشر الشائعات حول ترشيحهم المحتمل”.
ووفقا للصحيفة بمجرد التسجيل رسميًا، يتم فحص المرشحين بعناية من قبل مجلس الأوصياء، وهو هيئة رقابة دستورية تستبعد معظم المرشحين على أساس أسباب إجرائية أو قانونية أو حتى سياسية.
وأشارت إلى أنه خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في فبراير/ شباط 2020، رفضت الهيئة الحكومية ما يقرب من نصف الترشيحات البالغ عددها 16000 – غالبية الذين رُفضت أوراقهم ينتمون إلى “المعتدلين” أو “الإصلاحيين” – وكان يرجع ذلك جزئياً إلى التوترات الإيرانية الأمريكية في أعقاب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وأكدت أنه في معسكر أولئك الذين غالبا ما يطلق عليه “المعتدلون”، فاللحظة ليست وقت للأوهام، لأنه مع الصعوبات التي يواجهها كبار المسؤولين في الحصول على موافقة مجلس صيانة الدستور، لا يحظى هؤلاء بشعبية ويرجع ذلك لفشل المفاوضات مع الولايات المتحدة والأزمة الاقتصادية التي ساهم فيها هذا الأمر.
وقد تجلى هذا التنصل اللاذع بشكل ملحوظ خلال العدد الكبير جدا للمرشحين المحافظين في الانتخابات التشريعية التي جرت فبراير/ شباط 2020، في سياق عام من الامتناع الجماعي، حيث كانت نسبة المشاركة هي الأدنى منذ ثورة 1979 (42.57 في المائة فقط).
وذكرت “لوريان لوجور” أن الاستياء نبع جزئياً أيضاً من القمع الوحشي الذي تعرض له المحتجون خلال انتفاضة نهاية عام 2019، والذي لا يزال من الصعب فهم مداه، حيث يزرع النظام مناخا من الخوف حول هذا الموضوع، الذي يحفزه تنفيذ تدريجي لنظام صارم للغاية لمراقبة الإنترنت، منذ الانتخابات الرئاسية 2009، بهدف منع الكشف عن الصور ومقاطع الفيديو والشهادات.
ونوهت بأنه في ذلك الوقت، شكك المتظاهرون، الذين نزلوا إلى شوارع البلاد بمئات الآلاف في نتيجة الانتخابات واتهموا الحكومة بتزوير الانتخابات لصالح الرئيس المنتهية ولايته المحافظ جداً محمود أحمدي نجاد. وكان يتم ذكر اسم وزير الخارجية الإيراني الحالي محمد جواد ظريف بانتظام كمنافس، إلا أن رئيس الدبلوماسية الإيرانية أكد مرارا أنه لا يتصور نفسه في هذا المنصب.
عسكرة النظام
واستعدادا للاقتراع المقبل يبدو أن هناك العديد من الشخصيات التي تلوح في الأفق بالجانب المحافظ، ولكن الأهم من الأسماء، فإن السياق هو المهم، وعلى الخصوص ما تصفه العديد من التحليلات بعسكرة الرئاسة الإيرانية، فمن بين الشخصيات التي يتردد أسمائهم العديد من أعضاء الحرس الثوري الإسلامي، تبين الصحيفة.
ولفتت إلى أنه على مدى عقود، كان الحرس الثوري، الجيش الأيديولوجي للنظام الإيراني، جزءًا من “الدولة العميقة” لهذا البلد، واليوم، أصبح على وشك السيطرة على الدولة بأكملها، وبذلك يلقي بظلاله على الرئاسة الإيرانية، كما ذكر في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 الموقع الإلكتروني لمركز الأبحاث المتخصص في إيران “كسرى عرابي”.
كذلك خلال مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” في أغسطس/ آب 2020، ذكر ـعلي رضا إشراقي، باحث زائر في مركز دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية بجامعة نورث كارولينا، وأمير حسين مهدوي، طالب دكتوراة في العلوم السياسية بجامعة كونيتيكت، تعبيرًا جديدًا ينتشر في جميع أنحاء البلاد مفاده أن السلطة تُنتزع من رجال الدين الذين يرتدون العمامات إلى الرجال الذين يرتدون البيادات العسكرية.
وأحد الأمثلة الأكثر دلالة على ذلك، تقول “لوريان لوجور”، رئيس البرلمان المنتخب حديثاً هو محمد باقر قاليباف، حيث كان برتبة عميد في الحرس الثوري الإيراني لفترة طويلة، وكثيراً ما كان يُذكر كمرشح محتمل، حيث ترشح بالفعل ثلاث مرات في 2005 و2013 و2017، وعلى الرغم من انحيازه إلى “المتشددين”، إلا أنه كان قادراً على الدعوة إلى الحوار مع واشنطن في بعض الأحيان.
وتابعت “في عام 2017، انسحب قاليباف من السباق لإفساح المجال لإبراهيم رئيسي، رجل الدين ورئيس السلطة القضائية الذي لم يكن أبداً جزءاً من الحرس الثوري الإسلامي، لكنه قد يظهر كشخصية توافقية لمناصري الخط المتشدد، لا سيما أنه تميّز برغبته في مكافحة الفساد، ومع ذلك، يعتقد البعض أنه سيكون لديه طموحات أخرى، وهي خلافة المرشد علي خامنئي الذي يبلغ من العمر 82 عاماً تقريباً.
حسين دهقان
ويقول علي آلفونة “من السابق لأوانه القول من هم المرشحون الجادون للمحافظين، لكن يبرز ضابطين من الحرس الثوري أولهما حسين دهقان، وزير الدفاع السابق ومسئول الحرس السابق بلبنان خلال الثمانينيات، ويمثل جيل الآباء المؤسسين للحرس الثوري الإيراني”.
ويضيف: الثاني هو سعيد محمد، الذي كان حتى وقت قريب قائد مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوي الإيراني – من أكبر رجل الأعمال في البلاد – وينتمي إلى الجيل التكنوقراطي الشاب في الحرس الثوري الإيراني”.
وترى الصحيفة أن الأرجح لتولي المنصب هو دهقان الذي عُيِّن عام 1982 رئيساً لعمليات الحرس الثوري الخارجية في لبنان وسوريا، وكان مشرفا فيما بعد على إنشاء “حزب الله “كرد على الاحتلال الإسرائيلي، وهو لا ينتمي لأي حزب وولائه أولاً وقبل كل شيء لعلي خامنئي.
منذ عام 2017، تولى منصب المستشار الخاص للصناعة الدفاعية ولوجستيات القوات المسلحة، وبناءً عليه يتعامل مع برنامج الصواريخ الباليستية، وهي قضية رئيسية لطهران إذ أصبح هذا البرنامج في السنوات الأخيرة، أحد الركائز الأساسية للسياسة الإقليمية الإيرانية، لدرجة أن طهران نقلته جزئياً إلى الميليشيات التابعة لها في لبنان وسوريا واليمن والعراق.
وفي حين تريد إدارة بايدن استئناف المفاوضات النووية من خلال توسيعها لتشمل الصواريخ الدقيقة، تعارض إيران حتى الآن ذلك، وأعلنت أن دفاعها خط أحمر، تشير الصحيفة، كما أنه بينما تقتصر ولاية الرئيس الحالي حسن روحاني “المعتدل” على استئناف المحادثات بموجب اتفاق فيينا النووي، فإن المرشد الأعلى، وهو نفسه من مؤيدي الخط المتشدد، يتمنى أن يكون المحافظون في وضع يسمح لهم بالسيطرة على أي تمديد للاتفاق.
وتختم الصحيفة مقالها بتأكيد آلفونة على أن “الانتخابات الرئاسية المقبلة يجب فهما على أنها محاولة بين الفصائل المتنافسة، لا سيما الحرس الثوري الإيراني من جهة والتكنوقراط الذين يمثلهم روحاني وظريف من جهة أخرى، للتحضير لمرحلة ما بعد خامنئي”.
للإطلاع على النص الأصلي اضغط هنا
اقرأ أيضًا: معارضو الخارج: عدم معاقبة بن سلمان يعرضنا جميعاً للخطر
اضف تعليقا