زار الرئيس الأمريكي جو بايدن الرياض منذ أكثر من شهر ونصف الشهر بعد سجال وجدلٍ كبير حول تلك الزيارة، خصوصاً أنه وعد إبان حملته الإنتخابية بمحاسبة المملكة العربية السعودية ووصفها بـ المنبوذة نظراً لسجلها السيء في مجال حقوق الإنسان.

وبعيداً عن أهداف الزيارة وأسبابها التي أثارت عدد من التكهنات حول أزمة الطاقة التي تلوح بالأفق بعد الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، فإن زيارة الرئيس كان لها بُعد حقوقي ودبلوماسي، خاصة أن السعودية واجهت شبه حصار دبلوماسي بعد حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في أسطنبول بتركيا.

وبالتالي جاءت زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية بمثابة الانفراجة للنظام السعودي وعلى رأسه ولي العهد محمد بن سلمان المتهم بالتدبير لقتل الصحفي خاشقجي، علاوة عن التنكيل بعدد من المعارضين منهم أبناء عمومته، بل تعدى الأمر إلى أن السعودية أصبحت مستعدة بعد تلك الزيارة لحملة قمعية بشكل موسع ورفعت وتيرة التنكيل بالمعارضين.. فكيف ازدادت شراسة النظام بعد تلك الزيارة؟!.

 

أحكام تعسفية

تحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش عن تزايد وتيرة القمع بعد زيارة الرئيس جو بايدن للسعودية، حيث أنها أشارت أن الزيارة خففت من العزلة الدبلوماسية التي فرضتها بعض الدول على السعودية بسبب سجلها السيء.

كما تطرقت المنظمة الحقوقية إلى قرار محكمة سعودية بالحكم على الطالبة في جامعة ليدز البريطانية سلمى الشهاب بـ 34 عاماً، مؤكدة أنه الحكم الأطول على الإطلاق الذي يفرض على سيدة بالمملكة.

واستغرب المنظمة تغليظ العقوبة على الشهاب حيث أنه تم الحكم عليها مبدأياً بست سنوات بسبب تغريداتها، فقامت سلمى بالاستئناف على ذلك الحكم بدعوى عدم معرفتها أن تلك التغريدات ترقى لمستوى الجريمة في المملكة.

لكن المحكمة السعودية قضت في 9 أغسطس 2022 – أي بعد زيارة بايدن – بالسجن على سلمى الشهاب ب 34 عاماً تم تفنيدها على النحو التالي: حكم ب 8 سنوات سجن بتهمة تأييد المحرضين على الإرهاب، و10 سنوات بتهمة تقديم الإعانة للإخلال بالنظام العام و5 سنوات بتهمة إنشاء موقعاً إلكترونياً لارتكاب جرائم تخص الإرهاب و5 سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، ذلك بجانب الست أعوام الأولى الخاصة بالتغريدات.

 

كلنا أمن 

وصفت مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن سارة ياغر الحكم السعودي على سلمى أنه استند لتهم غير معقولة  وأن الحكم جاء مسيساً وتعسفياً ودعت الحكومات التي احتضنت المملكة دبلوماسياً مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إلى رفض الحكم وإدانته.

كما تطرقت ياغر إلي ماهية الحكم وأكدت أن المحكمة لم توضح أنها استندت على أي من المنشورات لإصدار ذلك الحكم موضحة أن راجعت منشورات سلمى الشهاب على موقع تويتر منذ أربع أعوام ولن تجد ما وصفته المحكمة حول دعم الآراء الإرهابية بل إن أغلب منشورات سلمى حول عائلاتها.

لذلك رجحت المنظمة أن سلمى الشهاب قد تعرضت لبلاغ عن طريق تطبيق ” كلنا أمن” الذي أطلقته الحكومة السعودية للإبلاغ عن المنشورات الناقدة للحكومة فقد جعلت من المواطنين مراقبين بجانب مراقبتها الشديدة للمعارضين.

الخلاصة أن الحكومات الغربية وحكومة الرئيس بايدن منحت السعودية الضوء الأخضر للاستفحال والتوغل، فتوسعت في القمع والتنكيل وتجهزت بكامل قوتها لسحق المعارضة.