العدسة – بسام الظاهر
تسعى السعودية خلال هذا الشهر لتوحيد جهود المعارضة السورية في كيانٍ واحدٍ يعبّر عن الشعب السوري في ثورته ضدَّ نظام بشار الأسد.
محاولات السعودية الحثيثة ترتبط بالأساس، ليسَ فقط بإسقاط الأسد، ولكن لتوسيع نفوذها وتأكيد إمساكها ببعض خيوط الأزمة السورية، لمواجهة النفوذ الإيراني الكبير والمتعاظم في سوريا.
وتخوض السعودية تحت قيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الحاكم الفعلي، جولة صراع كبيرة مع إيران في المنطقة، بعد تمكُّنها من توسيع نفوذها بسوريا ودعم الحوثيين وبالتأكيد حزب الله في لبنان.
محاولات السعودية إذا نجحت ستكون محركَا أساسيًا لوفود المعارضة التي تحضر الاجتماع الدولية حول الأزمة السورية، وبالتالي فإنّها ستحافظ على وجود ورقة ضغط في يدها أمام إيران.
اجتماع الرياض 2
وتستضيف السعودية خلال الفترة من 22 – 23 من الشهر الجاري، اجتماعًا للمعارضة، في إطار مساعٍ لتوحيد جهود المعارضة في كيان واحد.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية “واس”: “إنه انطلاقًا من سياسة المملكة الداعمة لجهود إحلال السلام ومواجهة الإرهاب، واستجابة لطلب المعارضة السورية، سيعقد اجتماع للمعارضة، بهدف التقريب بين أطراف ومنصات المعارضة وتوحيد وفدها المفاوض في جنيف.
ويأتي الاجتماع قبل 4 أيام تقريبًا من الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف والتي يقودها المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي مستورا.
بيان الوكالة الرسمية السعودية، أشار إلى أنَّ الاجتماع جاء بناءً على طلب من المعارضة، والتي تضمّ عدة كيانات مثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وهيئة التنسيق الوطنية، وممثلين عن الفصائل المسلحة.
ولكن السؤال هل كان فعلًا الاجتماع بطلب من فصائل المعارضة؟، الغريب أنَّ هذا الاجتماع الذي يفترض أن يناقش مسألة في غاية الأهمية، وهي تكوين منصة واحدة للمعارضة في ظرف يومين فقط، الأغرب أنها قبل اجتماع جنيف مباشرة.
وبدا أنّ هذا الاجتماع ليس إلا محاولة من السعودية لتحديد بعض النقاط التي سيتمّ طرحها في اجتماعات جنيف، لضمان التأثير على صناعة القرار وتحديد مواقف المعارضة حيال القضايا التي ستطرح قبل المفاوضات.
ولم تنجح السعودية في خطوة تشكيل كيان معبّر عن الثورة السورية، في اجتماع “الرياض 1” والذي عُقِد في ديسمبر 2015، ولكن تمّ التوصل لتشكيل وفود الهيئة العليا للمفاوضات.
إجنماع “المعارضة السورية” في السعودية
دمج المنصات
الرهان الرئيسي خلال الاجتماع المرتقب هو إمكانية ضم منصتي القاهرة وموسكو إلى وفد المعارضة في المفاوضات أم لا.
ويتزايد الحديث خلال الفترة الماضية، عن محاولات دمج منصتي القاهرة وروسيا ضمن الهيئة العليا للمفاوضات التي تشارك في اجتماعات جنيف، ولكن ثمّة رفض من الهيئة العليا للمفاوضات.
وينظر إلى منصتي القاهرة وموسكو على أنهما أقرب لروسيا والقاهرة، وبالتالي فإنهما لا يدفعان بقوةٍ لإزاحة الأسد عن الحكم، ويمكن هنا القبول بإمكانية استمراره في فترة انتقالية أو تسوية سياسية بعيدًا عن الإطاحة به حاليًا.
ويبدو أنَّ ثمة تراجعًا في الموقف حيال رفض انضمام المنصتين إلى وفد المفاوضات، وقال يحيى العريضي، مستشار الهيئة العليا للمفاوضات، “نرحِّب بأولئك الذين يمثلون، بالفعل، مصالح الشعب السوري ويسعون لبناء سوريا حرة ومستقلة، وإذا كان ممثلو مجموعتي موسكو والقاهرة يؤيدون هذه المبادئ، سنرحب بهم”.
وأضاف أنَّ من يدعمون نظام الأسد ويسعون إلى بقائه في السلطة بغضّ الطرف عن قتله آلاف المدنيين، لا مكان لهم في وفد المعارضة الموحد.
ولكن خرج عضو الهيئة العليا للمفاوضات، حسن عبد العظيم، ليؤكّد أنّ الأولوية في الوقت الراهن هي محاربة الإرهاب، وليس إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، بما يشكل تحولًا في الموقف أو وجود اختلاف في وجهات النظر حيال الأمر داخل الهيئة.
ومن المقرّر طرح هذا الأمر خلال اجتماع الرياض2، بل والضغط لتمريره، من جانب السعودية، بعد التفاهمات الكبيرة خلال الفترة الماضية مع روسيا، والتراجع عن إزاحة الأسد.
ولهذا أقدمت روسيا على الترحيب الكبير بجهود السعودية في دمج المعارضة في كيانٍ واحدٍ خلال مفاوضات جنيف.
إجتماع “المعارضة السورية” في مفاوضات جنيف
إنهاء النفوذ الإيراني
ولكن ترغب السعودية مقابل هذا الدور، الذي ربما يكون متفقًا عليه سلفًا مع روسيا، في إنهاء التواجد الإيراني في سوريا خلال أقرب فترة ممكنة.
وتوترت العلاقات بين السعودية وإيران بشدة خلال الأشهر القليلة الماضية، على خلفية صراع النفوذ بالمنطقة، وتحديدًا بعد لعب محمد بن سلمان بورقة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لمواجهة نفوذ حليف طهران “حزب الله”، من خلال إعلان استقالته من الرياض.
استسلام السعودية لمسألة بقاء الأسد على الأقل لفترة انتقالية، كان له ثمن لدى نظام الحكم الحالي في المملكة، وهو إنهاء النفوذ الإيراني وخروج الميليشيات من سوريا تمامًا.
مصر كان لها دور في تغيير الموقف السعودي الرافض لبقاء الأسد، خاصة مع علاقاتها القوية مع روسيا، وتصريحات السيسي المؤيدية للجيش السوري وبالتبعية الأسد.
وقال الصحفي الفرنسي جورجس مالبورنوت، إنَّ الملك سلمان بن عبد العزيز، أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لروسيا، بأنه لا مشكلة لديهم في بقاء الأسد، لكن بشرط انسحاب إيران من سوريا.
“سلمان” و “بوتين”
ولكن الخارجية الروسية، قالت إنَّ تواجد إيران في سوريا شرعي، ردًا على تأكيدات أمريكية بأنّ موسكو أعلنت عن دراسة مسألة الانسحاب الإيراني من جنوب سوريا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنّ بلاده لم تتعهد بضمان خروج التشكيلات الموالية لإيران من سوريا.
تصريحات لافروف ربما تعبّر عن موقف حقيقي برفض خروج إيران من سوريا، أو أنها محاولة لزيادة الضغط للقبول ببقاء الأسد في الحكم.
اضف تعليقا