تسلم بن سلمان منصب ولاية العهد في 11 حزيران/يونيو 2017، بعد انقلابه على ابن عمه وولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، ليصبح الأمير الشاب الحاكم الفعلي للبلاد.

 وهو ما استبشرت به بعض الأوساط السعودية، خاصة مع إطلاقه رؤية المملكة 2030، لكن سرعان مازال هذا الأمل سريعًا، فاستهل بن سلمان حكمه بقمع طال أمراء الأسرة الحاكمة وكبار مسئولي الدولة ورجال الأعمال، باحتجازهم في فندق الريتز كارلتون.

 ثم بدأت سياسات ولي العهد تضح، من انفتاح غير مألوف على بلاد الحرمين، في بلد أُسس على التحالف السياسي والديني، وفي ظل تقارب غير معلن مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما أدى لغضب دعاة الإصلاح في المملكة من الدعاة والمفكرين، فشن حملة اعتقالات كبيرة ضدهم.

 ولم يكتفِ بن سلمان باعتقالات الداخل، بل لاحق المعارضين في الخارج، بجريمة مروعة قُتل على إثرها الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، وهو ما فرض عزلة دولية على السعودية، بسبب سياسات الأمير المتهورة، وزادت المطالبات الدولية بمحاسبة النظام السعودي على جرائمه.

وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية كطوق نجاة لنظام بن سلمان، فأزمة الطاقة العالمية وتحكم السعودية في أسواق النفط، جعل بايدن يتخلى عن وعوده بمحاسبة بن سلمان، ويتناسى إجرامه، ليأتي للمملكة ويعطي شرعية جديدة لمزيد من الانتهاكات.

سياسة تقليم الأجنحة

 في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أي بعد 5 أشهر فقط من انقلاب بن سلمان، بدأ ولي العهد حملة لتقليم أزرع النظام القديم، وبداية حقبة جديدة من خلال إجراءات تهدم موروثات أُسست عليها المملكة، فبدأ بحملة اعتقالات ضخمة بزعم الفساد.

شملت الحملة 400 فرد من أكثر الشخصيات نفوذًا في المملكة، من أمراء ووزراء ورجال أعمال كبار، في حملة هزت المجتمع السعودي، وصلت لأشخاص لايمكن المساس بهم.

وتعرض المعتقلون لعمليات تعذيب مروعة، على يد رجال الأمن السعوديين، بإشراف مباشر من محمد بن سلمان، لإكراههم على التنازل عن ممتلكاتهم، في سرقة وابتزاز ضربت بالقوانين عرض الحائط.

وحملات الاعتقال المستمرة في المملكة التي طالت عددًا كبيرًا من عائلة آل سعود، كالأمير محمد بن نايف، ولي العهد المُنقلب عليه، والأمير أحمد بن عبدالعزيز، الشقيق الأصغر للملك سلمان، فأصبح المناخ خاليًا من أي معارضة أو منازعة لابن سلمان لتولي الحكم في البلاد مستقبلًا.

قمع مستمر

أسس بن سلمان حكمه على قمع المعارضين، ففي سبتمبر/أيلول 2017، قام بحملة اعتقالات كبير ضد الدعاة والمفكرين والمصلحين، ممن توقع منهم رفض نظامه وإجراءاته، أبرزهم الداعية الإصلاحي سلمان العودة، والداعية عوض القرني، والدكتور علي العمري وغيرهم الكثير.

ولم تتوقف حملات الاعتقال منذ ذلك الوقت، بل زاد القمع، وأصبحت تغريدة على حسابٍ وهمي عبر تويتر سببًا كافيًا للاعتقال، وطالت الاعتقالات النشطاء والحقوقيون، وحتى الناشطات النسويات.

وتعرض المعتقلون لانتهاكات ممنهجة وكبيرة، بالضرب والصعق بالكهرباء، والتحرش بالنساء المعتقلات، بالإضافة لهدر حقوقهم القانونية والأحكام الجائرة ومنع الزيارات وسياسة الإهمال الصحي.

الأمير المتهور

استمرارًا لسياسات بن سلمان القمعية، ورغم الخوف الذي فرضه على المجتمع السعودي، لم يستطع الأمير الشباب، تقبل بضع كلمات معارضة من صحفي سعودي معارض، وهو جمال خاشقجي.

 وبالرغم من كونه معارضًا معتدلُا، بل لم يسمي نفسه حتى معارضًا، وأيد سياسات بن سلمان في بداية عهده، حتى تغير كل شئ، وبدا القمع الغالب على سياسة النظام الجديد، وجه الانتقادات لنظام بن سلمان، ليقوم بن سلمان في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بتوجيه فريق أمني، لقتل الرجل وتمزيق أوصاله داخل قنصلية بلاده في اسطنبول.

وهو ما أثار غضبًا دوليًا وعالميًا ضده، بل دعا البعض لمحاكمته وعزل نظامه دوليًا، وهو ما جعل بن سلمان يعترف بعد ذلك بالجريمة باعتبارها خطًا فادحًا.

بايدن يشرعن الانتهاكات

يأتي الغزو الروسي لأوكرانيا، في 24 فبراير/ شباط 2022، وما أحدثته من أزمة عالمية في أسواق الطاقة، أدت لارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط، للجوء الدول الغربية للسعودية، التي تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم، من أجل زيادة إنتاجها من النفط، وهو ما رفضته المملكة.

ليقوم بايدن بزيارة السعودية، في 15 يوليو/ تموز الماضي، بالمخالفة لكل وعوده السابقة بجعل المملكة منبوذة دوليًا، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

والتي فتحت الباب ل بن سلمان ليعيد تدوير نفسه من جديد، ويقوم بزيارات خارجية لدول أوروبية لأول مرة، كزيارته الأخيرة لليونان وفرنسا، لتضيع حقوق الإنسان تحت وطأة المصالح الاقتصادية.

والخلاصة، أن القمع والديكتاتورية هو الأساس الذي بنى عليه محمد بن سلمان نظامه، وتبقى رؤيته المزعومة، وسياسته المنفتحة التي يُروج بها لنظامه، قامت على السجون والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.