يشهد العالم بأسره أزمات اقتصادية متلاحقة منذ اجتياح فيروس كورونا العديد من البلدان ثم لحقها أزمة الغزو الروسي على الأراضي الأوكرانية وهو ما وضع كثير من حكومات البلدان في حالات حرجة أمام شعوبهم.. ومع تواجد الأزمة وجدت حلول اقتصادية مختلفة ومتنوعة من قبل أصحاب القرار في تلك البلدان، أما في مصر فكانت الحلول غريبة بعض ما، حيث بدأ تواجه الأزمات الاقتصادية وعلى رأسها نقص العملة الأجنبية “الدولار” بالحملات والملاحقات الأمنية وكذلك وضع قيود صارمة على البنوك، بل تعدى الأمر إلى تفتيش المارة والسيارات والقبض على كل من يحوز ولو حفنة  قليلة من الدولارات ومصادرتها إذا لم يثبت من أين استطاع الحصول عليها بالمستندات! .. إضافة لذلك فحتى من أودع الدولارات من قبل في البنوك المصرية لا يستطيع الحصول على أمواله أو سحبها من البنوك في الوقت الحالي في مصر في ظل أزمة شح السيولة التي تمر بها البلاد.

 

أزمة السيولة 

 

تواجه الحكومة المصرية الأزمة بتشديدات أمنية على تداول الدولار سعياً منها للتأكد من مصادر العملة ومحاربة السوق السوداء حيث أن الدولة طبقاً لمصادر أمنية ترى تداول الدولار خارج البنوك يمثل تهديداً للأمن القومي في ظل أزمة السيولة الدولارية، إضافة لذلك فإن البنك المركزي المصري قد أعلن انخفاض الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لأول مرة منذ ما يقرب عامين بنحو 3.9 مليار دولار نهاية شهر مارس/آذار الماضي مسجلاً 37.082 مليار دولار مقابل 40.99 دولار بنهاية فبراير/ شباط ، إضافة لذلك فقد تهاوى سعر صرف الجنية المصري لأدنى مستوياته منذ عام 2016.. كما وضعت الحكومة إجراءات مشددة على بيع الدولار للشركات وأصحاب المصانع الذين يخضعون الاستيراد السلعي وألزمته السداد قيمة الواردات بالعملة الأجنبية ما اضطر أصحاب المصانع والشركات للجوء  إلى السماسرة من أجل شراء العملات الأجنبية بعد هذه القيود، وبالتالي لم تف القيود والملاحقات الأمنية بالغرض المطلوب بل جعلت أصحاب الأعمال والمصانع يلجئون للسوق السوداء وهو ما سيضاعف الأزمة.

 

كمائن وحملات بالشوارع 

 

أعلن مصدر أمني عن القبض على أحد الأشخاص كان يقود سيارته وبحوزته مبلغ مالي يصل إلى أكثر من 36 ألف دولار أمريكي، كما أن هذا الشخص اعترف بالمتاجرة في العملة الأجنبية خارج نطاق السوق المصرفي، واللافت للنظر أن المصدر الأمني لم يتطرق عن سبب توقيف الشخص قانونياً غير أنه قال أن التفتيش تم فجأة لدواعي أمنية .. فقد أصبح من المألوف وجود الكمائن في الشوارع المصرية والقبض على ما يجدون بحوزته ولو كانت كمية محدودة من الدولار فإن على من يحوزه أن يكون معه إثبات الطريقة التي تحصل بها على المبلغ حتى لا يقع تحت طائلة القانون.

لا يقع المصريين فقط تحت طائلة القانون بتلك الإجراءات المشددة بل اتسع الأمر ليشمل الأجانب الذين بحوزتهم عملة الدولار، فقد قامت مباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية المصرية بالقبض على شخص سوري الجنسية يمتلك محلاً لبيع الملابس في محافظة الجيزة بتهمة الاتجار في النقد الأجنبي خارج السوق المصرفي إضافة لذلك فقد تم القبض على شخص برازيلي الجنسية صاحب شركة بنفس التهمة بصحبة 3 أشخاص معه.

 

الدولار دليفري

 

أصدر البنك المركزي أوامره للبنوك بعدم صرف الدولار للأفراد إلا بتأشيرة طيران وتذكرة دخول وأن يكون مر أكثر من شهر على تاريخ آخر شراء للدولار وكذلك هناك تعليمات بوقف بيع العملات الأجنبية بكل الجهاز المصرفي لدرجة أن العملاء المميزين لا يبيعون الدولارات لهم نتيجة شح السيولة، وهو ما جعل البعض يلجأون لحيلة ” الدولار دليفري” لتدبير احتياجاتهم من الدولار خاصة المستوردين فهم يتواصلون مع أقرانهم في دول خليجية وأوروبية ويقومون بتسليم المبلغ المراد تحويله للعملة الأجنبية إلى مندوب أو مورد بالجنية المصري ثم يستلمونها بالخارج عن طريق مندوب أيضاً بالدولار، من أجل الهروب من الإجراءات المصرية المعقدة.

 

جدوى الحلول 

 

الخلاصة أن حلول الحكومة المصرية في التضييق على الشعب منهم الأفراد والشركات والتجار من أجل جمع العملة الأجنبية باءت بالفشل حيث لجأ التجار إلى حيل مختلفة بعدما ضاق بهم الحال في جمع سيولة دولارية منها الدولار دليفري التي أشارنا إليها أو حتى اللجوء إلى السوق السوداء.

 

اقرأ أيضاً : قرار البنك الفيدرالي الأمريكي ضربة جديدة للاقتصاد المصري