العدسة- ترجمة: هادي احمد

رأى محللون غربيون أن قرار المملكة بالسماح للعائلات السعودية بدخول الملاعب الرياضية، والذي يفتح الطريق أمام السماح للنساء بدخول مدرجات الملاعب الرياضية، يثير العديد من التساؤلات، ويعطي إجابات تتعلق بجوهر عملية الإصلاح التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والسياسية الرياضية في المملكة .

وقال “جيمس دورسي” الخبير المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في جامعة “نانيانج” التكنولوجية في سنغافورة،  في مقال نشره موقع “هاف بوست” النسخة الأمريكية،  إلى أن رفع السماح للنساء بدخول الملاعب الرياضية، جاء بعد أسابيع من قرار المملكة التاريخي برفع الحظر المفروض منذ سنوات على قيادتهن السيارات.

وأشار إلى أن تلك التحركات تهدف إلى إبراز المملكة في صورة أكثر انفتاحية، في الوقت الذي تسعي فيه لجذب الاستثمارات الأجنبية التي هي في أمس الحاجة إليها .

 

وذكر بيان نشره موقع الهيئة العامة للرياض السعودية على الإنترنت، أنه “تماشيا مع توجهات قيادتنا الرشيدة… فقد تقرر البدء في تهيئة ثلاثة ملاعب لتكون جاهزة لدخول العائلات، وفقا للضوابط الخاصة بذلك في مطلع 2018”.

والملاعب الثلاثة هي إستاد الملك فهد في الرياض وإستاد مدينة الملك عبد الله في جدة وإستاد الأمير محمد بن فهد في الدمام.

وأوضح أن المملكة سبق أن رفضت، حتى وقت قريب، طلبات اللجنة الأولمبية الدولية، بمنح النساء الدعم والتسهيلات اللازمة لتمكينهن من مشاركة النساء في جميع الألعاب الرياضية .

ولفت إلى أنه لم يتضح بعد في ظل القرار الجديد، إذا ما كان بإمكان المرأة الدخول إلى أي حدث رياضي وفقا لاختيارهن أم لا ، كما ليس من الواضح مدي تأثير ذلك على القيود واسعة النطاق المفروضة، على تشجيع الرياضات النسائية ، وليس فقط الفروسية والمبارزة والرماية .

وأشار إلى أن الرفع الجزئي للحظر المفروض على دخول النساء السعوديات الملاعب الرياضية قد يكون له علاقة بحالة القلق داخل اللجنة الأولمبية الدولية، من زيادة تدخلات الحكومة في قطاع الرياضة السعودية، وهو قطاع يخضع دائما لسيطرة الدولة .

ونوه الكاتب إلى أن المسؤولين السعوديين أعربوا عن قلقهم من تعرض المملكة لنفس مصير الكويت وباكستان، اللذين تم تعليق الأنشطة الكروية فيهما بعد أن حل تركي الفيصل، منذ تعيينه رئيسا للهيئة العام للرياضة، محل المسؤولين في جميع الاتحادات والجمعيات الرياضية، باستثناء كرة القدم.

نظام أوتوقراطي

وأكد الكاتب أن تشديد قبضة السعودية على حوكمة الرياضات، بجانب رفع حظر القيادة عن النساء، والسماح لدخولهن الملاعب، يتناسب مع نمط إصلاحات الأمير محمد بن سلمان ، التي تركز على التنويع الاقتصادي والترشيد، مع عمل الإصلاحات الاجتماعية اللازمة، ولكن بشكل “محدود”، مع استمرار قمع أي شكل من أشكال المعارضة .

وذكر الكاتب أن الإصلاحات المحدودة، وقمع المعارضة تصطدم مع تعهد ولي العهد باستعادة الإسلام المعتدل (الذي لم يحدد تعريفه بشكل دقيق)، وذلك على الرغم من تراجع قوة الشرطة الدينية المتمثلة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسماح بأشكال من الترفيه بالموسيقيى والأفلام .

وقال الكاتب: إن المملكة رغم تعهد ولي العهد بمنع خطاب الكراهية الدينية، لاسيما الموجه ضد الشيعة، والسماح بحرية العبادة والاعتناق، إلا أنه لا تزال المملكة تفرض حظرا وقيودا على الطقوس الدينية وغيرها من الممارسات الدينية لغير المسلمين .

وأضاف الكاتب: “وحتي الآن فإن تحركات الأمير محمد بن سلمان تناسب اتجاها أكثر عمومية بين النظم الأوتوقراطية (نظام حكم الفرد بدون انتخاب)، التي تدرك أن نظمهم الاستبدادية تحتاج لمجرد تحديث؛ ولتحقيق هذا الهدف، تقوم بطرح سلع عامة، وخلق فرص عمل، وتلبية رغبات عدد كبير من السكان الشباب ، وهذا بالضبط ما اشتملت عليه رؤية 2030.

ورأى الكاتب، أن المملكة بحاجة لتغير الصورة الذهنية المأخوذة عنها والمتعلقة بالتشدد، ليس فقط من أجل الحصول على الاستثمارات الأجنبية، ولكن من أجل نزاعها مع قطر ـ التي لديها هي الأخرى صلات بالوهابية ـ وتنافسها مع عدوها اللدود إيران .

وأوضح الكاتب أن قطر ـ على عكس المملكة ـ تمكنت من  تقديم نفسها باعتبارها دولة أكثر تقدما، وعلى الرغم من المقاطعة التي تقودها المملكة والإمارات منذ 5 أشهر، بمزاعم دعم قطر للإرهاب والعنف السياسي، وفى تناقض ما تذهب إليه المملكة، تتفاخر قطر حاليا بتنظيم أكبر فاعلية تتعلق بعمل المرأة، وهي “تمكين المرأة في الأعمال” والتي استضافها مركز قطر للمال ، بالتعاون مع يوم رائدات الأعمال العالمي .

يأتي ذلك في الوقت الذي فشلت فيه الدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب- وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، خلال 5 أشهر من مقاطعة قطرـ في كسب التعاطف العالمي؛ بسبب رفضهم الدخول في مفاوضات غير مشروطة مع قطر .