- تعليمات للبرلمان بالهجوم على كامل الوزير..
تحدثت تقارير صحفية عدة عن أن عددًا من أعضاء برلمان حنفي الجبالي في مصر، والذين يُعرفون بأنهم “تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين” التي شُكلت من خلال جهاز الاستخبارات العامة برئاسة عباس كامل، الذراع الأيمن لعبد الفتاح السيسي، تلقوا تعليمات من جهات سيادية بالهجوم على وزير النقل، كامل الوزير، وانتقاده، تمهيدًا للإطاحة به من منصبه ضمن تعديل وزاري مرتقب ومحدود، وذلك على خلفية حادث تصادم قطاري سوهاج، أول أمس الجمعة، والذي أودى بحياة 32 مواطنًا مصريًا كانوا على متن القطار، فضلًا عن إصابة نحو 200 آخرين.
وبحسب المصادر التي اعتمدت عليها التقارير الصحفية، فقد ركزت التعليمات على توجيه النواب بتقديم طلبات إحاطة وبيانات عاجلة، واستخدام الأدوات الرقابية المتاحة لهم ضد وزير النقل، ويُلقى فيها بالمسؤولية السياسية على الوزير عن حادث القطارين، تمهيدًا لطرح مسألة التعديل الوزاري خلال الأيام القادمة.
وتحدثت المصادر عن أن التعديل الوزاري المحتمل سيتضمن عددًا من الوزراء غير المرضي عنهم داخل الحكومة، وعلى رأسهم وزير الدولة للإعلام، أسامة هيكل، الذي يسبه إعلام الأجهزة الأمنية في مصر ليل نهار، وكذلك وزيرة الصحة والسكان، هالة زايد، إضافة إلى وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق.
وحسب المصادر ذاتها، فإن تعليمات النيْل من وزير النقل والهجوم عليه لم تشمل -حتى الآن- النواب التابعين لحزب الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ، “مستقبل وطن”، والذي يخضع نوابه لسيطرة ضباط جهاز الأمن الوطني، الذين يتحكمون به من وراء ستار، ولذلك يُعتبر الحزب بديلًا عن الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم قبل أن تخلعه الثورة عام 2011.
ولا يزال قرار الإطاحة بالوزير غير باتٍّ بعد حتى اللحظة، فقد أشارت المصادر إلى أن “الوزير لا يزال يتمتع ببعض النفوذ لدى الدائرة المقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويضغط عليها في الوقت الراهن للإبقاء عليه في منصبه”.
- طلبات إطاحة ومناقشة مستمرة..
وفي هذه الأثناء، تقدم عمرو درويش، النائب عن “تنسيقية شباب الأحزاب”، بطلب إحاطة، شدد فيه على أن “الوطن عاش لحظات شديدة الحزن إثر الحادث المأساوي بتصادم قطاري سوهاج، وعلى إثر هذه الفاجعة خرج علينا البعض بتصريحات غير ملائمة، تعكس عدم الإحساس الكامل بالمسؤولية”، ويكأنه يشير إلى إلى تصريحات كامل الوزير التي تحدث فيها عن عبث “مجهولين” في مكابح الطوارئ بأحد القطارين. وشدّد النائب البرلماني على أن “دماء الضحايا الذين ارتقوا إلى السماء، وكذلك آلام المصابين، لا يجب أن تذهب هباء”، وأكد كذلك على “ضرورة محاسبة المقصرين حساباً رادعاً، بصورة تمثل إنذاراً لكل من تسول له نفسه الاستهانة بأرواح المصريين”.
كذلك تقدم رئيس الهيئة البرلمانية لـ “الحزب المصري الديمقراطي”، بطلب إحاطة إلى حنفي جبالي، رئيس المجلس، حيث طالب النائب فيه بـ”التحقيق الفوري مع المسؤولين عن الحادث، ومحاسبتهم، وتشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على ملابسات الحادث الأليم، الذي أسفر عن وفاة مواطنين أبرياء فقدوا أرواحهم نتيجة للاستهتار”.
كما تقدمت أميرة صابر، النائبة البرلمانية عن “تنسيقية شباب الأحزاب”، بطلب إحاطة ثالث، ذكرت فيه أنه “يجب معاقبة ومحاسبة كلّ مسؤول كان طرفاً في هذا التقصير، حساباً عسيراً، وسنستخدم كل الأدوات الرقابية لنقف على حقيقة الأمور، فدماء المصريين أغلى كثيراً من أن يستمر هذا النزيف المستمر من دون تدخل حاسم للردع، وإصلاح الأوضاع المتردية في هذا القطاع”.
من ناحية أخرى، تقدمت النائبة البرلمانية عن حزب الوفد في مجلس الشيوخ، أمل رمزي، بطلب مناقشة عامة إلى عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، للوقوف على ملابسات حادث تصادم قطاري سوهاج، كما دعت إلى أهمية وضرورة حضور المسؤولين والجهات المعنية إلى المجلس للوقوف على أبعاد الحادث، ومعرفة المتسببين فيه، وصولًا إلى معاقبة المقصرين حال ثبت تقصير متعمد.
كما رأت النائبة أن العنصر البشري في هيئة السكك الحديدية أحد أهم العناصر التي تحتاج إلى التطوير، حيث إن الغالب الأعظم من حوادث السكك الحديد في مصر مردها بشكل كبير إلى خطأ قام به عنصر بشري، وهو ما يُظهر بشكل واضح ضعف كفاءة بعض العناصر البشرية في هيئة السكك الحديدية، مما يشير إلى حاجتها للتدريب والتأهيل الجيد.
وأكدت إلى أن النواب “على أتم الاستعداد للتعاون بكافة الأدوات الرقابية لمواجهة هذا التقصير، ومنع تكراره مجدداً”، كما طالبت رمزي بـ “ضرورة توقيع الجزاء الرادع لكل من تسبّب في هذا الحادث الأليم بإهمال أو بفساد أو بسواه من دون استثناء أو مماطلة”.
- خيار السيسي الوحيد.. العسكرة
وتولى العسكري كامل الوزير حقيبة النقل مطلع مارس/ آذار عام 2019، في إطار رغبة قائد الانقلاب في تعميم ما أطلق عليه حينها “الضبط والربط” العسكري على هذا القطاع، وذلك على خلفية انتقادات وُجهت للنظام العسكري عقب وقوع 4 حوادث قطارات كبيرة بين العامين 2017 و2019، والتي راح ضحيتها مئات المواطنين المصريين الأبرياء.
وقد وقع اختار السيسي على الوزير كامل الوزير، المشهود له على المستوى العسكري بالانضباط والصرامة، كما أنه من التابعين للسيسي المنفذين لأوامره بغض النظر عن أي اعتبارات فنية ومالية، وهو ما لاقى ترحيبًا واسعًا آنذاك من نواب البرلمان التابعين للنظام العسكري، وكذلك وسائل الإعلام الموالية، بل وصل الأمر إلى درجة أن بدأت دعواتٌ تظهر لتوليه رئاسة الحكومة.
وبعد تولي كامل الوزير لحقيبة النقل بأيام، بدأت سلسلة حوادث القطارات في عهد الوزير العسكري الذي وضع عليه السيسي آماله؛ ففي نفس الشهر الذي تولى فيه الوزير، أي مارس/ آذار 2019، سقطت عجلة من بوجي بعربة توليد القوى في قطار ركاب بورسعيد -الإسماعيلية، لكن دون حدوث أي إصابات.
وفي إبريل/ نيسان من نفس العام، تكرر ذات الحادث مرة أخرى في قطار بمحافظة كفر الشيخ، لكنه أسفر هذه المرة عن إصابة 9 مواطنين.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أُجبر شابان على القفز من قطار في مدينة طنطا، نتيجة تنفيذ عاملي القطار لتعليمات الوزير المشددة الصامرة بعدم السماح بتواجد الباعة الجائلين أو ركاب دون تذاكر، وهي الحادثة التي أودت بحياة أحد الشابين، ونجا الآخر بأعجوبة.
وعقب الحادث بأيام، اصطدم قطار في محافظة الأقصر بسيارة أجرة، ما أدى إلى وفاة 4 مواطنين مصريين.
وفي مارس/ آذار من العام الماضي، تصادم قطارا ركاب بين محطتي إمباية ورمسيس بمحافظة القاهرة، وهو ما أسفر عن إصابة 13 شخصًا.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من ذات العام، خرج قطار في كفر الشيخ عن القضبان ليودي بحياة شاب مصري. وفي فبراير/ شباط من العام الجاري، اصطذم قطار بسيارة في محافظة أسيوط، ونتجت عنه إصابات معدودة.
بعد سلسلة حوادث، لم تتمخض قريحة السيسي لحل الإشكال إلا عن فكرة أن يوَلّي العسكرَ الوزارة، أملًا في أن يجدوا حلًّا، لكن أمله خاب وخابت فكرته.
فلم يتمكن كامل الوزير من منع حوادث القطارات، بل استمر في عهده نزيف الأرواح، وفي ظل مطالبات للسيسي بتطوير السكة الحديد، يعلن الفاشل المستهتر أنه بدلًا من أن يطور السكة الحديد بنحو 10 مليار دولار، فإنه من الممكن أن يضع هذا المبلغ في البنك ويستثمره، وسيعطي له البنك ربحًا قدره 1 مليار دولار.
هذه هي حلول السيسي العبقرية، وهكذا يستهتر بالمصريين وأرواحهم، وهذا ثمن دماء المصريين عند رجل لم يتورع أن يقتل في يوم واحد ما يزيد عن 4 آلاف شهيد في مذبحة فض رابعة والنهضة.
اقرأ أيضًا: السيسي خطر ليس فقط على مصر بل على العالم
اضف تعليقا