أثارت صورتان تم تداولهما مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي، جدلا كبيرا فى المجتمع العربي ومن ثم المصري. حيث ظهر فى الصورة الأولى الأمير تميم بن حمد أمير دولة قطر وهو يقبل رأس الشيخ يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين فى إحدى المناسبات رغم وضع اسمه على قوائم الإرهاب فى كل من الإمارات العربية والمتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والبحرين.

وكشفت الصورة الثانية حفاوة استقبال الأمير محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبى للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خلال زيارته الأخيرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لترؤس اجتماع (مجلس حكماء المسلمين).

ورأى البعض أن هذه المشاهد تعتبر نوعا من الاحترام والتوقير لرجال الدين الإسلامي، فيما فسرها آخرون بأنها نوع من استغلال الحكام العرب لهؤلاء العلماء فى الدعاية والمكايدة السياسية للخصوم، خاصة وأنها يتزامن مع قرار الإمارات والسعودية والبحرين ومصر فى الخامس من يونيو الماضي، المتعلق بقطع علاقاتها مع قطر، وفرض الدول الخليجية الثلاث عليها حصارا اقتصاديا، ووضع اسم الشيخ القرضاوى ضمن قائمة الإرهاب التى أعدتها هذه الدول.

تاريخ الإمارات مع الأزهر

اولا: انشاء مجلس حكماء المسلمين

في النصف الثاني من عام 2014 شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي، إعلان إطلاق أول هيئة دولية مستقلة تحت مسمى “مجلس حكماء المسلمين”، يترأسها فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والعلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة .

استهدف المجلس، الذي تقرر أن تكون العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، توحيد الجهود في لم شمل الأمة الإسلامية وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، وتهدد القيم الإنسانية، ومبادئ الإسلام السمحة، وتشيع شرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود .

وساعتها قال الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إن الإسلام الذي أنشأ هذه الأمَّة، وصنَع تاريخَها، ودخَل مُكوِّنًا أساسًيا في نسيج حضارتها وهو دين سلامٍ للعالم أجمع، يصنعُ الأمن والسَّلامئبين أهله ويُصدِّرُه للإنسانيَّة جمعاء .

في المقابل ، رأى البعض أن الكيان الجديد يهدف إلى إيجاد إطار عالمي لمواجهة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي.

وما عزز تلك الترجيحات بروز دور شيخ الأزهر، أحمد الطيب، وكذلك العالم الموريتاني، عبدالله بن بيه، النائب السابق للقرضاوي، والذي استقال من منصبه.

ثانيا: مؤتمر جروزني بحضور احمد الطيب ورعاية الامارات وروسيا

قادت الإمارات هجوما مباشرا على الحركات المحافظة التي تدعمها السعودية. وظهر أن اجتماع عدد من علماء السنة البارزين في العاصمة الشيشانية غروزني،العام الماضي، مع حرمان بعض العلماء المحافظين المدعومين من السعودية قد يسبب صدعا جيوسياسيا في العالم الإسلامي وليس فقط صدعا دينيا.

ويشير المؤتمر الذي حضره علماء من دول تعتبر من أقرب حلفاء السعودية، أن التمويل السعودي لوجهات نظر عالمية محافظة يواجه مقاومة من التفسيرات الأكثر ليبرالية للإسلام التي تدعم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة وروسيا.

وقد عقد الرئيس الشيشاني «رمضان قديروف»، وهو إسلامي له علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، مؤخرا مؤتمرا مع بعض من أبرز العلماء لتحديد المسؤولية الدينية والسياسية عن الإسلام السني.

شارك في مؤتمر غروزني إمام الجامع الأزهر ، أحمد الطيب، ومفتي مصر شوقي علام، ومفتي الصوفية والديار المصرية السابق علي جمعة وهو مؤيد كبير لعبد الفتاح السيسي ومستشار السيسي للشؤون الدينية ، أسامة الأزهري ومفتي دمشق عبد الفتاح البزم، وهو من الأصدقاء المقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، ورجل الدين اليمني الحبيب علي الجفري، رئيس مؤسسة طابا الإسلامية التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، والذي لديه علاقات وثيقة مع دولة الإمارات ومع ولي العهد محمد بن زايد آل نهيان.

وقد تم تنظيم المؤتمر من قبل دولة الإمارات، جنبا إلى جنب مع روسيا، من أجل النجاح في مواجهة الجهود السعودية التي مكنت التفسيرات المحافظة من تحقيق تقدم ملموس في المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

ويشير الوجود المصري الكثيف أيضا أن دولة الإمارات ، التي هي جنبا إلى جنب مع السعودية تقومان بتمويل مصر، تعمل على توسيع المسافة والتباعد بين المملكة وسائر الدول في العالم العربي. كما أنه بمثابة دليل على أن الجهود الروسية لجذب التيارات الإسلامية وكذلك الزعماء الإسلاميين قد بدأت تؤتي ثمارها على الرغم من دعم موسكو لنظام الأسد في سوريا.

ثالثا: جامعة الأزهر تفتتح فرعاً في الإمارات

في نوفمبر 2015 وقعت مشيخة الأزهر الشريف ممثلة بفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد محمد الطيب شيخ الأزهر والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ممثلة بالدكتور محمد مطر الكعبي رئيس الهيئة اتفاقية لافتتاح أول فرع في العالم لجامعة الأزهر في دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيزاً للعلاقة الأخوية المميزة بين القيادتين الرشيدتين والشعبين الشقيقين في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية.

وقال الطيب ساعتها ان دولة الإمارات تضطلع بدور كبير في خدمة مصالح الإسلام والمسلمين وبوقوفها المشرف إلى جانب مصر وشعبها.

وكان من بنود الاتفاقية إنشاء كلية أزهرية للعلوم الإسلامية والدعوة في الإمارات، كما تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الشؤون الإسلامية وزيادة الوعي الديني والثقافة الإسلامية ونشر ثقافة حوار الأديان والعيش المشترك والتسامح عن طريق تنظيم فعاليات توعوية وتثقيفية مشتركة مع إفراد مساحة من مواد الطرفين الإعلامية بالإضافة إلى التنسيق بينهما في مجال ترسيخ مبادئ الدين الحنيف عن طريق تبادل الخبرات التنظيمية والكوادر التعليمية في مجال الإفتاء والوعظ والخطابة والبحث العلمي.

رابعا: شيخ الأزهر بجائزة “الشيخ زايد”

قدمت الامارات هدية لاحمد الطيب في 2013 عبارة عن جائزة “الشيخ زايد”، للكتاب، وجائزة شخصية العام الثقافية من أبوظبي، معتبرين أن هذه الجوائز هي تكريم لمصر والأزهر الشريف والعالم الإسلامي.

وكان الطيب قد تسلم جائزة شخصية العام الثقافية الإماراتية، حيث تم تكريمه ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وتحت رعاية الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وساعتها علق ضاحى خلفان، رئيس شرطة دبي، بالقول : إن زيارة شيخ الأزهر للإمارات عزيزة على كل مواطن إماراتي غير إخواني.

يذكر أن الفائز بلقب “شخصية العام الثقافية” يحصل على جائزة قدرها مليون درهم إماراتي إضافة إلى “ميدالية ذهبية” تحمل شعار “جائزة الشيخ زايد للكتاب”، و”شهادة تقدير”، بينما يحصل الفائزون في الفروع الأخرى على 750 ألف درهم، إضافة إلى “ميدالية ذهبية” تحمل شعار الجائزة و”شهادة تقدير”.