كتبت – ربى الطاهر

تقول القصة الطفولية الشهيرة التي يدرسونها في المدارس لزرع غريزة عشق النجاح بالأطفال، أنه كان هناك بالغابة أرنب شديد الجمال والسرعة لكنه دائماً ما كان كسولاً يحب الراحة دون حدود، وعلى الجانب الآخر كانت السلحفاة غير المميزة بالشكل أو الحركة، لا يلاحظها أحد ولا يتابع خطوتها، لكنها دائماً ما تهتم باستكمال طريقها دون ملل.

وفي أحد الصباحات تقرر بالغابة إجراء مارثون للجري بين الأرنب الموهوب والسلحفاة الدؤوب، أراده القائمون عليه والمتفرجون مارثونا هزليا، فكيف يمكن للسلحفاة التي جبلت على البطء أن تنافس ملك السرعة، لكنها رغبة النجاح و فضيلة الاستمراية في مواجهة خيبة الكسل و افتقاد الحماسة وانخماد الأمل.

وهكذا جرى الأرنب عشر أمتار بخطوات ثلاث، ثم جلس ليرتاح ويأكل الجزر في ظل إحدى الشجرات بينما السلحفاة تخطو أولى خطواتها الثقيلة، غاص الأرنب الآخذ على الكسل في النوم اللذيذ وأكملت هي طريقها، مرت بجواره بتؤدتها المعهودة وأكملت حتى اجتازت النقطة المنشودة.

هذا هو الدرس الذي يحفظه الأطفال عن ظهر قلب ثم تتشعب بهم الحياة ويبدؤون دون إرادة منهم في تصنيف بعضهم البعض كأرنب وسلحفاة، بينما حقيقة الحياة تشير إلى أن النجاح يحتاج إلى الأمرين؛ الموهبة المزروعة داخلك كزهرة تستعد لكي تورق وتتفتح، وكجذوة خامدة تنتظر من يشعلها، و من هنا يكتشف كل جيل مبدعيه، وتصبح نجاحاتهم علامة من هذا الجيل أو هذه البقعة من الأرض لكل البشرية على مر الزمان والمكان.

لا عليك أن ترى نفسك مجرد موهوب كسول أو شخص يسعى للنجاح اعتماداً على دأبه رغم فقر الملكات لأنه لا بشري دون موهبة داخله وملكة يتمتع بها وعليه تطويرها.

هكذا يمكنك أن تفهم الدرس غير المرئي بين سطور الكتب العديدة التي كتبها خبراء التنمية البشرية عن وصفة للنجاح، عن كيف يمكن التعلم من تجارب المبدعين الناجحين؟، ودائماً ما تأتي العناوين باتجاه 10 خطوات أو أسباب يدركها كل مبدع ليحقق النجاح تتركز أغلبها على القدرة الفائقة على تحديد الهدف بدقة ووضوح، والاستفادة المثلى من الوقت، وتطوير الذكاء العاطفي والاجتماعي، ولا يحبطون أنفسهم بأيديهم، ويتفاءلون بواقعية، ودائمو التعلم وتدوين الملاحظات، وإدراك أهمية العمل في فريق.

في كتابه بعنوان “10 أسباب تميز الناجحين” يقول أينشتاين: إنك إن أردت النجاح لتجربة فاشلة لا يجب أن تقوم بتكرارها مرارًا وتكرارًا على أساس توقع نتائج مختلفة يجب أن تكون بالتأكيد مختلفا لتحقق ما عجز  غيرك عنه.

وهي إشارة للمحطة الرئيسية والأولى لأي نجاح قبل امتلاك الأسباب السابقة المتعلقة بتحديد الهدف واستثمار الوقت، إنه التعلق بفكرة أو حلم، والتصميم على تحقيقه وسط إدراك عقلاني لترتيبات وظروف الواقع من حولك.

ويضرب إينشتاين مثالا بمؤسس موقع الفيس بوك؛ فمارك زوكربيرج يرتدي كل يوم نفس الملابس حتى يوفر في كل يوم عدد الدقائق التي قد يستغرقها عقله في التفكير فيما يجب أن يرتدي.

بالتأكيد هو مثال مجازي، أو على أقل تقدير ليس هو السبب الوحيد ولا الحقيقي لنجاح مارك ولكنه علامة على طريقة تفكيره، والخط الواضح الذي رسمه لنفسه بالحياة وساعده على النجاح.

مثال آخر يستشهد به خبراء التنمية البشرية وهي تجربة  مايكل جوردان – لاعب كرة سلة مشهور-  الذي أصدر  كتابا بعد اعتزاله عن أسباب النجاح وأفرد جزءا كبيرا منه لأهمية الاعتناء بفكرة العمل وسط فريق، وأن يكمل كل منهم الآخر ويغطي على نقاط ضعفه فيقول: القاعدة الشهيرة أن قوة الفريق في قوة كل عضو منفرد وقوة كل عضو في الفريق.

وتعتبر أحد أهم تحديات النجاح وفق الخبراء  هو الاستغلال الجيد للوقت وسط الانهماك الشديد بتفاصيل الحياة، و من ثم تم اختيار القراءة كأحد أهم العادات التي لا يقلع عنها نماذج واضحة من الناجحين و منهم الإعلامية الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفيري على سبيل المثال.

كيف يفكر الناجحون ؟

النجاح هو الهدف الحقيقي لكل بشري مهما كان نوع النجاح الذي يستهدفه،- ولهذا تحول الاكتئاب إلى مرض العصر؛ لأنه المرادف لحالة الانسحاب التي يتعرض لها الانسان في حالة فشله في إدارك أهدافه، فحاول أن تنقذ نفسك بنفسك، واتبع خطوات الناجح وصادق المبدع الذي داخلك.