قدمت منظمتان حقوقيتان -في الولايات المتحدة- شكوى قضائية ضد مصر وفرنسا لاتهامهما بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” بعد عملية حدود ليبيا قبل نحو ست سنوات.
وكانت منظمتان أمريكيتان قد قدما شكوى مشتركة -الاثنين- تطالبان الأمم المتحدة والمدعي العام الفرنسي بالتحقيق في تواطؤ باريس في جرائم ضد الإنسانية مع القاهرة أسفرت عن مقتل مدنيين في الصحراء الغربية بين عامي 2016 و 2018، وفقًا لموقع ديسكلوز الإخباري الاستقصائي.
تدعو المجموعتان، “مصريون في الخارج من أجل الديمقراطية” و “كود بينك”، إلى التحقيق في أعقاب ما كشفه الموقع الفرنسي عن “إعدام مدنيين” في القاهرة والضربات الجوية العشوائية للاشتباه في عمليات تهريب عبر الحدود مع ليبيا، والتي سهلتها فضل المعلومات الاستخبارية المقدمة من قبل الجيش الفرنسي إلى مصر قبل ست سنوات.
وقالت المحامية لويز دوماس “نأمل أن ينتهز المدعي العام هذه الفرصة لوضع حد للإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبها النظام المصري، بما في ذلك التعذيب، بتواطؤ من فرنسا، وكل ذلك في إطار مبهم لعقود السلاح”.
كما أحالت المجموعتان القضية إلى ثلاثة مقررين خواص للأمم المتحدة: المقرر الخاص بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام بإجراءات موجزة والإعدام التعسفي والتعذيب وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في سياق مكافحة الإرهاب.
من جانبها، قالت هايدي ديجكستال، المستشارة القانونية للمنظمات، “يسمح التقرير بأن ينظر المقررون الخاصون للأمم المتحدة في التأثير والأذى الذي لحق بالضحايا المباشرين الذين قتلوا وأصيبوا جراء الهجمات المستهدفة التي نفذتها مصر ضد المدنيين، مع الاعتراف أيضًا بالأضرار التي لحقت بعائلاتهم”، مضيفة “هذه العائلات هم ضحايا غير مباشرين، حُرموا من الحق في حياة أسرية مستقرة، والحصول على تعويض والحقيقة”.
عملية سيرلي
نُشر تقرير موقع ديسكلوز الإخباري الاستقصائي الأولى – استنادًا إلى وثائق مسربة – في نوفمبر/تشرين الثاني، شملت خطة لأن يتعاون البلدان في مهمة تحمل الاسم الرمزي “عملية سيرلي”، والتي كانت تركز في الأصل على تقديم معلومات استخباراتية حول تهديدات المتشددين على طول الحدود الغربية لمصر.
وحسب تلك الوثائق، فإن الجيش الفرنسي متورط فيما لا يقل عن 19 غارة جوية ضد المدنيين المشتبه في قيامهم بالتهريب بين عامي 2016 و 2018.
بعد الكشف العام الماضي عن استخدام عملية مكافحة الإرهاب الفرنسية في مصر – التي يعود تاريخها إلى عام 2015 – للقمع الداخلي، قدمت وزارة الدفاع الفرنسية شكوى قانونية في نوفمبر/تشرين الثاني بشأن “انتهاك السرية الوطنية”.
وحسب الوثائق، فقد نبه الجنود الفرنسيون الذين أرسلوا إلى مصر رؤسائهم في مناسبات عديدة بين عامي 2016 و 2019 بشأن الانتهاكات التي حدثت في إطار عملية سيرلي.
على الرغم من هذه التقارير، التي وصلت إلى قصر الإليزيه، لم يضع الرئيس آنذاك فرانسوا هولاند ولا خليفته إيمانويل ماكرون حدًا لهذه المهمة، مما دفع المنظمات غير الحكومية إلى اتهام الدولة الفرنسية بالتواطؤ في عمليات الإعدام التعسفي.
وجاء في الشكوى أيضًا أن المعاناة التي تعرض لها الناجون في أعقاب الضربات الجوية يمكن أن تشكل “جرائم تعذيب”، مشيرة أنه يمكن محاسبة الجناة بموجب الاختصاص القضائي العالمي، الذي يسمح للقضاء الفرنسي بمقاضاة وتوجيه الاتهام إلى جرائم خطيرة ارتكبها مواطنون فرنسيون وغير فرنسيين خارج البلاد.
من المتوقع أن تظهر التحديات لأن عملية سيرلي محمية بطبيعتها السرية باعتبارها قضية أمن قومي، وقد خلصت وزارة القوات المسلحة في فبراير/شباط الماضي إلى أن العملية اتخذت إجراءات وقائية واحترمت إطارا واضحا.
على الرغم من الجهود التي تبذلها باريس لتحويل صادراتها من الأسلحة إلى أوروبا، لا تزال مصر واحدة من المتلقين الرئيسيين للمعدات العسكرية الفرنسية.
وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، بين عامي 2013 و 2020 كانت فرنسا أكبر مصدر للأسلحة من الاتحاد الأوروبي إلى مصر والثانية عالميًا بعد روسيا، متجاوزة الولايات المتحدة، إذ زاد حجم صادرات الأسلحة من فرنسا بشكل كبير مقارنة بالسنوات التي سبقت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
كما وقعت فرنسا صفقة بقيمة 4 مليارات يورو (4.5 مليار دولار) في مايو/أيار 2021 لبيع طائرات رافال المقاتلة لمصر، على أن يتم تسليمها في عام 2024.
في ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلن الرئيس ماكرون أنه لن يجعل مبيعات الأسلحة لمصر مشروطة بحقوق الإنسان، بحجة أنه لا يريد إضعاف قدرة القاهرة على مكافحة التشدد في المنطقة.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا