هناك شيء واحد يجب أن نكون قادرين جميعاً على الاتفاق عليه: الصحفيون يستحقون الحماية والحرية، لا أصحاب مناشير العظام والرصاص.

في رحلته المقبلة إلى الشرق الأوسط، هل يدفع الرئيس بايدن حلفاءنا لاحترام حرية الصحافة؟

ظهر الأربعاء الماضي، تحديداً الساعة 01:14 ظهرا، تم تغيير اسم شارع أمام السفارة السعودية في واشنطن بشكل رمزي إلى “طريق جمال خاشقجي”، تم ذلك في الوقت الذي دخل فيه خاشقجي إلى القنصلية السعودية في إسطنبول، ولم يخرج أبداً: كان ذلك في تمام الساعة 01:14 ظهراً في 2 أكتوبر/تشرين الأول2018.

اعتاد خاشقجي، وهو كاتب عمود في واشنطن بوست- يمتلك تصريح إقامة دائمة في الولايات المتحدة، أن يعطي هذه النصيحة للكتاب والناشطين الشباب – أنه من الأفضل للكاتب البقاء خارج السجن، والبقاء على قيد الحياة والكتابة.

كان يفضل أن يكون اسمه على عمود في طبعة اليوم من الصحفية بدلاً من أن يوضع على لافتة في شارع مقابل سفارة الدولة التي يحبها -والتي اغتالته أيضاً.

كان هذا هو إيمان خاشقجي بقوة الصحافة حتى في بيئة مقيدة مثل بيئة المملكة العربية السعودية، وهذا هو سبب أهمية اسم الشارع، إنه نصب تذكاري أشبه ببقعة دم ستظل دائماً تلطخ سمعة المملكة العربية السعودية – وشهادة أن الصحافة هنا، في الولايات المتحدة، يمكن أن تقوم بعملها الحيوي بحرية.

ماذا عن حلفائنا في الشرق الأوسط؟

أكد مسؤولون أمريكيون أن زيارة بايدن في يوليو/ تموز للمنطقة ستشمل زيارة للسعودية وإسرائيل، وتنطوي الخطط على لقاء مع مسؤولين سعوديين من بينهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يُعتقد أنه وافق على العملية التي انتهت بمقتل خاشقجي وتقطيع أوصاله بالمنشار الذي جلبه أحد أعضاء الفريق الذي نصب له كمينًا.

في الوقت نفسه، تقوم إسرائيل بدور لا يقل وحشية في التعامل مع الصحفيين، الشهر الماضي قُتلت الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عقله، مراسلة قناة الجزيرة، بالرصاص الإسرائيلي، وبالرغم من إلقاء الحكومة الإسرائيلية اللوم في البداية على مسلحين فلسطينيين، فإن روايات شهود العيان والتحقيقات التي أجرتها CNN و Associated Press و New York Times و The  Post تشير إلى أن جنديًا إسرائيليًا أطلق الرصاصة التي أودت بحياة شيرين.

نأمل أن يستخدم بايدن هذه الرحلة للدفاع بقوة عن حرية الصحافة والعواقب الوخيمة للاعتداءات على الصحفيين، قد يكون القيام بذلك بمثابة بيان واضح بأن الحكومة الأمريكية لن تتجاهل تعرض مقيمين مثل خاشقجي ومواطنون مثل أبو عاقلة لأي مكروه.

خلال حملته الرئاسية، وعد بايدن بأنه سيجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة” بعد مقتل خاشقجي. الآن نقلت شبكة CNN عن مسؤول أمريكي قوله: “قرر الجانبان أنه من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، يجب تجاوز هذا الأمر”، ورد أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم لا يريدون أن تكون العلاقة الأمريكية السعودية “مرهونة” بمسألة خاشقجي.

تحمل هذه التصريحات رسالة واضحة إلى أولئك الذين يكافحون من أجل مساءلة قتلة جمال خاشقجي: حان الوقت لتجاوز الأمر.

من ناحية أخرى، جاء مقتل أبو عاقلة بعد عام من قصف إسرائيل لمبنى في غزة يضم مكاتب وكالة أسوشيتيد برس و 17 وكالة إعلامية أخرى، وزعمت القوات الإسرائيلية أن المبنى كانت تستخدمه حماس لكنها لم تقدم أدلة علنية على ذلك.

من جانبه، دعا وزير الخارجية أنطوني بلينكين إلى إجراء تحقيق مستقل في مقتل أبو عاقلة، وطلب 57 من أعضاء الكونجرس من وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في الأمر بجدية، لكن حتى الآن لم تتدخل الولايات المتحدة رسمياً في التحقيقات التي تجريها كلاً من السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية -بشكل منفصل.

بالرغم من أن مقتل أبو عاقلة كان حدثاً هاماً وصادماً تصدر عناوين الصحف لأيام متتالية، إلا أن الحديث عن تلك الواقعة بدأ يتلاشى شيئاً فشيء من دائرة الأخبار الأمريكية، ليحمل هذا أيضاً رسالة واضحة مفادها: قُتل صحفي فلسطيني ومواطن أمريكي.. حسناً ليس بالأمر الجلل.

في النهاية، إذا فشل بايدن في الضغط على المملكة العربية السعودية وإسرائيل لمساءلة المتورطين في تلك الجرائم، فسوف يرسل رسالة إلى العالم مفادها أن قتل الصحفيين العرب والمواطنين والمقيمين الأمريكيين أمر مقبول، طالما: (1) القاتل دولة تساعد تحقيق المصالح الجيوسياسية الأمريكية، و (2) يمكن السماح بضجة دولية مؤقتة ستتلاشى مع الوقت.

إن الافتراض بأن السلام والاستقرار والأمن أمور متفصلة عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان الأخرى في الشرق الأوسط، وأن هذه الحقوق والحريات لا يُنظر إليها كأولوية، أمر غير مقبول، بل إن “السلام” الذي يُقدم عبر إسكات الأصوات والصحفيين العرب، لا يعد استقرارا، إنه قمع بتمكين أميركي.

من جانبها، تعهدت الجزيرة برفع قضية أبو عاقلة إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما سيستمر الكثير منا في السعي من أجل تحقيق العدالة لخاشقجي، والتذكير بقضيته دائماً بأي طريقة ممكنة، لكن إذا فشل بايدن في استدعاء حلفائنا للتحدث عن سلامة الصحفيين، فسيكون ذلك بمثابة ضربة قاسية لقضية حرية الصحافة في كل مكان.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا