كتبت ـ ربى الطاهر
تبنّت وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع إحدى الشركات الاستثمارية حملة للحفاظ على البنايات القديمة والشهيرة، وتطويرها في منطقة وسط البلد بمدينة القاهرة التي طالما اعتاد المصريون تداول أسمائها ومن أشهرها عمارة “الإيموبليا” و”يعقوبيان”.
استهدفت الحملة عدة بيانات شهيرة بالطلاء والإضاءة، ليس هذا فقط بل جاءت الإضافة هذه المرة بتثبيت لافتة في مدخل كل بناية تحكي عن تاريخ إنشائها وأهم الشخصيات العامة والشهيرة التي سكنتها.
جاء الحصاد ليحكي بشكل رئيسي عن منازل ومكاتب العديد من الفنانين المصريين في مجال الغناء والسينما؛ ففي عمارة 4 شارع مظلوم، على سبيل المثال، لافتة تحكي عن مالكها الفنان الراحل أنور وجدي، بُنِيت في أوائل الخمسينيات وسكنها العديد من نجوم الفن، مثل الفنان استيفان روستي، والمخرج الراحل عثمان أباظة، والمذيع الراحل جلال معوض، الذى اشتهر بإذاعة بيانات ثورة يوليو، وارتبط اسمه أيضًا بالبرنامج الشهير “أضواء المدينة”.
ومن شارع مظلوم إلى شارع شريف وعمارة “الإيموبيليا”، أو عمارة الزمن الجميل، كما أطلق عليها، كأعلى عمارة في مصر في زمنٍ كانت منطقة وسط القاهرة من أرقى الأحياء. في “الإيموبيليا” تسمع صوت القيثارة “ليلى مراد” يصدح في ثناياها، أو تتخيل تلك النغمات العذبة التي تردّدت وقتها وآلات تشدو بألحان محمد عبدالوهاب الخالدة حتي يومنا هذا، أو الهمهمات والضحكات على نكات نجيب الريحاني، أو طرائف أسانسير الإيموبيليا الذي كان يتعطل كثيرًا، الذي أوحَى للمخرج صلاح أبوسيف بفكرة فيلم “بين السما والأرض”.
سكَن “الإيموبيليا” أشهر الفنانين المصريين مثل نجيب الريحاني، بالإضافة الي العديد من الشخصيات البارزة مثل الكاتب الصحفي فكرى أباظة، وإبراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر، بالإضافة إلى عدد كبير من نجوم الفن منهم وسليمان نجيب، وليلى مراد، ومحمد فوزي، وهنري بركات، وعبد العزيز محمود، وماجدة الخطيب، كما اختارها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب مقرًا لمكتبه، وكذلك المنتجة السينمائية الشهيرة آسيا، والمخرج كمال الشيخ، والفنانة ماجدة، التي لا يزال مكتبها موجودًا بالعمارة حتى الآن، وغيرهم الكثير، وظلت الإيموبيليا كذلك حتى عام 1961، عندما تم تأميمها، ليرحل عنها أغلب هؤلاء النجوم.
هذا ولا زالت منطقة “وسط البلد” بمدينة القاهرة تحتفظ بكثير من ملامح الفترة الخديوية حيث اشتهرت تلك الفترة باستجلاب المهندسين النرويجيين ومحاكاة البنايات الشهيرة بها مما أكسب تلك المنطقة طابعًا أوروبيًا دائمًا ما تصدر نداءات بالدفاع على هذا الطابع وحمايته من العشوائية.
اضف تعليقا