العدسة – هادي أحمد

 سلط تحليل للكاتب جوليان لي- خبير استراتيجيات النفط، وعمل في السابق كمحلل كبير بمركز دراسات الطاقة العالمية في لندن- الضوء على تأثير حملة الاعتقالات التي طالت عددًا من الأمراء والوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال نهاية الأسبوع الماضي، ضمن حملة مكافحة الفساد، على السياسة النفطية للمملكة والتي يضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وإلى نص التحليل …

ربما لا نعرف بشكل كامل ، ما يكمن وراء قرار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اعتقال أكثر من 200 مواطن سعودي، بينهم 11 أميرا وأربعة وزراء حكوميين ، بتهم تتعلق بالفساد، بالتزامن مع تصاعد توترات مع إيران .

ما نعرفه هو أن هذا التحرك أدى إلى زيادة أسعار النفط، وفي الوقت ذاته تقويض جاذبية بيع أرامكو أمام المستثمرين الأجانب المحتملين.

لكن من الخطأ أن نستنتج أن هذا القرار السياسي، سيقود إلي تحول في السياسة النفطية السعودية، أو يضر بشكل دائم الاكتتاب العام لشركة أرامكو، فأسعار النفط ترتفع دائما استجابة للاضطرابات في الشرق الأوسط، حتى عندما تنتج البلدان المعنية كميات أقل.

وبالفعل، هذا ما حدث في أعقاب حملة الاعتقالات التي كان مسرحها أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، والتهديدات التي وجهتها المملكة ضد لبنان وإيران، ردا على صاروخ أطلقته جماعة الحوثي المدعومة من إيران على مدينة الرياض ، ولهذا لا ينبغي أن تكون هذه القفزة في الأسعار مفاجئة.

فالقفزة التي صعدت بأسعار النفط لأعلى مستوياته في عامين عقب الاعتقالات مباشرة، من المتوقع أن تعزز الدعم لمنظمة أوبك وأصدقائها فيما يتعلق باتخاذ قرار بشأن تمديد قرار تخفيض انتاج النفط إلى نهاية عام 2018، وعلى سبيل المثال الرئيس بوتين الذي قال إنه من السابق لأوانه الحديث عن تمديد قرار خفض الإنتاج الذي ينتهي في مارس المقبل.

ومن المحتمل أن تتلاشي الأصوات المعارضة عندما تجتمع أوبك وأصدقاؤها في فيينا 30 نوفمبر.

ولكن خفض الإنتاج لا يستهدف سعرا محددا للنفط حتى الآن- وفقا  لما قاله وزير النفط السعودي خالد الفالح في يونيو الماضي – وهذه هي المشكلة الحالية.

Image result for ‫الوليد بن طلال‬‎

الوليد بن طلال

Image result for ‫متعب بن عبدالله‬‎

متعب بن عبدالله 

Image result for ‫محمد العمودي‬‎

محمد العمودي 

تعميق خفض الإنتاج

وقد خفضت المملكة من إنتاجها أكثر مما وافقت عليه كل شهر باستثناء شهر يونيو، ويعرف أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، هو من يضع بالفعل السياسة النفطية للمملكة.

وقد حول وجهة المملكة السابقة من زيادة إمدادات النفط في محاولة لإحراج المنتجين ذوي التكلفة العالية، ووضع البلاد في مقدمة عمليات خفض الإنتاج التي تهدف إلى التخلص من المخزونات الزائدة، بتخفيض الإنتاج بأكثر من المطلوب في الاتفاق، وقد أعرب بالفعل عن تأييده لتمديد صفقة الإنتاج .

لكن يمكن فقط للمملكة وأوبك، عن طريق إعادة مخزونات النفط العالمية إلى مستوياته الطبيعية، أن يأملا في العودة إلى عالم النفط حيث يمكن أن تؤثر أفعالهم على السوق.

ولا ينبغي للتحرك السعودي لمكافحة الفساد أن يغير شيئا بالنسبة لسياسية المملكة النفطية، فبالتأكيد يضع ولي العهد في اعتباره أن تمديد تخفيض النفط الحالي، تم تسعيره بالسوق بشكل فعلي وأدى لبعض النمو، وعدم الاتفاق في نهاية الشهر سوف يقتل الارتفاع الأخير في الأسعار، رغم التوترات المرتفعة في الشرق الأوسط .

فتقييم تأثير عمليات الاعتقال على أسهم أرامكو يظل أقل وضوحا، فنسبة 95 % من الأسهم ، يبقي الملكية على ما هي عليه الآن، وهو أمر لا يمكن التنبؤ به بوضوح .

وإذا اتضح أن الاعتقالات ليست أكثر من عملية تطهير للمعارضين لوصول ولي العهد إلى العرش، فإن المستثمرين المحتملين سوف يسعون إلى الحصول على الحماية.

ولكن ربما عملية مكافحة الفساد تكون الخطوة الأولي نحو خلق بيئة أعمال أكثر انفتاحا وحركية في المملكة، إذا كان يمثل حقا بداية لنهاية الدولة الرِّيعية التي شلت عمل التنمية في البلاد، ثم يمكن بعد ذلك تحسين آفاق الاستثمار الداخلي، وزيادة جاذبية الأسهم .

إن شهية المستثمرين الأجانب للحصول على جزء من شركة أرامكو التي طرح جزء منها للاكتتاب، لن تعتمد على ما إذا كان سعر النفط وقت الإدراج هو 50 أو 60 دولارا أمريكيا، أو حتى 70 دولارا.

 

Image result for ‫براميل النفط السعودية‬‎

لكن قرار الاستثمار في الشركة السعودية سوف يتوقف على سياسات توزيع الأرباح والسياسيات الضريبية للمساهمين الرئيسيين (الحكومة السعودية)، والرؤية المستقبلية للنفط على المدى البعيد.

وفي الواقع، يمكن القول: إن أرامكو ستستفيد على المدى الطويل من انخفاض أسعار النفط، حيث سيؤدي إلى زيادة الطلب على النفط الخام، ويجعل مصادر الطاقة البديلة أقل جاذبية، بينما تقوض إمدادات الطاقة الأخرى ذات التكلفة الأعلى.

وينبغي أن يعطي ذلك أفضل توقعات للإنتاج حيث لا تزال أرامكو الأقل تكلفة في استخراج النفط على هذا الكوكب.

وإذا ما تحققت رؤية 2030 التي وضعتها المملكة لإبعاد اقتصاد المملكة عن الاعتماد على النفط، فإن أرامكو ستعفى من عبء دعم الإنفاق الحكومي، وذلك من شأنه أن يصقل ويلمع جاذبية الأسهم المطروحة للاكتتاب .

ولتحقيق حلمه المتمثل في خصخصة أرامكو، قد يكون العرض المخطط له بنسبة 5 % مجرد بداية، وسيتعين على ولي العهد الشاب أن يظهر للمستثمرين أن حملته الحالية لمكافحة الفساد هي في الواقع خطوة أولى على الطريق إلى المملكة الجديدة الشجاعة.