العدسة – بسام الظاهر
يبدو أن عبد الفتاح السيسي بدأ مرحلة جديدة من الانصياع لأمريكا، في إطار فتح الباب على مصراعيه أمام “الهيمنة الأمريكية” وسيطرتها على اتخاذ القرار في مصر.
وتوترت العلاقة بين مصر وأمريكا عقب قرار الأخيرة وقف جزء من المعونة المقدمة للقاهرة، في أغسطس الماضي، لتبدأ حملة هجوم شديدة على هذا القرار، سواء من وزارة الخارجية أو أعضاء في مجلس النواب.
ولكن هذا الموقف المناهض للقرار الأمريكي لم يلبث أن تحول إلى محاولات استرضاء بصورة غير مسبوقة خلال العقود الماضية، على الأقل بشكل علني.
زيارة مثيرة
رسائل الغضب المصري والمطالبات بتعديل الموقف الأمريكي حيال وقف المعونة إلى مصر، لم يجدا صدى في دوائر صنع القرار وأروقة الكونجرس، مع استمرار تطبيق قرار اقتطاع جزء من المعونة.
حزم وفد برلماني مصري، برئاسة الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، حقائبه في زيارة طويلة نسبيا عن المتعارف عليه- إذ امتدت نحو أسبوع- بهدف محاولة التأثير على مراكز صنع القرار الأمريكي تجاه النظام الحالي، تحت مظلة “تصحيح الرؤية المغلوطة”، والتأكيد على أهمية استمرار الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
الزيارة تطرقت إلى عدة نقاط مهمة للغاية، وتسببت في حالة توتر في العلاقات مع واشنطن، وفي العلاقات السرية مع كوريا الشمالية، وأوضاع حقوق الإنسان، وقانون الجمعيات الأهلية، وما يتعلق بملف المجتمع المدني، والمعونة الأمريكية، ومسألة الديمقراطية.
وقال رئيس ائتلاف الأغلبية “دعم مصر” –الموالي للنظام الحالي-، محمد السويدي: إن الوفد تأكد من دعم واشنطن للنظام السياسي الحالي، في إشارة إلى السيسي، في محاولة للتأكيد على عدم رفض أمريكا لترشحه في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
السويدي قدم الوفد البرلماني باعتباره ممثلا للشعب المصري وليس تابعا للنظام الحالي، لإظهار وجود نوع من الانفصال بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
هذا الأمر تفنده عملية تأسيس الائتلاف من الأساس الذي انبثق عن قائمة “في حب مصر”، التي كانت مدعومة من الأجهزة الأمنية والسيادية، وهو ليس بسر داخل مصر أو خارجها.
“علي عبد العال” والوفد البرلماني في الكونجرس
تقرير متابعة
الغريب أن السويدي أعلن عن تقديم تقارير شهرية عن أداء مجلس النواب إلى السفارة الأمريكية وعدد من السفارات الأجنبية الأخرى في القاهرة.
ويبدو أن الأداء البرلماني تعرض لانتقادات شديدة خلال الزيارة التي استمرت لعدة أيام، بما يعكس عدم رضا الكونجرس عن مجمل القرارات والقوانين التي صدرت منذ بداية عمله في يناير 2016.
وبدلا من أن يؤدي مجلس النواب الدور الذي كان منوطا به في تجميل صورة السيسي والنظام الحالي ويحاول إصلاح الوضع، فإنه هو الآخر واجه رد فعل عنيف من الكونجرس.
ويمكن تفسير هذا الأمر من خلال الردود الدفاعية على بعض القضايا المثارة، والتي كانت مصدر قلق أمريكي، وقال السويدي: “أكدنا في الزيارة أن مجلس النواب يؤيد القرارات الاقتصادية الصعبة، التي اتخذتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي على حساب شعبية أعضائه، مراعاةً للتحديات التي تواجهها البلاد”.
الزيارة الأخيرة ذهبت بنية تقديم التنازلات المطلوبة لنيل الرضا الأمريكي، خاصة وسبقتها زيارتان، مايو الماضي، برئاسة رئيس لجنة حقوق الإنسان علاء عابد – ضابط شرطة سابق متهم بالتعذيب– وفي يونيو كانت أول زيارة سمية برئاسة رئيس لجنة العلاقات الخارجية أحمد سعيد حينها.
ولكن لم تحرز الزيارتان أي تقدم على مستوى تحسين صورة السيسي في أمريكا، بل جاءت النتائج مخيبة للآمال، إذ تم قطع جزء من المعونة عقب زيارة سعيد.
وتنبئ تصريحات السويدي، بوجود اتفاق على تقديم تقارير متابعة شهرية للسفارة الأمريكية، بإمكانية اعتراض واشنطن على ما يقوم به البرلمان، وهنا يتضح أن زيارة عبد العال جاءت لتقديم أي تنازلات مطلوبة في سبيل السيطرة والهيمنة الأمريكية على مصر.
وهذه الزيارة تأتي أهميتها قبل انتخابات الرئاسة المقرر لها العام المقبل، فهي محاولة لتأسيس علاقة أقوى مع واشنطن خلال فترة السيسي الثانية.
” محمد السويدي “
الهيمنة الأمريكية
مظاهر الهيمنة الأمريكية والسيطرة على اتخاذ القرار في مصر، ظهرت مع تصريح رئيس مجلس النواب بالتأكيد على أنه لا نية لتعديل الدستور المصري بحيث يسمح بالتلاعب في مواد انتخاب الرئيس.
وقال عبد العال: “إن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها، مارس المقبل، في ظل سريان قانون الطوارئ”، مشيرا في هذا السياق إلى أنه لا علاقة بين إجراء الانتخابات الرئاسية وبين استمرار العمل بقانون الطوارئ.
حديث عبد العال يكشف وجود تحولات كبيرة داخل أروقة مجلس النواب حول الأمر، خاصة وأنه أكد أكثر من مرة على ضرورة تعديل الدستور.
ولكن ما يؤكد أن الأمر جاء بناء على ضغوط أمريكية وطرح مسألة تعديل الدستور، هو تصريحات السيسي نفسه خلال اليومين الماضيين في حديث مع قناة فضائية أمريكية.
وقال السيسي، إنه يؤيد الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما أربعة أعوام، وعدم تعديل الدستور في الفترة الحالية.
وأكد خلال مقابلة مع محطة “سي آن بي سي” الأمريكية “أنا مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما أربعة أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام”.
وأضاف “ما يجب أن نضعه في الاعتبار أنه ليس هناك رئيس سوف يتولى السلطة بدون إرادة الشعب المصري، ولن يستطيع أيضا أن يواصل لفترة أخرى دون إرادة هذا الشعب، وفي كلتا الحالتين فهي ثماني سنوات”.
” السيسي “
ماذا عن الأسطول السادس؟
ولكن التحركات المصرية تجاه الخضوع التام لأمريكا، تتنافى مع الصورة التي حاولت وسائل إعلامية مصرية رسمها عنه، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم في 3 يوليو 2013.
وهناك واقعة شهيرة جدا في مصر، تتحدث عن أسر القوات المسلحة المصرية قائد الأسطول السادس الأمريكي، وهددت الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالمزيد، إن لم تتراجع القطع البحرية للأسطول السادس خارج حدود المياه الإقليمية المصرية، بحسب ما ذكره الإعلامي محمد الغيطي.
واتهم الغيطي عبر قناة “التحرير” الفضائية المعتصمين في رابعة والنهضة بأنهم رحبوا بتدخل القوات الأمريكية للحدود المصرية.
وبعد مرور نحو 4 سنوات، ماذا سيقول الغيطي والمقربون من النظام الحالي عن تصدي السيسي للهيمنة الأمريكية، بعد الخضوع التام وتنفيذ كل مطالبهم؟.
وقال الغيطي: إن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، كان قائد العملية البحرية على الأسطول السادس الأمريكي.
اضف تعليقا