تمر اليوم الذكرى التاسعة على أحداث 30 يونيو عام 2013، ذاك اليوم الذي حشدت فيه الدولة العميقة كل أدواتها، لاسقاط الرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي، الذي جاء إلى السلطة عن طريق أول انتخابات ديمقراطية نزيهة.

 

استخدمت الدولة العميقة الإعلام وأججت الأزمات وعملت على إفشال مشروع الدولة المصرية الجديدة الذي يهدف إلى الاستقرار والازدهار.

 

خرج الآلاف من المصريين، تبعاً لما صورته لهم وسائل الإعلام ومن ورائها أجهزة الاستخبارات، لإسقاط الرئيس ولم يعرفوا أن مكيدة الشيطان قد نُصبت، وأن ذلك اليوم هو بداية سقوط مصر على كل الأصعدة.

 

وبعد نجاح الهدف من ذلك اليوم، عاد العسكر بشكل أبشع من السابق واستولوا على الدولة ومقدراتها وتسببوا في ضياع أهم مقدارت مصر من أرض ونفوذ وموارد مادية وبشرية.. فما الذي جناه ذلك اليوم على مصر والمصريين؟!.

 

 

سد النهضة 

 

لم يكن في مخيلة أحد من المصريين سواء المؤيدين للثورة أو حتى المعارضين أن تفقد مصر أهم ما ملكت منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا ألا وهو نهر النيل.

 

بيد أن المصريين باتوا في خطر حقيقي بعد بناء سد النهضة الإثيوبي الذي تسبب في نقص حصة مصر من مياه النيل وضياع حقها التاريخي منه.

 

وعند الحديث عن سد النهضة فإن إثيوبيا بدأت بناءه في عام 2011، وهذا ما يتداوله إعلام العسكر حالياً لمحاولة نفي تهمة ضياعه من على عاتق عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب.

 

لكن اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي كان بمثابة التنازل التام عن حصة مصر التاريخية في نهر النيل، بيد أن السيسي وقع على استكمال إثيوبيا لسد النهضة وسيادتها في كامل إداراته دون تدخل مصر في ذلك، وبهذا فقد تنازل عن حق مصر في نهر النيل.

 

وأصبح مصير مصر مرتهن بقرارات إثيوبيا منذ ذلك الحين، إضافة لذلك فإن السيسي وافق على الملء الأول والثاني للسد، وهذا ما يمنع مصر من استخدام الحل العسكري مع السد، لأنه سيتسبب في أضرار جسيمة للسودان والجنوب المصري وغرق الأراضي.

 

علاوة على ذلك فقد استخدمت إثيوبيا هذا التوقيع في المحاكم الدولية، كي تثبت موافقة مصر على إداراتها للسد وعلى كامل البنود.. وهذا أول ما قدمته 30 يونيو لمصر والمصريين.

 

تيران وصنافير 

 

فقدت مصر حصتها من نهر النيل بشكل جزئي وفقدت معه هيبتها وصورتها الأفريقية وريادتها الإقليمية وهذه ليست هي الحالة الوحيدة التي تهتز فيها صورة مصر الخارجية.

 

فقد تنازل السيسي ونظامه عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية التي تعتبران ممر ملاحي يمنح مصر سيادتها على البحر الأحمر، وهو ما عارضه الشعب المصري وخرجت تظاهرات رافضة للتنازل عنها.

 

ومن المفارقات الهامة أن الدولة العميقة اتهمت الرئيس الراحل محمد مرسي ببيع قناة السويس والتنازل عنها، وهو عار تماماً عن  الصحة لكن السيسي ونظامه باعوا الجزيرتين مقابل حفنة من الدولارات وبعض الاستثمارات التي لم تعد على مصر بأي نفع ولم يحرك أحد من الأوساط الإعلامية ساكناً.

 

واستخدم السيسي برلمانه لتمرير اتفاقية ترسيم الحدود والتنازل عن الجزيرتين التي ستعود في النهاية إلى الكيان الصهيوني، الذي يقف وراء الستار ويحرك الجانب السعودي من أجل الاستيلاء على الأراضي المصرية، ولا عزاء لدماء الشهداء الذين دفعوا أرواحهم فداءاً لهذه الأرض في الحرب مع الكيان الصهيوني عام 1973م.

 

الوضع الاقتصادي 

 

للوهلة الأولى يظن البعض أن النظام الذي تنازل عن الأرض من أجل الأموال أصبح غنياً لكن على العكس تماماً فقد أفقر نظام 30 يونيو الدولة المصرية.

 

وتضاعفت ديون مصر أربع أضعاف فبعد أن كانت ديون مصر قرابة الـ 43 مليار دولار  أصبحت 145 مليار دولار ومازالت مصر تسعى للاستدانة من أجل سداد فوائد الديون المتراكمة.

 

إضافة لذلك فإن الاقتصاد المصري يشهد حالة من القحط والفقر وقد ارتفعت معدلات البطالة وانهارت العملة المحلية، فبعد أن كان الدولار الأمريكي يساوي 7 جنيهاً الآن أصبح 20 جنيهاً للدولار الواحد في السوق السوداء.

 

وبناء عليه هرب المستثمرون من مصر وأصبحت مصر على شفا الهاوية ومعرضة لانهيار اقتصادي في أي وقت وتابعة لدول الخليج التي تنقذ نظام السيسي كل فترة بحفنة من الدولارات.

الوضع الحقوقي 

 

عودة النظام العسكري الوحشي بعد أحداث 30 يونيو كانت سريعة لدرجة أن أشد المتشائمين لم يكن يتوقعها.

 

فقد قام السيسي بحبس المعارضين ثم توجه مباشرة للمؤيدين وكل من يحمل رأي أو كلمة، وامتاز قائد الانقلاب ببناء السجون، وزادت شراسة أجهزة الأمن التي تتعقب القاصي والداني.

 

وأصبح الجميع تحت أجهزة المراقبة، وأصبحت مصر سجناً كبيراً لا يستطيع أحد التفوه بكلمة تخص النظام الفاشي حتى على مواقع التواصل الإجتماعي.

 

وباتت مصر منذ ذلك الحين من أسوأ البلدان سجلاً في مجال حقوق الإنسان، كما واستخدم السيسي الفاسدين في النيابة والقضاء للتنكيل بالمعارضين فازدادت حالات أحكام الإعدام وكذلك حالات القتل خارج القانون والإخفاء القسري، وقُتل العديد من المصريين تحت وطأة التعذيب.

 

كل هذا حدث في مصر بعد ذلك اليوم المشئوم، ازداد العسكر شراسة فقتلوا العباد ونهبوا البلاد وفقدت مصر من ابنائها ونفوذها وأراضيها ومواردها وحقوقها التاريخية وهيبتها بين الدول.. فمتى تعود الدولة التي تعجب الخلق من أمجادها ومتى ينتهي ذلك الكابوس الجاسم على نفوس المصريين؟!.

 

اقرأ أيضاً : مصر السيسي: كيف اتفقت جميع مؤسسات الدولة لطمس الحقيقة وراء قتل أيمن هدهود!