كشفت وثائق مصرية رسمية مصنفة تحت بند “سري جدا” عن قيام المسؤولين في الاتحاد الأوروبي وسويسرا بمطالبة حكومة رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر “عبد الفتاح السيسي” بتقديم إثباتات قضائية تفيد في استمرار تجميد أموال عائلة الرئيس المخلوع “محمد حسني مبارك” ورموز نظامه المودعة في البنوك الأوروبية والسويسرية، أو مصادرتها حال ثبوت ارتكاب مودعيها جرائم ضد الإنسانية أو حصولهم على هذه الثروات عن طريق الفساد.

جدير بالذكر أن إحدى هذه الوثائق تعود إلى شهر كانون الأول/ديسمبر 2017، حيث رفع مكتب وزير الخارجية المصري “سامح شكري” مذكرة كتبها “عمرو الحمامي”، المستشار القانوني بالوزارة تفيد بقيام السفير السويسري لدى القاهرة بلقاء مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأوروبية، بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2017.

وطبقاً للوثائق، قام السفير السويسري بإخطار المسؤولين المصريين بأن الحكومة السويسرية ستتخذ قراراً في 20 كانون الأول/ديسمبر 2017 بإلغاء قرار تجميد أموال بعض رموز النظام السابق، المودعة في البنوك السويسرية وتبلغ قيمتها “430 مليون فرنك سويسري”، وذلك لانعدام وجود سند قانوني يبرر استمرار هذا التجميد، لعدم تمكن النظام القضائي المصري من استصدار أحكام باتة، ونهائية تربط بين هؤلاء الأشخاص، وبين الأموال الخاصة بهم والمجمدة في سويسرا، فضلاً عن عدم إثبات الربط بين مصدر الأموال في البنوك السويسرية والجرائم الجاري نظرها في المحاكم المصرية، كما أن النظام القضائي المصري قد أسقط بعض هذه الأحكام بالفعل، طبقا لما تقول المذكرة.

كما تنقل الوثيقة عن السفير السويسري قوله إنه يطمع ألا يؤثر هذا القرار على العلاقات بين البلدين، كونه قرارا قانونياً وإدارياً بحتاً، وليس له أبعاد سياسية.

وكشفت الوثيقة أن الخارجية المصرية أحاطت الجهات القضائية المصرية بالموقف مع توصية بقيام النائب العام المصري بالاتصال بنظيره السويسري، لطلب العدول عن قرار إلغاء تجميد الأموال.

وطبقا للوثيقة، يقول المستشار الحمامي إنه تم إخطار أمين عام مجلس الوزراء المصري بالموقف السويسري، كما ينقل للوزير “سامح شكري” حرص مكتب وزارة الخارجية على إحاطته بالتطورات في هذا الملف، وبأن تجميد الأموال لن يستمر إلى ما لا نهاية، وسيرتبط بلا شك بالتقدم المحرز في التحقيقات الجنائية والأحكام الصادرة في مصر ضد الأشخاص المجمدة أموالهم.

فيما أوصى مكتب وزير الخارجية طبقا للمذكرة بإخطار رئاسة الجمهورية المصرية بقرار سويسرا المرتقب.

وبخط يده، اكتفى سامح شكري وزير الخارجية المصرية بالتوجيه بإبلاغ الرئاسة المصرية، واستطلاع موقف مكتب النائب العام المصري رسميا ليتسنى التحرك سياسيا في العاصمة السويسرية “برن” ولو لمد المهلة، كما أوصى بإحاطة وزارة العدل المصرية وتكلف بإيضاح الموقف الرسمي المصري.

ويتضح من تعليقات شكري، عدم تزكيته لمقترح المستشار القانوني التابع له بالاتصال المباشر بين النائب العام المصري والسويسري، وترك الأمر للمخاطبات البيروقراطية بين مختلف أجهزة الدولة المصرية.

فيما تقول وثيقة أخرى إن إدارة العقوبات في جهاز التمثيل الخارجي التابع للاتحاد الأوروبي قد طلبت في أغسطس 2017 من البعثة المصرية في بروكسل موافاة الجهاز “بتحديث مفصل للوضع القانوني للرئيس المخلوع مبارك والأحكام القضائية المتعلقة به، في موعد أقصاه 1 أيلول/سبتمبر 2017”.

وتابعت إدارة العقوبات التابعة لجهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أنه في حال عدم تلقيها الرد من الجانب المصري بحلول التاريخ المشار إليه، فإن المجلس الأوروبي سيعتمد في نظره قرار رفع التدابير الأوروبية المتخذة في حق الرئيس الأسبق على آخر معلومات متوافرة لديه، والملاحظات القانونية المقدمة للمجلس نيابة عن أسرة الرئيس مبارك.

اقرأ أيضاً : أموال الشعب المنهوبة.. كيف تواطأ نظام السيسي في ضياع أموال المبارك؟!