مع نجاح مرشح الثورة الدكتور “محمد مرسي” في الانتخابات الرئاسية عام 2012 برز “عبد الفتاح السيسي”، اللواء حينئذ، إلى الوجهة في مصر وفي هذا الوقت بالتحديد تداول ناشطون مقطع فيديو منسوب للشيخ “حازم صلاح أبو إسماعيل” الذي يقبع حالياً في سجون السيسي وهو يصفه بـ “الممثل العاطفي”.. هذا الوصف كان غريباً حينئذ خاصة أنه ينسب لضابط برتبة لواء بالجيش المصري ولكن لم يكن أحد يعلم أن قائد الإنقلاب “عبد الفتاح السيسي” بعد مرور 9 سنوات على هذه الأحداث سيلجأ للدراما حقاً لتمرير أهدافه وإخفاء فشله، وهو ما شاهده الجمهور المصري في المسلسل الرمضاني “الإختيار 3” .. ومع ذلك لم يكتف “السيسي” بالدراما بل برع في التمثيل على الشعب وإظهار دور المتسامح الديمقراطي الذي يدعو للحوار مع القوى السياسية بلا استثناء.. فهل حقاً يسعى السيسي إلى حوار حقيقي وهل يرغب حقاً في سماع أصوات المعارضة ؟!.

دور البطولة في الدراما 

استمراراً لسلسلة الأعمال الفنية التي تنتجها شركة “سينرجي” التابعة للمخابرات في مصر لتحسين صورة الجيش والشرطة وإظهار بطولات عناصرها في مواجهة أعداء مصر في الداخل، تم إنتاج مسلسل الإختيار 3 وهو يسرد أحداث أخطر 96 ساعة في تاريخ مصر والتي قام فيهما “السيسي” بوضع اللمسات الأخيرة للانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب “محمد مرسي”، المسلسل كان الغرض منه إظهار “السيسي” في دور البطل الذي أنقذ مصر من جماعة الإخوان المسلمين ولكن على النقيض .. فقد لاقى سخرية واسعة بدأ من طول قامة الممثل “ياسر جلال” الذي يلعب دور “السيسي” في المسلسل والتي تسربت أخبار عن رفض السيسي نفسه لممثل آخر يدعى “أحمد السقا” أن يلعب نفس الدور نظراً لقصر قامته مروراً بأن المسلسل هو أول عمل من نوعه يحكي شخصية حاكمة معاصرة ويروي الأحداث من جهة واحدة وهي جهة العسكر.. وقد أشار الكثير من النقاد الفنيين إلى أن المسلسل لم يلب المطلوب، بل بالعكس فقد أعاد إلى أذهان الشعب المصري صورة الرئيس “مرسي” وأظهرت التسجيلات أن “السيسي” كان يتآمر عليه.

وبعيداً عن نتيجة المسلسل ومردوده فالشاهد هنا هو لجوء السيسي لعمل درامي لتحسين صورته وإظهار نفسه في دور المنقذ وهذا يدل على أن “السيسي” في ورطة حقيقية في ظل تردي الوضع الإقتصادي وتراكم الديون على مصر وتراجع شعبيته لحد كبير لدى جموع الشعب المصري الذي أصبح يضيق به ذرعا.

 

الحوار مع النفس 

خلال حفل إفطار الأسرة المصرية أعلن قائد الانقلاب عن تكليف إدارة المؤتمر الوطني للشباب بإدارة حوار سياسي مع كل القوى بدون استثناء ولا تمييز “على حد قوله”، ورفع مخرجات هذا الحوار له شخصياً مع وعده بحضور المراحل النهائية منه، إضافة لذلك فقد أعلن “السيسي” عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، وتعطيلها لسنوات، على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية.. وهنا يُطرح سؤالاً مع من سيتحاور “السيسي” ونظامه وجميع معارضيه حتى ذوي الخلفيات العسكرية في السجون التي تستوعب ضعف طاقاتها؟!.

قائد الانقلاب من قبل هو من أغلق بنفسه جميع سبل الحوار مع القوى السياسية والدليل على ذلك أن الناشط “خالد داوود” كان ضمن الحاضرين في حفل إفطار الأسرة المصرية وهو معتقل رأي سابق أي أن السيسي نفسه الذي يدعوه للحوار والرأي هو نفسه من أمر باعتقال “داوود” بسبب رأيه من قبل.. إذاً إن حدث وأقيم حوار فسيكون حواراً يحاور فيه النظام نفسه وسيكون المدعوين المحتملين له من الموالين للنظام وأذرعه من النخب والكتاب والإعلاميين، وغيرهم من الآكلين على موائد النظام، وتحت إشراف الأجهزة الأمنية والمخابراتية.

 

تمثيلية الحوار 

يسعى السيسي إلى إظهار نفسه في دور البطل المنقذ، ومحاولة تهدئة الوضع الداخلي في الشارع المصري الذي يغلي من الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار وذلك من خلال أعماله التمثيلية سواء في الدراما أو في الواقع مستغلاً مؤتمراته وتجمعاته الذي يحاول بها إلهاء الشعب عن فشله الذريع في جميع الملفات والآن يخرج عليهم ليمثل لهم دور الجامع لكل أطياف الشعب المصري من خلال دعوة مكذوبة للحوار في وقت تكتظ فيه سجون مصر بمعارضين الرأي.