نجحت دولة قطر خلال العقدين الماضيين في ممارسة سياسة القوة الناعمة، وقامت بتقوية الروابط مع عدة جهات، ما جعلها تنمي رأسمال سياسي في قارات ودول مختلفة.

 

وتعد حركة طالبان رابطة من أهم تلك الروابط خاصة بعد وصولها للحكم على حساب التحالف المدعوم أمريكياً، فقد استقبلت قطر قادة هذه الحركة في عام 2010 بناء على طلب من الولايات المتحدة وقامت توطيد العلاقة مع قيادات الحركة.

 

كما جنت قطر ثمار تلك العلاقة بعد وصول طالبان للحكم عام 2021، وأصبحت بمثابة “سمسار” العلاقات مع المسيطر الجديد للحكم في أفغانستان، لكن ذلك لم يرض دولة الإمارات التي ” تغار” من قطر وتحركاتها ونجاحاتها في المنطقة، لذا عقدت العزم على منافستها في أفغانستان عن طريق جماعة حقاني وهي فاعل مؤثر في عمليات الحركة العسكرية.. فكيف نافست الإمارات قطر في أفغانستان؟! وهل نجحت في أن تجعل نفسها فاعل حقيقي في وسط آسيا؟!.

 

 

مواقف متناقضة

 

عندما سيطرت طالبان على الحكم، وتغلبت على الرئيس المدعوم من الولايات المتحدة أشرف غني، حاول شركاء الناتو تنظيم رحلات جوية لإخلاء الموظفين غير العسكريين تاركين ورائهم عشرات الألاف من الموظفين.

 

فما كان من قطر إلا أنها استغلت العلاقات القديمة مع قادة الحركة، وقامت بتنظيم رحلات إخلاء واستضافت اللاجئين الأفغان، وأبرمت صفقات ثنائية مع رؤساء طالبان ما دفع الولايات المتحدة ودول أوروبا لنقل سفارتهم في أفغانستان للدوحة.

 

تلك النجاحات لم ترض جارتها الإمارات التي راهنت على الجانب الخاسر في اللعبة، واستقبلت أشرف غني رئيس التحالف، فحاولت إعادة العلاقات مع طالبان، وعلى النقيض تماماً من موقفها السابق حيث بررت أبو ظبي حصارها للدوحة، بأنها تستضيف طالبان واتهمتها بدعمها للإرهاب.

 

لكن الإمارات تراجعت عن تلك السياسية وحاولت بناء علاقات قوية مع جماعة حقاني، وهي مجموعة أسسها جلال الدين حقاني وكانت أكثر العناصر المقاتلة بين الفصائل المسلحة.

 

وقد عاش جلال الدين في الإمارات لفترة وتزوج من إمرأة إماراتية أنجبت له ابنه سراج الدين حقاني وهو وزير الداخلية في حكومة طالبان الحالي ويحمل حقيبة الأمن الداخلي والمخابرات.

 

وقد تراجع النفوذ القطري الذي كان يقتصر على ممن هم مقربين من الملا برادر بعد صعود سراج الدين حقاني اللامع، ومعه سارعت الإمارات كي تكون سمساراً أخر في أفغانستان متمتعة بعلاقتها الوطيدة مع تلك المجموعة التي ساندتها في عمليات غسيل الأموال منذ ثمانينيات القرن الماضي.

 

المحصلة صفر 

 

أفادت تقارير أن الإمارات أعادت التواصل مع مجموعة حقاني عن طريق الأعمال الإغاثية في أفغانستان، وتطورت العلاقات حتى تواصل دبلوماسيين اماراتيين مع حاكم منطقة خوست وهو صديق شخصي لوزير الداخلية.

 

وحتى الآن لم تسفر تلك التحركات عن أي تقدم في العلاقات، إلا في ملف إدارة مطار كابول والتي تواصلت الإمارات فيه لاتفاق مع حكومة طالبان بعدما فشلت المفاوضات التركية والقطرية.

 

واتضح فيما بعد أن الإمارات لم تفز بعقد تشغيل المطار بل هي اختصت بأعمال العتالة فقط عن طريق شركة تدعى جي إيه إيه سي وهو ما اعتبره الإعلام انجازاً وتفاخرت به الأبواق الإماراتية.

 

لكن على أرض الواقع فإن محصلة الإمارات من الإنجازات على جميع المستويات في أفغانستان، هي محصلة صفرية ولم تحقق للدولة الخليجية أهدافها من التوسط في وسط آسيا.

 

الخلاصة أن الإمارات أعادت التواصل مع مجموعة حقاني من أجل منافسة قطر في وسط آسيا لكنها لم تفز إلا بعقد عتالة بمطار كابول، وحتى الآن لم تستطع الإمارات تحقيق أي أهداف استراتيجية في أفغانستان.

 

اقرأ أيضاً : لماذا تسعى الإمارات لتخريب المصالحة الخليجية؟