منذ أكثر من شهر تقريباً وينتظر العالم حدثاً سياسياً جلل، ألا وهو زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط، وخاصة المملكة العربية السعودية.
وتحدث المنظرون والمحللون وحتى الناشطون حول أبعاد الزيارة، وكيف ستنعكس على الشرق الأوسط و حتى العالم الغربي؟!، كما تكهن الجميع حول السبب الرئيسي للزيارة، هل هي أزمة النفط ورفع الإنتاجية في ظل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية أم ستكون من أجل أسباب أخرى لأبعاد جيوسياسية؟!.
لكن الرئيس الأمريكي قطع الطريق على تلك التكهنات، وخرج بالقول الفصل بتصريحات الصحفية تارة، وبمقال مكتوب بصحيفة أمريكية تارة أخرى، أن السبب الرئيس لتلك الزيارة هي مسألة تخص الأمن القومي الإسرائيلي.
وهذا ما جعله يزور الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ توليه السلطة، والذي التقى فيها بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي تعهد بمحاسبته على مقتل الصحفي جمال خاشقجي، لكن على ما يبدو أن الرئيس الأمريكي تجاوز ذلك كله من أجل تحقيق أهداف أخرى.. فهل تحققت أهداف بايدن من الزيارة؟! ولماذا ترى الأوساط الإسرائيلية أن نتائج الزيارة “متواضعة” ولم تحقق أهداف دولة الاحتلال؟! وماذا كسبت الدول العربية من تلك الزيارة؟!.
خيبة أمل بجدة
قبيل زيارة بايدن طمحت الأوساط الإسرائيلية بعملية تطبيعة مكتملة كتلك التي فعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سبتمبر/ أيلول 2020، لكن هذه المرة كانت مع الدولة الأكبر في منطقة الخليج المملكة العربية السعودية.
كما تحدث البعض عن اتفاقيات دفاعية مشتركة بين دولة الاحتلال والمملكة من أجل الوقوف بوجه الخطر الأكبر الذي يحدق بهم “إيران”.
لكن زيارة الرئيس بايدن لم تلبِ تلك المتطلبات، وهو ما عبرت عنه الصحف العبرية أن إسرائيل بأكملها بأوساطها الأمنية والسياسية قد انتابها حالة من خيبة الأمل تجاه قمة جدة.
وهو ما أكده المعلق العسكري يوسي يهوشع في افتتاحية صحيفة يديعوت أحرونوت حيث قال “أن الزيارة انتهت دون بشائر حقيقة لإسرائيل في الملف الإيراني”، في المقابل فإن إيران تقيم قمة أخرى مع الرئيس الروسي تضع إسرائيل في حالة قلق.
هذه من جهة، لكن من ناحية أخرى فإن إيران تدعم حزب الله الذي يثير حفيظة الإسرائيليين، لذلك كان متوقع أن يكون الرد عسكرياً على عكس ما صرح به بايدن أن الدبلوماسية هي أفضل حلوله.
أما في ملف التطبيع فلم يحدث تقدم يذكر!، واقتصر الأمر على سماح السعودية لمرور الإسرائيليين عبر أجوائها الجوية، وهذا الأمر غير كاف لإرضاء الأوساط بدولة الاحتلال.
كل هذا جعل تقيم إسرائيل للزيارة “متواضع”.. لكن يبقى السؤال هل استفادت إسرائيل من الزيارة؟!.. بالفعل استفدت في أكثر من ملف أولهم ملف المستوطنات والذي كان يطمح الفلسطينيين من الرئيس الأمريكي تجميده، لكنه لم يحدث وإسرائيل تتوسع بضوء أخضر من الولايات المتحدة وتستولي على الأراضي الفلسطينية.
الملف الأخر هو الدعم المادي الذي أعلن عنه من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، لتطوير أسلحة الدفاع لدى دولة الاحتلال، لكن هذا كله لا يكفي اسرائيل للرضا عن زيارة بايدن الذي قال في يوم من الأيام أنه صهيوني غير يهودي والذي يدعم دولة الاحتلال بقوة.
العصا والجزرة
يستخدم الرئيس الأمريكي جو بايدن سياسة تختلف كثيرا عن سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب، بيد أنه يسدد ويقارب في سياسته تجاه الشرق الأوسط، والآن هو يحاول في ظل أزمة عالمية كبرى، وتنبؤات بانهيار اقتصادي جديد وموجة ركود ضمان تقارب تحالفاته إليه من أعدائه.
فهو يحاول سحب البساط من روسيا والصين على أن يظل في التعاملات الدبلوماسية، مع بعضهم ويحاول أن يتقرب من المتحالفين معهم كـ السعودية، ويستخدم ورقة إيران للضغط على المملكة، لكنه يسعى في الوقت ذاته إلى إنهاء الإتفاق النووي مع إيران.
والدليل على ذلك هو موافقة السعودية على رفع معدل إنتاجية النفط، على الرغم من تقاربها مع روسيا منذ بدء الحرب، فالرئيس بايدن يحاول أن يتحكم بكل خيوط اللعبة السياسية في المنطقة، حتى لو كان ذلك على حساب تصريحاته السابقة حول المملكة المنبوذة.
أما من ناحية الدول العربية فحتى الآن لم تظهر نتيجة إيجابية محققة لزيارة بايدن، غير الهالة الإعلامية الكبرى التي تحاول أن تصور أن ولي العهد السعودي، ومن حوله العرب قد ارضخوا الولايات المتحدة العظمى لقرارهم وجعلوا الرئيس الأمريكي يتراجع!.. والحقيقة انهم مرهونون لأمره وهو يهددهم بعدوهم القريب “إيران” ويقنعهم أنه لا يوجد رادع لهم غيره.
الخلاصة أن دولة الاحتلال قد استفادت كثيرا من زيارة بايدن، رغم أنها غير راضية عن النتائج، وعلى الأغلب قد حقق الرئيس بايدن أهدافه من الزيارة، لكن العرب وعلى رأسهم السعودية، لم يستفيدوا شيئاً منها ومازال مستقبلهم مرهون بالولايات المتحدة الأمريكية التي تحميهم من عدوهم إيران.
اقرأ أيضاً : لصوص الحرمين.. كيف أصبحت فريضة الحج ذريعة السعودية لسرقة أموال الحجاج؟!
اضف تعليقا