العدسة_ بسام الظاهر

تستعد دول المنطقة إلى الدخول في مرحلة جديدة مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة، برعاية أمريكية مصرية، ولكن يبدو أن الكويت تغرد خارج هذا السرب.

الكويت بدت أكثر دول الخليج بعدا عن الدخول في التطبيع مع إسرائيل، على الرغم من اتخاذ بعض الدول خطوات بالفعل وتحديدا السعودية.

السعودية أكثر دول الخليج ميلا للتطبيع خاصة مع تحكم ولي العهد محمد بن سلمان في مقاليد الحكم، والذي زاد من نزعة التطبيع مع إسرائيل، بعد سعي الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تطبيق ما أسماه “السلام الدافئ” مع الكيان الصهيوني.

ولكن السؤال الذي يتردد الآن هل يمكن أن تعرقل الكويت التوسع في نزعة التطبيع مع إسرائيل؟.

الكويت ومقاطعة إسرائيل

يمكن تحديد ملامح مناهضة الكويت للتطبيع مع إسرائيل خلال الفترة الأخيرة في جانبين أساسيين، الأول متمثل في مهاجمة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم (البرلمان) رئيس الكنيست الإسرائيلي خلال جلسات البرلمان الدولي قبل أيام.

الغانم هاجم وفود إسرائيل بشدة، ووجه دعوات لطردهم من جلسات البرلمان الدولي، وهو ما أوقع رئيس الكنيست في حرج بالغ ولم يجد أمام إلا الخروج من القاعة، بعد تصفيق حاد لتأييد حديث رئيس مجلس الأمة الكويتي.

ووجه حديثه لرئيس الكنيست قائلا: “عليك أيها المحتل الغاصب أن تحمل حقائبك وتخرج من القاعة بعد أن رأيت ردة فعل برلمانات العالم”.

وأضاف: “اخرج من القاعة إن كان لديك ذرة من كرامة.. يا محتل يا قتلة الأطفال… أقول للمحتل الغاصب، إن لم تستح فافعل ما شئت”.

وما كان من أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، إلا إرسال برقية للغانم لامتداح موقفه من ممثلي الكيان الصهيوني، وقال: “نشيد بهذا الموقف المشرف الذي كان محل تقدير ممثلي الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة المحبة للسلام في هذا البرلمان الدولي”.

هذا الموقف من أمير الكويت يؤكد وجود تناغم في رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى الرسمي سواء السلطة التنفيذية أو التشريعية.

أما الجانب الثاني، استضافة الكويت مؤتمرا لحركة مقاطعة إسرائيل في الخليج “بي دي إس غولف“، لمناهضة التطبيع في دول الخليج العربي، تحت رعاية رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، في 17 نوفمبر المقبل.

وللكويت تاريخ من رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، إذ أصدرت القانون 21 لسنة 1964 “الذي يحظر حيازة وتداول السلع الإسرائيلية بكل أنواعها”، وقد تم إقرار القانون من كل الوزراء والنواب الحاضرين بدون أي امتناع أو اعتراض، وفقا لما جاء في المضبطة رقم 55، في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 9 مايو/أيار من العام 1964.

وحظرت مواد القانون التعامل مع “كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محل الاتفاق صفقات تجريس أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أيا كانت طبيعته”.

القانون وضع المخالفين للقانون تحت طائلة عقوبات قاسية منها الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامات المالية الضخمة.

“مرزوق الغانم” و “أمير الكويت”

نزعة التطبيع

الدافع الأساسي لتنظيم هذا المؤتمر الآن هو زيادة نزعة التطبيع في المنطقة العربية وتحديدا في الخليج خلال الأشهر القليلة الماضية، بحسب الدعوة التي خرجت وفقا لها المؤتمر.

المؤتمر تحت تنظيم حركة المقاطة في الخليج، إذن فإن التحركات تستهدف بالأساس مواجهة الاتجاه للتطبيع في تلك المنطقة والمقصود بالتأكيد السعودية والإمارات.

السعودية تعددت أوجه وبشائر التطبيع مع إسرائيل، وكانت أول خطوة ما يتعلق بجزيرتي “تيران وصنافير” التي تنازل عنهما الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تدخل ضمن اتفاقية “كامب ديفيد”.

ويقضي سيادة السعودية على الجزيرتين التنسيق الأمني مع إسرائيل، إذ باتت المملكة ملتزمة بالاتفاقية التي وقعت عليها مصر مع الكيان الصهيوني.

وكشف مسؤول إسرائيلي عن زيارة سرية لمحمد بن سلمان لإسرائيل قبل أيام، ليحسم الجدل حول الأخبار التي تحدثت عن زيارة أمير سعودي سرا لإسرائيل.

ورغم النفي السعودي لهذه الزيارة، إلا أنه جاء بعد نحو 3 أيام من الكشف عن هذا الأمر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما يزيد الشكوك حول هذه الزيارة.

هذا بالتأكيد بخلاف قيادة تركي الفيصل وأنور عشقي للتطبيع مع إسرائيل عبارة زيارات إلى الأراضي المحتلة ولقاءات مع مسؤولين إسرائيليين.

أما الإمارات والتي بدأت في الدخول في مناورات مشتركة مع دول كان من بينها إسرائيل مرتين، الأولى في 2016، والثانية في الربع الأول من العام الجاري.

بن زايد و بن سلمان

“بن زايد” و “بن سلمان”

عرقلة المخطط

وبدا أن موقف الكويت يعرقل تقارب دول خليجية وبالأخص السعودية والإمارات ومن بعدهما البحرين التي تميل سياساتها إلى المملكة مع إسرائيل.

ولكن هذا الموقف الكويتي سيكون سببا في إحراج دول الخليج إذا استمر في الرفض التام للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لأن هذا يظهر الدول المطبعة بأنها خانت القضية الفلسطينية.

وهنا فإن التحركات الخليجية والأمريكية متوقع أن تكون ضاغطة على الكويت على الأقل للقبول بتطبيع نسبي على مستوى رسمي، ولكن هذا سيكون مرهون بمدى الموافقة على ذلك.

أمريكا أيضا ستكون لها دور ضاغط على الكويت في هذا الأمر، خاصة وأن هناك مخطط أمريكي برعاية مصرية التي تربطها بعلاقات رسمية دبلوماسية وزادت بشكل كبير إلى تنسيق كامل في عدة قضايا منذ وصول السيسي إلى الحكم في 2013.

الدور المصري كشف عنه وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أوري سافير، إذ أن مصر أعدت مبادرة تهدف إلى تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مع إرساء شراكة عربية إسرائيلية لمواجهة الإسلام المتطرف، برعاية أميركية.

وجاء هذا التصريح في موقع “يسرائيل بالس“، النسخة العبرية لموقع “المونتور”، نقلا عن دبلوماسي مصري، والأخير أكد أن المبادرة تجسد سعيا مصريا لاستغلال قوة الدفع التي أفضى إليها اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس.

تفاصيل هذه المباردة تؤكد على ضرورة عقد اجتماع في أمريكا لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، خوفا من عرقلة هذه الجهود فكان لا بد من تدخل الولايات المتحدة للضغط على مختلف دول المنطقة.