العدسة – أحمد عبد العزيز

شهدت كرة القدم في مصر خلال السنوات الماضية، تطورات خطيرة بالتزامن مع الأحداث السياسية غير الاعتيادية التي شهدتها البلاد، والتي أثرت على كافة المجالات بشكل أو بآخر.

إلا أن أبرز البصمات السلبية التي تركتها السياسية على كرة القدم المصرية، هو خروج الخلافات الكروية من نطاق المستطيل الأخضر وأروقة الأندية واتحادات الكرة، إلى المحاكم وأقسام الشرطة ومكتب النائب العام.

وكان آخر وأغرب هذه الظواهر، هو تقديم بلاغ للنائب العام بسبب رفض المدير الفني للنادي الأهلي حسام البدري إشراك اللاعب عماد متعب في التشكيل الأساسي!

” عماد متعب “

نعم، أنت قرأت المعلومة بشكل صحيح، شخص ما يعترض على إدارة حسام البدري للفريق الأول لكرة القدم بالأهلي، فلم يجد وسيلة سوى التوجه إلى النائب العام لتقديم بلاغ ضد البدري!.

وقالت الصحف المصرية، إن رئيس حزب العدالة الاجتماعية، محمد عبد العال أبو سنة، تقدم ببلاغ للنائب العام يتهم فيه البدري ومدير الكرة بالأهلي سيد عبد الحفيظ “بالتعسف تجاه عماد متعب بسبب جلوسه الدائم على دكة الاحتياطي… وإذا سمحوا له باللعب يكون لمدة خمس دقائق فقط”.

واعتبر مقدم البلاغ، أن جلوس متعب “على الدكة” ومنعه من اللعب في المباريات بمثابة إهدار للمال العام.

” حسام البدري “

إلا أن المفاجأة الكبرى، كانت في صدور أمر من النائب العام المصري المستشار نبيل صادق، بإرسال المذكرة إلى النيابة المختصة حيث تولت نيابة قصر النيل التحقيق في البلاغ، وتم تحرير محضر رقم 11025 لسنة 2017، أي أن النيابة أخذت الأمر على محمل الجد.

الأب الروحي

وكان من أشهر من قادوا كرة القدم وأخرجوها من الملاعب إلى ساحات المحاكم، الأب الروحي لأزمات الكرة في مصر، رئيس نادي الزمالك والنائب في البرلمان الحالي مرتضى منصور.

” مرتضى منصور “

فقد اعتاد الرجل أن يدير كل أزماته الكروية، عبر التلويح للاعبين والأجهزة الفنية المتعاقبة بورقة قدرته على “حبسهم” إذا ما خالفوا أي قرار له أو تقاعسوا عن تنفيذه.

فإذا اختلف مع لاعب في الفريق، يهدده بتقديم بلاغ ضده لأنه “هارب من التجنيد”، أو متهرب من الضرائب، وإن رفض مدير فني الانصياع لتوجيهات رئيس النادي فيما يتعلق بالتشكيل، هدده بالإبلاغ عنه بتهمة التهرب الجمركي، أو التلاعب في أوراق رسمية، أو ضبطه في حالة سكر بين، وقائمة أخرى من الاتهامات الجاهزة.

فبمجرد خروج اللاعب أحمد توفيق وتعبيره عن رفضه الدائم لانتقادات مرتضى منصور له في وسائل إعلام، حتى خرج رئيس النادي ليؤكد أن “توفيق سيعاني في الفترة المقبلة خاصة وأنه مطلوب للتجنيد”، معلنا أنه سيتقدم ضده ببلاغ للنائب العام.

أما الجماهير، فقد كان خلاف مرتضى منصور مع ألتراس الزمالك، أوضح مثال على نقله للخلافات الكروية، ليس فقط إلى ساحات المحاكم، بل أيضا إلى ساحات المقابر!.

فالرجل الذي قدم عشرات البلاغات ضد مشجعي النادي الذي يرأسه، يُتهم حاليا بأنه المسؤول الأول عن أحداث “الدفاع الجوي” التي راح ضحيتها عدد من جماهير أولتراس زملكاوي، بعدما دفع قوات الشرطة للإجهاز على المشجعين أثناء دخولهم لحضور إحدى المباريات وقاموا باحتجازهم وخنقهم بالقنابل المسيلة للدموع.

انتخابات واتهامات

أما أبرز الأحداث الكروية التي تشهد عادة سيلا من البلاغات إلى أقسام الشرطة ومكتب النائب العام، فهي انتخابات الأندية الكروية في مصر، وهو ما يتجسد حاليا في ظل الاستعداد لإقامة انتخابات ناديي الأهلي والزمالك.

فلا يتورع أعضاء كل قائمة مرشحة عن تقديم البلاغات ضد منافسيهم، بتهم الفساد حينا، وتهم التلاعب والتزوير حينا آخر، أو الاستقواء والاستعانة بالبلطجية.

وأيضا يعتبر نادي الزمالك –الذي يعاني تحت رئاسة مرتضى منصور- أكبر مثال على ذلك.

فانتخاباته هي سيل لا يتوقف من الاتهامات المتبادلة والبلاغات والشكاوى، إلا أن ذلك يكون عادة من طرف واحد هو طرف مرتضى منصور، بينما يعجز الآخرون عن شكواهم، لأنهم لن يجدوا أي آذان صاغية، في ظل الحماية التي يتمتع بها الرجل من قبل النظام الحالي في مصر، والذي استطاع بفضله أن يظل خارج أسوار السجن برغم كم الجرائم التي تورط فيها، سواء أيام الثورة أو بعدها.

فلا يكاد يصدر أي تصريح عن منافس مرتضى منصور في الانتخابات، أحمد سليمان، إلا ونجد “منصور” يبادر بالرد ببلاغ للنائب العام ضد سليمان، مقدما قائمة بالاتهامات، وذلك فقط لمجرد أن “سليمان” مثلا انتقد أداء مجلس الإدارة الحالي، أو ألمح إلى وجود تجاوزات.