منذ تسعة أعوام كاملة استيقظ الشعب المصري، والعالم أجمع على أعظم جريمة في العصر الحديث، ترتقي لمنزلة جرائم الحرب والإبادة الجماعية، حيث عمد النظام المصري بقيادة قائد الانقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي، إلى قتل الأبرياء في ميدان رابعة العدوية في قلب القاهرة العاصمة المصرية.
احتشد أنصار الشرعية محاولين الدفاع عن حريتهم وأصواتهم الانتخابية، التي مكنت الرئيس الشرعي للبلاد الراحل الدكتور محمد مرسي، قبل عام تقريباً من هذا الزمان، ولا سيما بعد تعرضه للخيانة من قبل وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي.
ولم يكن يتصور المعتصمون ولا حتى المعارضين لهم أن هذا الاعتصام سينتهي بصورة بشعة يسقط خلاله آلاف المصريين بين شهيد وجريح، بفعل هجوم الجيش وقوات الشرطة بالقناصة والرصاص الحي، في مقابل عزّل لا يملكون سوى أصواتاً تهتف.
على ما يبدو أن الهتاف كان له مفعول أقوى من الرصاص بيد أن النظام وحاشيته، سعوا جاهدين بكل ما أوتو من قوة لإسكات هؤلاء المعتصمين، فقاموا بقتل ما يقرب من 5000 مصري في يوم واحد فقط، علاوة على أضعافهم من الجرحى والمعتقلين.. ورغم مرور 9 سنوات على تلك الوقائع المشينة، إلا أن السيسي وحاشيته يخشون رابعة، وتؤرق جنباتهم بعدما تمكن قائد الانقلاب من توطيد حكمه.
رمز الصمود
فوجئ المعتصمون السلميين في فجر يوم 14 أغسطس بوابل من الرصاص ينهال عليهم من قبل قوات الجيش والشرطة، ولم يتوقع أحد من المعتدين أن يصمد المتظاهرين حتى نهاية اليوم أمام جحافل الجنود المدججين بالسلاح الذين لا يعرفون الرحمة ولا يفرقون بين رجل أو امرأة أو صبي.
فعمدوا إلى قتل الجميع، كل من يصلون إليه من المتظاهرين، حتى أن أحد القناصين قتل متظاهراً تم القبض عليه من المعتصمين وقد أمره الجنود بالاصطفاف وقد استسلم لهم بشكل كامل، إلا أنه أراد أن يرديه قتيلاً، علاوة على ذلك فقد تم منع وصول العلاج للمصابين كي يموتوا بشكل بشع.
إضافة ذلك فلم يتم أي طريق آمن لخروج المعتصمين لفض الاعتصام، بشكل سلمي كما ادعت السلطات المصرية آنذاك بل كان الغرض، هو قتل اكبر عدد ممكن من المتظاهرين.
بعد انقضاء اليوم المرير لم تعد مصر كما كانت قبلها في كل شئ، فقد عمل قائد الانقلاب بعد فعلته هذه بدب الانقسام بين المصريين مؤيدين ومعارضين وقام بزرع الخوف في نفوسهم، لكن من قتلهم هؤلاء طاردوه في جميع أنحاء مصر، وانطلقت مظاهرات في كل مكان تحكي قصة صمود رابعة ورجالها ونسائها، الذين قتلوا بدم بارد أمام أنظار العالم.
إشارة الإصبع
ظن السيسي بقتله للمتظاهرين أنه تمكن من حكمه بشكل كامل، وعمل الإعلام الموالي له على ترسيخ فكرة أن رابعة للنسيان، وأن النظام لا يلقي بالاً إلى معارضيه هؤلاء لأنهم قله ولا يمكن لهم أن يهددوا حكمه.
حتى أخطأ قائد الانقلاب كعادته وهو يتحدث في إحدى البرامج التلفزيونية، عن مشاكل الكهرباء وأكد فيها على أربع بنود رافعاً أربعة أصابع للإشارة إليها، حينئذ ارتبك السفاح السيسي وقام برفع خمسة أصابع وهو يتحدث عن أربع بنود.
لكن الشعب المصري كله قد رأى الخوف يسري في أوصال السفاح، وقد فضحته عيناه التي تدور من الخوف عند ذكر رابعة، ومنذ ذلك الحين فإنه يتم القبض على كل من يرفع تلك الإشارة التي يخشاها السيسي.
ليس ذلك فحسب فقد قام قائد الانقلاب وحاشيته في العام الماضي 2021، أي بعد مرور ثمان سنوات على المجزرة بطرح مشروع تعديل على قانون المحكمة الدستورية العليا، يمكنها من وقف تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم ومنظمات دولية في مواجهة الدولة المصرية، أو التي ترتئي الحكومة المصرية تخالف الدستور، ما يعكس جبنه وخوفه وهو في أوج قوته من الحراك القضائي الدولي جراء المجزرة.
الخلاصة أن جريمة السفاح السيسي لا تسقط بالتقادم، وسوف يحاسب عليها عاجلاً أم آجل، كما أنه لو ظهر أمام الشاشات بمظهر الحاكم القوي، فهو يخاف حتى من ذكر اسم الاعتصام، أو حتى الإشارة إليه بالأصبع ومازال يزيد في تحصين نفسه ومناصريه من المجرمين المشاركين له لأنه يخشى الحساب الذي هو قادم لا محالة.
اقرأ أيضاً : تهديد للأمن القومي ورهن مستقبل الأجيال القادمة.. لماذا يبيع السيسي أصول البلاد؟
اضف تعليقا