منذ أكثر من عام تقريباً أنشأت الإمارات مؤسسة تدعى هيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي تختص في تطوير المجال الحقوقي ما جعل بعض المواطنين والناشطين يستبشرون بتلك الخطوة.
ولكن على النقيض، فبعد مرور أكثر من عام على إنشائها اتضح المغزى الحقيقي الذي جعل بن زايد، أن ينشئ تلك المنظمة ألا وهو تبييض سمعة الإمارات السيئة في مجال حقوق الإنسان، وجعل تلك المؤسسة ستار تخفي الإمارات جرائمها خلفه.
كما قام بن زايد بتعيين أحد الضباط الإماراتيين الموالين، له على رأس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وعمل إعلامياً على إخفاء وحشية النظام الإماراتي، أما المجتمع الدولي من خلالها، لكن على ما يبدو أن تلك المنظمة أخفقت في لعب هذا الدور، وأصبحت دليل مادي على التنكيل الذي يفعله النظام تجاه المعارضين.. فكيف أخفى بن زايد جرائمه خلف ستار منظمة حقوق الإنسان الإماراتية؟!.
تدافع عن الحقوق أم عن النظام
مر أكثر من عام على إنشاء تلك المنظمة، لكنها لم تترك أثر يذكر ما جعلت حقوقيين وناشطون، يعتبرونها خطوة شكلية لا تعالج أي من الأزمات الحقوقية في الإمارات، خاصة أن الدولة أصبحت صاحبة سجل سئ للغاية.
علاوة على ذلك فمع تتبع سلوك المؤسسة وفاعليتها نجدها أقرب إلى المؤسسات الإعلامية التي تعد من أبواق النظام، بيد أن السبب الرئيس التي أنشئت من أجله هو مشاركة السلطات والجهات المختصة في وضع خطة عمل وطنية لتعزيز حقوق الإنسان في الإمارات، وكذلك تقديم المشورة للسلطات بشأن مدى ملاءمة التشريعات والمواثيق والعهود والقوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة حقوق الإنسان.
لكن أول ما قامت به رئاسة الهيئة هو استثناء قضية معتقلي الرأي الخاص بسجن عشرات الأكاديميين والحقوقيين والناشطين من قائمة عملها، كما تجاهلت الهيئة بيانات الإدانات التي وجهت من قبل حقوقيين أوروبيين التي وجهت للإمارات بسبب الاعتقالات دون مسوغ قانوني.
علاوة على ذلك اكتفت الهيئة بالأعمال الترويجية للإمارات، وعقدت مؤتمرين صحفيين خلال عام ، تحدثت فيه عن النشاط الحقوقي في الإمارات، كما حضرت الهيئة عدداً من الأنشطة والمؤتمرات، مثل زيارة الجناح الهندي في إكسبو دبي وإطلاق مشروع مفكرو الإمارات.
ولم تمارس الهيئة أي نشاط حقوقي يذكر خلال عام، ولم تتفقد المنشآت العقابية أو السجون ولم تعقد لقاءاً حقوقياً، ولم تنشر بريد إلكتروني لتلقي الشكاوى الحقوقية، علاوة على أنها لم تمارس أي بحوث ميدانية، ولم تتواصل مع أهالي المعتقلين أو تقوم بزيارة لأي سجن.
وقد أرسلت دولة الإمارات العربية المتحدة خطاباً رسميا إلى الأمم المتحدة تؤكد إنشائها لمنظمة مستقلة مختصة بتطوير الملف الحقوقي في الدولة الخليجية، واستقبال الشكاوى، مشيرة إلى أنه تم إنشائها طبقاً للتوصيات الأممية.
وفي الوقت ذاته جعلت الإمارات من تلك المنظمة ستاراً لجرائمها وحولتها لمؤسسة إعلامية تروج لها وتخفي جرائم النظام.
خدعة لم تنطوي
مؤخرًا شارك وفد الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان،في اجتماعات “لجنة مناهضة التعذيب” التابعة للأمم المتحدة، والمعنية بمناقشة التقرير الوطني لدولة الإمارات، المتعلق بتنفيذ التزاماتها الخاصة باتفاقية مناهضة التعذيب.
وادعت الهيئة استيفاء التزاماتها الدولية في حقوق الإنسان، وحرصها على تعزيز تعاونها مع أجهزة الأمم المتحدة ولجانها المعنية بحقوق الإنسان، وتقديم الدعم اللازم لها، لأداء مهامها وأنشطتها، والتزامها بمواصلة العمل، نموذجاً للتغيير وتحقيق الريادة في المنطقة والعمل على تطوير معايير حقوق الإنسان والنهوض بها ومواءمتها مع المعايير الدولية.
فيما ردت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للمكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة على التقرير الإماراتي كشفت فيه عن محاولة تلاعب الإمارات وتقديم تقارير زائفة عن الواقع في داخل البلاد.
ودعت في هذا التقرير إلى ضمان قيام كبار المسؤولين بدولة الإمارات بالحظر المطلق للتعذيب، وطالبت الدولة الخليجية بالقيام بالملاحقة الجنائية ووضع العقوبات المناسبة لكل من يقوم بأفعال خارجة عن القانون، كما طالبتها بوضع تعريف واضح للتعذيب بالقوانين المحلية.
إخفاق في تبييض السمعة
هنا اتضحت الفكرة وظهر الهدف من إنشاء الهيئة جلياً، ألا وهو تبييض السمعة والتستر على الجرائم التي تقوم بها الإمارات من التنكيل بالمعارضين وإصدار أحكام تعسفية، والتجسس على الناشطين بالخارج والداخل.
لكن حتى هذا الهدف الخبيث التي أُنشئت تلك الهيئة من خلاله لم تؤده بشكل لائق فقد وجه الاتحاد الأوروبي انتقادات حادة لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات بحضور مقصود كروز رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالدولة الخليجية.
وقد حضر الاجتماع نواب ورؤساء البعثات والمستشارين السياسيين لسفارات الاتحاد الأوروبي، وطالبوا بتغييرات جوهرية في سياسات الدولة الخليجية تجاه حرية التعبير.
والخلاصة أن محمد بن زايد أراد أن يؤسس هيئة تتستر على جرائمه، وتبييض سمعته وسمعة نظامه الوحشي، تجاه المعارضين لكن انتهاكات الإمارات، أصبحت حديث الساعة في الأوساط الحقوقية.
اقرأ أيضاً : كيف نشطت الشركات الإسرائيلية بالإمارات في غسيل الأموال؟!
اضف تعليقا