أثارت مشاجرة كلامية بين الأمير الوليد بن طلال أحد أعضاء العائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، وبين رجل الأعمال الأمريكي الشهر إيلون ماسك لغطاً كبيراً.
بيد أن سبب اندلاع المشاجرة هو رغبة الأخير في شراء أسهم شركة تويتر، والتي رفضها الوليد بن طلال، فما كان من إيلون ماسك سوى سؤاله عنه ملف حقوق الإنسان في السعودية، ما أثار غضب الأخير.
وللوهلة الأولى يستغرب البعض من رد رجل الأعمال بيد أنه لا علاقة بين تويتر وانتهاك حقوق الإنسان في المملكة، لكن محكمة أمريكية كشفت عن حقائق فاضحة.
فقد استخدمت سلطات المملكة بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان علاقاتها ونفوذها وأموالها، للتجسس على عدد كبير من المعارضين في الداخل والخارج، عن طريق تتبع حساباتهم على موقع تويتر.
وقد أدانت تلك المحكمة ثلاث أشخاص أحدهم قيد الاعتقال والبقية هاربين، يفترض أنهم في السعودية بقضية التجسس من خلال مراكزهم في شركة تويتر وكشفت التحقيقات عن تواصل مسؤول سعودي كبير معاهم وإشرافه على عملية التجسس بنفسه.
القصة كاملة
نشرت وزارة العدل بالولايات المتحدة الأمريكية بياناً، حول قضية التجسس المتهم بها شخص لبناني أمريكي يدعى أحمد أبو عمو، وهو قيد الاعتقال بالإضافة إلى شخصين سعوديين هاربين أحدهم يدعى على الزبارة، والآخر أحمد المطيري وهما على قائمة المطلوبين لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي.
القضية تعود إلى أواخر عام 2014 عندما قام مسؤول سعودي بتجنيد هؤلاء الأشخاص، وهم موظفون بشركة تويتر من أجل التجسس على المعارضين السعوديين في الخارج والداخل.
حيث عمل أحمد أبو عمو في شركة تويتر كمدير للشراكات الإعلامية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي استخدم مركزه الوظيفي في الإطلاع على بيانات العملاء ومراقبتها وقام بنقلها إلى المسؤولين في المملكة العربية السعودية.
كما تلقى أبو عمو مبالغ مالية ورشاوى جراء فعلته هذا، لكنه أنكر في البداية أمام محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي وقام بتزوير وثيقة تثبت ذلك.
لكن التحقيقات أثبت أنه عمل بالفعل لصالح العائلة المالكة في السعودية، وقد قابل مسؤول كبير في لندن، واستلم منه ساعة هوبولت باهظة الثمن تتجاوز قيمتها 42 ألف دولار.
علاوة على ذلك فقد أثبتت المحكمة أنه بعد إبرام الاتفاق بينه وبين المسؤول في لندن، سافر أبو عمو إلى لبنان وقام بفتح حساب باسم والده واستلم من خلاله 100 ألف دولار، وحولها إلى الولايات المتحدة عن طريق خدع تتعلق بغسيل الأموال .
وحتى بعد ترك أبو عمو لوظيفته في تويتر، تلقى 100 ألف دولار أخرى كمكافأة على أعماله تجاه العائلة المالكة في السعودية، وتم القبض عليه في 2019.
مسؤول سعودي
بعد القبض على أبو عمو تم إدانته من قبل هيئة محلفين اتحادية بالولايات المتحدة، بالتجسس و التآمر والاحتيال الإلكتروني وغسيل الأموال الدولي وتزوير سجلات في تحقيق فيدرالي.
لكن اللافت للنظر هو تحديد هوية المسؤول السعودي الذي تعامل مع أبو عمو المتهمين الآخرين، واتضح بعد البحث أنه رئيس الأركان بدر العساكر أحد المقربين من ولي العهد محمد بن سلمان.
والأهم من ذلك أنه لم يتم توجيه التهمة إليه في القضية من قبل المدعين العامين، وقد نصت اللائحة على ذكره بما يسمى المسؤول الأجنبي 53 بوثيقة الإدعاء.
وبعد البحث والتقصي اتضح أن عساكر قد قابل أبو عمو بلندن أثناء أجازة كان يقضيها ولي العهد هناك، وقد ووجهه بالتجسس على مقابل المبالغ المالية المذكورة والذي مكن السعودية من مراقبة المعارضين أحدهم يدعى عبد الرحمن السدحان، الذي اعتقلته سلطات المملكة، وتم اتهامه بمعارضة سياسات بن سلمان وحكومته، من خلال حساب مزيف ساخر.
الخلاصة أن السعودية استخدمت علاقاتها ونفوذها ودفعت الأموال لأشخاص مأجورين من أجل التجسس على المعارضين في الداخل والخارج، وقد أظهرت المحكمة الأمريكية جانباً من الجوانب المظلمة التي يعانيها المعارضين والناشطين بالمملكة.
اقرأ أيضاً : من بين كافة الخيارات… بن سلمان فضل استخدام القمع لتعزيز قوته
اضف تعليقا