يحلم كل شخص أن يعيش في بلد غني مستقر سياسياً، لأن هذا الاستقرار سينعكس على الفرد بالأمن المالي والرخاء وسيدفع الأشخاص إلى التقدم.

وللوهلة الأولى يظن البعض أن دولة الإمارات العربية المتحدة، إحدى تلك الدول الغنية بالنفط، والتي تنعم إلى حد كبير باستقرار سياسي، فهي بلد السياحة والتسوق وريادة الأعمال كما تصورها الوسائل الإعلامية المحسوبة على نظامها السياسي.

لكن الكثير لا يعرف مدى الفقر والضنك وضيق العيش، الذي يعيشه جزء ليس بالقليل من الشعب الإماراتي، حتى في أقل الحقوق من سكن وملبس وغذاء ووقود وكهرباء.

علاوة على ذلك فإن القوانين الصارمة التي تفرضها دولة بن زايد البوليسية، تمنع المواطنين من المطالبة بالحقوق، أو حتى انتقاد الحكومة، لكن مؤخراً كسر الشعب الإماراتي حاجز الصمت وبدأ يكثر الحديث على مواقع التواصل الإجتماعي عن انتقادات لاذعة لحكومة بن زايد مفاده ” طفح الكيل”.. فكيف يعيش الشعب الإماراتي حالة الفقر والضنك في بلاده الغنية؟! وهل تنذر تلك الاحتجاجات بثورة إماراتية لا تبقي ولا تذر؟!.

تقارير حكومية وأزمات متتالية 

أعلنت تقارير الحكومة الإماراتية الرسمية عن ارتفاع معدل التضخم الاقتصادي خلال العام الجاري إلى 3.7%، وطبقاً لتلك التقارير فإن المخاطر تزداد على اقتصاد الدولة وعلى المواطنين وحتى المقيمين.

وبالنظر إلى انعكاسات ذلك على المواطن الإماراتي، نجد أن التأثيرات التابعة لارتفاع التضخم تمس معيشة الفرد من ناحية البطالة ومستوى الدخل، وتتلخص في قضايا هامة أهمها السكن والوقود والكهرباء.

ومن المعروف أنه بعد الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية فقد شهد العالم حالة من ارتفاع أسعار الوقود، نظراً لشح الإنتاج النفطي، وهذا يسري إلى حد كبير على الدول المستوردة للنفط ومشتقاته.

لكن المفارقة هنا أن دولة الإمارات هي من أكبر الدول الغنية بالنفط، وهي دولة مصدرة ومع ذلك تشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار المحروقات مقارنة بمثيلتها من دول الخليج.

بيد أن سعر لتر البنزين في الإمارات، يصل ضعف سعره في دول الخليج عامة، وثلاث أضعاف سعره في دولة الكويت، وهذا يزيد عن طاقة المواطن الإماراتي الذي تأثر بشكل مباشر بالأزمة العالمية “فيروس كورونا”.

فمع ارتفاع سعر البنزين ترتفع أسعار السلع الأساسية بالضرورة، لأن جميعها تجتمع في عامل النقل، وهذا يؤثر على المواطن بشكل مباشر.

علاوة على ذلك فعند التعمق في سبب الأزمة في دولة الإمارات، فهي أزمة إدارة من الدرجة الأولى، حيث أن الإمارات لها حكومة اتحادية “مكونة من 7 إمارات” ، ولها موارد محددة، وكل إمارة لديها لها موازنة خاصة.

والتدفقات النقدية الناتجة عن الموارد الطبيعية، تصب في الموازنات المحلية لا الاتحادية، لذلك كيف ستدعم الحكومة البنزين وهي ليست لديها موازنة خاصة به وتمتلكه المحليات؟!.

إضافة لذلك فإن توزيع البنزين تقوم عليه 3 شركات رئيسية، إحداها فقط مملوكة للدولة واثنين مملوكتين لحكومتين محليتين، فهل ستدعم حكومة محلية حكومة أخرى؟!.

البنزين ليس هو الأزمة الوحيدة، فهناك أزمة كبرى ألا وهي البطالة، والتي تزداد بشكل ملحوظ، فقد ارتفعت نسبتها في الإمارات إلى 5%، خلال السبع سنوات الأخيرة وهي نسبة ضخمة.

بيد أن التقارير الأولية تشير أن نصف العاطلين عن العمل هم من خريجي الجامعات ويعولون أسر، وهذه الأزمة أيضاً تتحملها الحكومة بشكل كبير.

لأن الحكومة أقرت قانوناً عام 2011، وهي المادة 101 من التعديلات على أن “إعادة الهيكلة” و”عدم تجديد العقد” هما من الأسباب الكافية لإنهاء خدمة الموظف حتى موظفي الحكومة.

إضافة لذلك فإن الإماراتيين يواجهون أزمة كبيرة، في دفع إيجارات المنازل الباهظة ما يدفعهم للاستدانة ،أو اللجوء للقروض من البنوك.

وهذا يدين الحكومة أيضاً، التي أقرت أن من حق كل مواطن أن يمتلك عقاراً في بلده، ولكنها لم تنفذ ما وعدت به.

ضاحي خلفان والتطبيل

يحدث عادة عند انتفاضة الشعوب لدفع الظلم عن أنفسها،أن تنتفض أيضاً أبواق النظام للدفاع عنه ومحاولة تخويف الشعوب وإرهابها من فكرة الثورة.

وكعادته أيضاً نشر نائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان، تغريدة استفزت مشاعر الإماراتيين، حيث دعاهم إلى تذكر الدول المجاورة، ومصائرها كسوريا والعراق مؤكداً على ندم تلك الشعوب على ثوراتهم.

علاوة على ذلك، فقد دعا خلفان الشعب الإماراتي إلى الاكتفاء بوجبة واحدة يومياً، وهو ما أثار موجة غضب لدى رواد التواصل الاجتماعي، الذين أطلقوا لفظة “تطبيل” للمرة الأولى في الإمارات، وهذه اللفظة استخدمها الشعوب الثائرة من قبل ليصفوا بها أبواق النظام الإعلامية، والتي تدافع عنه بشراسة على حساب الشعوب.

الخلاصة أن الأزمات تتعدد وتتوالى على رأس المواطن الإماراتي، في تلك الدولة الغنية بالنفط، لكن يوم بعد يوم لن يستطيع النظام الإماراتي أن يكبح جماح الشعب لفترة طويلة، وقد خرج الشعب عن صمته وبدت لديه بوادر الثورة على حكومة ظالمة جعلت حياته كالجحيم.. وقد يكون القادم يحمل الأسوأ لبن زايد وحاشيته.

اقرأ أيضاً : مؤسسة ماعت: أحد أذرع الإمارات الإجرامية في الساحات الحقوقية!