تطالب الإمارات بكل محفلٍ المجتمع الدولي بمناصرتها فيما تسميه بالاحتلال، الذي تتعرض له أراضيها من قبل الجمهورية الإيرانية في ثلاث جزر بالخليج العربي هم أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى.

ورغم صغر حجم الجزر وقلة عدد سكانها، فهي تمثل أهمية استراتيجية لدى كل منهما فالإمارات تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، أما إيران فهي ترى أن ملكيتها للجزر الثلاثة غير قابلة للنقاش، وبناء على هذا الصراع الدائر منذ عام 1971 فقد وقع شقاق بين البلدين المتقاربين إقتصادياً.

لكن شبكة بي بي سي العالمية نشرت وثائق سرية كشفت عن صفقة تمت بين بريطانيا وإيران، من أجل تسليم الثلاث جزر محل النزاع إليها في أعقاب انسحاب المملكة المتحدة من منطقة الخليج، وكان ذلك بعلم مؤسس الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. فكيف تمت الصفقة وما هي الأهمية الإستراتيجية لتلك الجزر الصغيرة التي جعلت منها مسرحاً للنزاع بين الإمارات وإيران؟!.

 

أهمية الجزر 

تعد جزيرة أبو موسى أكبر الجزر الثلاث محل نزاع إذ تبلغ مساحتها 20 كليو متر مربع، وكان يعيش به ألف مواطن إماراتي يعملون في حرفة الصيد ورعاية الماشية، أما جزيرة طنب الكبرى مساحتها 9 كيلومتر فقط، وكانت تتبع لإمارة رأس الخيمة قبل استيلاء القوات الإيرانية عليها.

وأخيراً جزيرة طنب الصغرى فهي كانت تضم أسرة واحدة وطبيعتها جدباء، ولا توجد مياه صالحة للشرب وهي مساحتها 2 كيلومتر مربع، أما الأهمية الاستراتيجية لتلك الجزر فهي تتمثل في أنها تقع في منطقة حساسة من الخليج العربي، وتوجد بالقرب من الممرات الآمنة للملاحة البحرية.

كذلك تقع الجزر على مضيق هرمز الذي يمر منه حوالى 40% من الإنتاج العالمي من النفط، وتخول تلك الجزر من يسيطر عليها من إحكام قبضته على حركة المرور المائي في الخليج العربي، وهي صالحة للاستخدام العسكري فيمكن استخدامها كملجأ للغواصات لكون مياهها عميقة.

كما تزخر الجزر ببعض الثروات الطبيعية مثل البترول وأكسيد الحديد الأحمر، وقد أعلن حاكم الشارقة اكتشاف النفط في المياه الإقليمية لجزيرة أبو موسى عام 1972م.

 

صفقة سرية 

منذ أكثر من ستين عاماً كانت بريطانيا العظمى تسيطر على منطقة الخليج، وقبل إعلان المملكة خروجها رسمياً من المنطقة العربية نشب خلاف بين الشيخ صقر بن سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة، على إثر علاقة بينه وبين زعيم القومية رئيس مصر جمال عبد الناصر.

ولذلك دبر البريطانيين انقلابا وتم استبداله بابن عمه، ووفقاً للرواية الرسمية فإن أسرة الشيخ صقر وافقت على الإطاحة به، مما يدل على تحكم بريطانيا الكامل في مجريات الأمور في المنطقة آنذاك.

وفي عام 1968 أعلنت بريطانيا عزمها الانسحاب من المنطقة وقد أثار ذلك توتراً بين القادة العرب وإيران بشأن الجزر الثلاث، وقد كشفت وثائق سرية على موافقة الملك الايراني على منح الدول العربية، الاستقلال لكل الدول العربية المحاذية للخليج.

لكن شاه إيران كان حازماً بشأن الجزر الثلاث وقد أكد على ذلك الموقف البريطاني، حيث قال وزير الخارجية حينئذ دوغلاس هيوم ““هذه الجزر ملك لإيران ويجب أن تعاد إلى إيران، سنستعيد هذه الجزر مهما كلّف الثمن”.

وقد كشفت بي بي سي أن الدبلوماسي البريطاني اتفق سراً مع شاه إيران على تسليمه الجزيرة، وقد احتلتها البحرية الإيرانية بعد يومين فقط من انسحاب القوات البريطانية منها.

والأهم من ذلك أن الوثائق أكدت معرفة رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ونائبه الشيخ راشد آل مكتوم بالقرار البريطاني، بل وطبقاً لتلك الوثائق السرية فهم وافقوا على منح الجزر للإيرانيين.

الخلاصة أن الجزر الثلاث محل النزاع تم تسليمها إلى الجمهورية الإيرانية، بعلم رئيس الدولة الشيخ زايد ونائبه الشيخ راشد فلماذا تطالب الإمارات بعودة الجزر وقد تنازل عنها مؤسسها؟!.

 

اقرأ أيضاً : الغيرة الإماراتية.. كيف نافست أبو ظبي الدوحة في أفغانستان؟!