العدسة – أحمد عبد العزيز

يبدو أن العالم على موعد قريب مع حرب عالمية ثالثة، نتيجة بعض التحركات الدولية الخطرة، التي يرى محللون أنها سوف تقود المجتمع الدولي إلى نهاية مأساوية، ولكن المخاوف هذه المرة لا تأتي من كوريا الشمالية كما هو المعتاد، بل من مكان آخر، من أعماق صحراء الجزيرة العربية، وبالتحديد من العاصمة السعودية الرياض.

وتوقعت صحيفة “إكسبريس” البريطانية، أن يشعل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حربا عالمية ثالثة في المستقبل القريب، نتيجة سياساته الخارجية، خاصة في إدارته لملف الأزمة السعودية الإيرانية، وتصعيد الخطاب ضد طهران.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إنه في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة توترات كبيرة نتيجة اندلاع العديد من الأزمات الدبلوماسية في الشرق الأوسط، جاء ولي العهد السعودي ليزيد الأوضاع في المنطقة سوءا، بعد تحركاته الأسبوع الماضي، التي اعتبرتها الصحيفة بمثابة “استيلاء مبكر على السلطة”.

وأضافت أن الرجل اتخذ خطوة غير مسبوقة داخل الأسرة السعودية، عندما اعتقل عددًا كبيرًا من المسؤولين والوزراء ورجال الأعمال، بينهم أمراء كبار في الأسرة الحاكمة، بدعوى ضلوعهم في جرائم فساد، حيث اتخذ قرارًا بتجميد أرصدة المعتقلين والاستيلاء عليها.

هذا على الصعيد الداخلي، أما خارجيا، فقد حرص الرجل على تصعيد التوتر مع إيران، مما جلب دولا كبرى وأجبرها على التورط في الصراع الدائر بالمنطقة.

وفي الرابع من شهر نوفمبر الجاري، فاجأ رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري العالم أجمع، عندما ظهر في التليفزيون السعودي الرسمي أثناء وجوده في الرياض، معلنا استقالته من منصبه!.

فيما قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية: إن البيان الذي ألقاه الحريري، أشبه ببيان صادر عن “ضحية مختطفة”، في الوقت الذي ثارت فيه كثير من الشائعات تؤكد أن الحريري أُجبر على تقديم استقالته.

وفي هذا السياق، قالت صحف لبنانية محلية، نقلا عن مصادر لم تسمها: إن الرئيس اللبناني ميشيل عون، قد يقدم شكوى إلى مجلس الأمن، للكشف عن مصير الحريري وإجبار السعودية على إطلاق سراحه، قبل اعتماد استقالته أو أخذها على محمل الجد، وذلك خلال أسبوع على الأكثر.

وقال رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، إنه أقدم على هذه الخطوة، اعتراضا على التدخلات الإيرانية في الشأن اللبناني، عبر حزب الله الذي يترأسه حسن نصر الله، وأشارت “إكسبريس” إلى أن ما ردده الحريري في خطابه يتماشى مع الموقف السعودي المعادي لإيران، والذي يسعى لتحميلها المسؤولية عن كافة مشاكل المنطقة، مما يثير الشكوك حول قناعة الحريري بالخطاب الذي ألقاه.

وكانت السلطات السعودية، أعلنت في الليلة ذاتها التي استقال فيها الحريري، أن جماعة الحوثي في اليمن، المدعومة من إيران، أطلقت صاروخا موجها إلى العاصمة السعودية الرياض، كاشفة أن قواتها المسلحة استطاعت التصدي للصاروخ وضربه في الجو قبل تحقيق أهدافه، وألمحت “إكسبريس” إلى أن الخطاب قد يكون ردة فعل عصبية من السعودية عقب إطلاق الصاروخ.

واعتبر محمد بن سلمان، أن هذا الصاروخ بمثابة إعلان حرب من قبل إيران على السعودية، وبالرغم من أن الحوثيين هم من أطلقوا الصاروخ، إلا أن ولي العهد السعودي، يتهم إيران بتهريب السلاح إلى مليشيات الحوثي، ومن ثم يرى أن إيران تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذا الاعتداء.

وعقب هذه الخطوة، قامت السلطات السعودية بفرض حظر شامل “جوي وبري وبحري” على الأراضي اليمنية، وبات الوصول إليها غير متاح على الإطلاق.

كما لم ينس أن يتهم لبنان بأنها باتت تعادي السعودية علانية، وهو ما اعتبره أيضا بمثابة “إعلان حرب”، بسبب ممارسات حزب الله، فيما ردت قيادات الحزب على السعودية بالاتهامات ذاتها.

وقال الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان -سفير السعودية السابق لدى لبنان- أن حزب الله اللبناني، الذي يمتلك جناحا عسكريا مسلحا، متهم بالإرهاب على نطاق دولي، زاعما أن الحزب متورط في كل الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها السعودية مؤخرا.

وأضافت الصحيفة البريطانية، أن السعودية بررت كذلك قيامها بحصار قطر، بزعم أن الدوحة تدعم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وحزب الله اللبناني.

ولفتت إلى أن السعودية حرصت الفترة الماضية، على مضاعفة هجومها ضد أعدائها، خاصة إيران، وهو ما يرفع من وتيرة الصراع في المنطقة، ويهدد بأزمة كبرى وشيكة.

فيما أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يلتزم جانب السعوديين بشكل كبير، حيث يعلن عن عدائه الصريح والمباشر لإيران ورفضه للاتفاق النووي الذي عقدته طهران مع الدول الكبرى برعاية أمريكية في فترة ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ما يعني أن ترامب سوف يدافع عن السعوديين في أي أزمة حقيقية تقع بينها وبين إيران.

“بن سلمان” و “ترامب”

وعليه، ترى الصحيفة البريطانية أن التهديدات التي قد يثيرها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في جنوب شرق آسيا، هي بكل تأكيد أقل بكثير من التهديدات التي تلوح في الأفق داخل الشرق الأوسط، والتي ستمتد آثارها بكل تأكيد إلى جميع أنحاء العالم.

لافتة إلى أن الصاروخ الحوثي الذي استهدف الرياض مؤخرا، قد لا يكون آخر اعتداء من قبل الحوثيين على الأراضي السعودية، ما يعني أن استفزاز جماعة الحوثي للرياض قد يستمر، وبالتالي استمرار ردود الأفعال السعودية العصبية المتهورة، والتي قد تكون شرارة لاندلاع حرب عالمية ثالثة، بالمخالفة لكل التوقعات.