“انتصرنا يا أبي.. ارقد في سلام” للوهلة الأولى تظن أن قائل تلك العبارة هو أحد أبناء الشهداء الذين سقطوا في إحدى الثورات وقد تم تحقيق أهداف الثورة أو على الأقل تم القصاص من القاتلين، ولن تصدق أنها تخرج من ابن الجلاد الذي قتل الشباب وسجن الشرفاء واستولى على أقوات وأموال الفقراء.. قائل تلك العبارة هو جمال مبارك ابن الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك بعد ما قرر القضاء السويسري إلغاء قرار تجميد أموال مبارك في أول الشهر الجاري وبالتالي حصلت عائلة المخلوع على الملايين الذين اقترفوها من الشعب في الماضي ظلماً وزوراً ولا عزاء للثورة والثوار.. لكن وراء هذا القرار الكثير من الخبايا والمعلومات المخفية عن عوام الشعب المظلوم حيث أن القرار لم يبنى فقط على الماضي أو أنه يخص نظام سابق بل إنه يخص نظام حالي تم استحضاره من صورة النظام السابق الديكتاتور، بشكل أوضح قد شارك النظام الحالي بقيادة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في إصدار مثل هذا الحكم بالتقاعس والتباطؤ.
سري جداً
تحت بند “سري جداً” ظهرت وثيقة مصرية تثبت قيام مسؤولين في الاتحاد الأوروبي والسويسري بمطالبة الحكومة المصرية بتقديم إثباتات قضائية تفيد في استمرار تجميد أموال المخلوع مبارك وعائلته، واللافت للنظر هو أن تلك الوثيقة تعود إلى شهر ديسمبر من العام 2017 حيث رفع مكتب وزير الخارجية المصري سامح شكري مذكرة كتبها عمرو الحمامي المستشار القانوني بالوزارة تفيد بقيام السفير السويسري لدى القاهرة بلقاء مساعد وزير الخارجية المصري وقام بإخطاره أن الحكومة السويسرية ستتخذ قراراً في 20 من الشهر ذاته ديسمبر بإلغاء قرار تجميد الأموال والتي تبلغ قيمتها “430 مليون فرنك سويسري” وذلك لانعدام السندات القانونية التي تبرر استمرار هذا التجميد، إضافة لذلك فلا يوجد إثبات بين ما يجري في المحاكم المصرية ومصادر الأموال في البنوك السويسرية.
تقاعس الوزير
طبقاً للوثيقة السابقة فقد أحاطت الخارجية المصرية الجهات القضائية بالموقف مع توصية النائب العام المصري بالاتصال بنظيره السويسري للعدول عن قرار إلغاء تجميد الأموال، وكذلك تم إخطار رئاسة الجمهورية بأن قرار إلغاء التجميد بات وشيكاً، لكن هذا لم يكن كافياً.. لأن الوزير سامح شكري أراد أن يترك الأمر للبيروقراطية بين أجهزة الدولة المصرية دون أن يتخذ موقف جاداً في أمر تجميد الأموال وأرسل رسالة مكتوبة بخط اليد لرئاسة الجمهورية يخطرها بالوضع.
وفي الوقت ذاته قامت إدارة العقوبات في جهاز التمثيل الخارجي التابع للاتحاد الأوروبي بإرسال طلب إلى البعثة المصرية في بروكسل بموافاة الجهاز بتحديث مفصل للوضع القانوني للرئيس المخلوع، مؤكدة أنه في حال عدم تلقيها رد من الجانب المصري فسيتم رفع التجميد عن أموال مبارك بناء على أخر معلومات متوفرة إليه، ليس ذلك فحسب فقد أخطرت بعثة اليونان لدى الاتحاد الأوروبي نائب رئيس البعثة المصرية “عمرو الشربيني” بأن إدارة العقوبات قامت بإخطار أعضاء الاتحاد الأوروبي بوجود قضية مرفوعة من الرئيس الأسبق مبارك امام محكمة العدل الدولية في لكسمبورج لطلب رفع اسمه من قوائم تجميد الأرصدة، ولم يتخذ الوزير ولا قائد الإنقلاب أي خطوة لاسترداد الأموال بل إن عمل الحكومة افتقر الى الجدية.
جمال مبارك من جديد
في تحد صارخ للشعب المصري وللثوار بالأخص ظهر جمال مبارك في فيديو يعلن فيه انتصارهم قضائياً بعد استردادهم جزء من الأموال المنهوبة من الشعب المصري الذي ساعدهم فيها النظام الجديد برئاسة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ووزيره سامح شكري إضافة إلى ذلك الأحكام القضائية المسيسة التي قامت بتبرئة مبارك وأبنائه ومعاونيه من كل التهم الموجهة إليهم وهو ما ساعد في فك تجميد عن الأموال في البنوك السويسرية والأوروبية وعلاوة على ذلك فلن يتم تقديم أوراق القضية الخاصة بالقصور الرئاسية التي أُدين فيها مبارك إلى الجهات المعنية في الاتحاد الأوروبي وبالتالي تمكن محامو مبارك من انتزاع حكم من محكمة العدل الأوروبية في ديسمبر 2020 يقضي بإيقاف العقوبات التي كانت مفروضة على مبارك وهذا ما وجدنا نتيجته في الآونة الأخيرة من فك التجميد.. ومن ثم خرج نجل المخلوع ليعلن انتصار الفساد ولتعلو كلمة الظلم ساعة بعد تواطئ السيسي وأعوانه على الشعب المصري لأسباب عديدة خشية أن يتم إدانتهم حال تم كشف الحقيقة، لكن من المؤكد أن يستفيق الشعب يوماً وينفض غبار الفسدة ويسترد أمواله وثرواته من جديد.
اقرأ أيضاً : أموال الشعب المنهوبة.. كيف تواطأ نظام السيسي في ضياع أموال المبارك؟!
اضف تعليقا