منذ أكثر من 215 عام ألغيت العبودية من قبل برلمان المملكة المتحدة، وتم الضغط منذ ذلك الحين على كل الدول الأوروبية المجاورة، ومن ثم تصدرت الفكرة إلى دول العالم بمنع الرق بكل مظاهره.

وعلى الرغم من إصدار الأمم المتحدة لحقوق الإنسان العديد من القوانين، التي تحرم الرق بكل مظاهره كالزواج القسري والإجبار والعمل بالإكراه، إلا أن تلك المظاهر مازالت متجذرة في بعض دول العالم والتي تعد بؤرة للانتهاكات بشكل عام.

وتعد دولة الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أهم بؤر الإتجار في البشر في الوقت الحالي، بيد أن ذلك الكيان المزعوم لا يكفيه الانتهاكات بحق الفلسطينيين من قتل وتنكيل وتعذيب، بل إنه يسمح ويكرس لتجارة البشر في الأراضي المحتلة.

حيث كشف تقرير نشره موقع “تايمز أوف  إسرائيل” في العام الماضي، وبالتحديد في شهر شباط / فبراير أن وحدة مكافحة الاتجار بالبشر تم إلغاؤها في ظل التنامي غير المسبوق لتلك الظاهرة في المجتمع اليهودي.. فكيف انتشرت تلك الظاهرة بشكل كبير ولماذا تتهم حكومات الاحتلال بأنها تكرس لتجارة البشر ولا تمنعها؟!.

منصة عالمية لتجارة البشر 

وثق التقرير المذكور سلفاً عدد من الشهادات لعاملات أجنبيات وصلن إلى إسرائيل منذ عامين، وعلى الرغم من حصولهن على تصاريح لتوظيف عمال أجانب إلا أن بعضهن أجبر على العمل لمدة 24 ساعة دون فترات راحة، مع تعرضهن للإذلال والجوع.

وأشار التقرير إلى أن النساء عملن في القطاع الصحي، وتم استجلاب ذكور للعمالة في قطاع الإنشاءات بنفس المعايير القاسية، كما أكد التقرير على أن العاملات قادمات من رومانيا وقد تعرضوا لفظائع عديدة داخل إسرائيل، واضطروا للمكوث في شقق مختبئة بسبب الحالة اللاإنسانية التي تعرضوا إليها.

وبشهادة الضحايا فقد تم خداعهم من قبل أصحاب العمل الإسرائيليين، الذين وعدوهم بترتيب تأشيرات عمل قانونية، ولكن ذلك لم يحدث، ولم يجدوا معاملات جيدة منذ وصولهم للأراضي المحتلة، وهو ما أكدته المحامية ياسمين كونفينو مديرة تأهيل ضحايا الاتجار بالنيابة الإسرائيلية.

حيث قالت كونفينو “”عاملات مهاجرات تعرضن للتحرش الجنسي من قبل أرباب عملهن الإسرائيليين، وبات الحديث عن الجرائم الجنسية لأصحاب العمل الإسرائيليين أمرا مخزياً، والأخطر أن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً حتى يلجأن للمساعدة، ويتم الاعتراف بهن كضحايا للاتجار”.

وهذا ما دللت عليه رئيسة لجنة الكنيست الفرعية لمحاربة النساء والبغاء ميراف ميخائيلي أن “الشعور السائد لدى الحكومات الإسرائيلية هو التعامل مع هؤلاء البشر بـ”دونية” حيث أنها لا تعبأ لأحوالهم كبشر ولا تهتم بـ مصائرهم.

التجارة بالأوكرانيات

بعد اجتياح القوات الروسية للأراضي الأوكرانية نزح الملايين من الاوكران هاربين من القصف الروسي، وهذا ما جعل شبكات للتجارة في البشر تنشط في إسرائيل وتحاول استدراج فتيات من أوكرانيا للعمل في الدعارة.

وتحت ذريعة استقبال اللاجئين حرص أولئك الأشخاص على التواجد في مطار بن غوريون، وبالتحديد في فندق “دان بانورما” في تل أبيب لاستدراج الضحايا، وهو ما أكدته أكثر من 100 لاجئة أوكرانية، أنه قد عرض عليهن المال في أوكرانيا على أن يذهبن إلى إسرائيل.

وعند وصولهم تل أبيب تم ابتزازهم بهذا المال مقابل العمل في الخدمات الجنسية بالإكراه، ولم تعمل الحكومة الإسرائيلية على الحد من ذلك ولم تشرع في ملاحقة تلك الشبكات.

ومنذ أيام قليلة أدان مكتب مراقبة ومكافحة الاتجار بالبشر التابع لوزارة الخارجية الأمريكية موقف حكومات الاحتلال من مكافحة تلك الظاهرة كما أكد على تفشي حالات احتجاز العمال في ظروف عبودية بدولة الاحتلال.

الخلاصة أن حكومة الاحتلال لا تقوم بالحد الأدنى لاجتثاث تلك الظاهرة الشنيعة مع انتشار واسع لها في الأوساط الإسرائيلية، إضافة لذلك فإنه يتم معاملة العاملين “معاملة العبيد” بتلك الدولة التي تعد مصدر لكل الشرور بالعالم.

اقرأ أيضاً : انتهاك لحقوق الطفولة داخل السجون الإسرائيلية