العدسة – أحمد عبد العزيز
فاجأ وزير اتصالات الكيان الصهيوني، الدرزي أيوب قرا، المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بدعوته لمفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، لزيارة تل أبيب، وهي الدعوة التي أحدثت ضجة وتناولتها مختلف وسائل الإعلام في العالم، باستثناء السعودية طبعا.
فقد تقدم الوزير عبر حسابه على موقع “تويتر” بالشكر لمفتي السعودية، زاعما أنه أصدر فتوى تحرم قتال اليهود وتعتبر حماس منظمة إرهابية تؤذي الفلسطينيين وتحرم التظاهر الذي وصفه بالغوغائي دعما للأقصى والمحاصرين في غزة، حيث طالب الوزير “آل الشيخ” على هذه المواقف الجليلة.
” مفتي السعودية “
وهو ما دفع وسائل إعلام عديدة موالية للنهج السعودي الحالي، للخروج والذب عن مفتي آل سعود، والتأكيد على أنه لم يفت قطعا بما زعمه الوزير الإسرائيلي، مطالبة بعدم الانسياق وراء “الشائعات الإسرائيلية”، وهو ما أثار الشكوك أكثر لدى من لا يثقون في وسائل الإعلام تلك.
فهل صدر عن مفتي السعودية فعلا فتاوى مثل تلك؟ أو حتى شبيه؟
تحريم قتال اليهود
الحق أن ما زعمه الوزير الإسرائيلي المعروف بقربه من بنيامين نتنياهو، ليس باطلا كله، وليس صحيحا على إطلاقه.
فالنقطة الأولى، الخاصة بالزعم أن عبد العزيز آل الشيخ أفتى بتحريم قتال اليهود، اعتمد فيها الوزير- على الأرجح- على ما ورد في أحد اللقاءات التليفزيونية التي يعقدها المفتي على التليفزيون السعودي بشكل أسبوعي للرد على استفسارات المتصلين.
حيث سأله أحد المتصلين في إحدى الحلقات ذات مرة، عن حكم الشرع في مساعدة حزب الله اللبناني في قتاله ضد الكيان الصهيوني، وبعدما ارتبك المذيع، وانقطع الاتصال بشكل مفاجئ، أعاد المذيع ترديد السؤال على المفتي بعد ضبط كلماته وتوجيه المفتي صراحة إلى الإجابة، حيث قال المذيع عن المتصل “إنه كان يساعد الرافضة عندما كانوا يدعون أنهم يحاربون إسرائيل معتقدا أنهم على حق، فهذه المساعدة منه هل يأثم عليها وقد عاد وتاب؟”.
والتقط المفتي المرتبك المتلعثم السؤال من المذيع، ليجيب بقوله “إن كان ذلك عن جهل منه لعل الله ينعم عليه بالتوبة النصوح”، وأكمل عبد العزيز آل الشيخ الذي لم يحسن اختيار كلماته، نتيجة انشغاله بكيفية الرد على سؤال يتعلق بحزب الله، فتناسى أمر إسرائيل تماما، لتخرج منه “زلة لسان” اعتبر فيها اليهود بمثابة “مسلمين” لا يجوز مساعدة الرافضة عليهم “لأن معاونة غير المسلم – وهنا يقصد حزب الله- على المسلم -وهنا يقصد إسرائيل- من نواقض الإسلام” حسب قوله.
اتهام حماس بالإرهاب
أما النقطة الثانية، وهي الفتوى باعتبار حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماعة “إرهابية تؤذي المسلمين”، فالرجل لم يصدر عنه فتوى معلنة بهذا المعنى أبدا، ولكن فيما يبدو أن الكيان الصهيوني يعد المواقف السعودية الرسمية حاصلة بطبيعة الحال على صك شرعي من رجال الدين، سواء وافق رجال الدين أم أبوا، على أساس أن شيوخ المناصب الرسمية في السعودية على دين ملوكهم.
وفي هذا الجانب، لك أن تعلم أن السعودية تعتبر جماعة “الإخوان المسلمين” – الأب الروحي لحركة حماس- بمثابة جماعة إرهابية وتحرم وتجرم كل نشاطاتها في المملكة، وكذلك الانتساب إليها، كما أن السبب الرئيسي والمعلن من جانب الرياض حول الحصار الذي فرضته على الدوحة بمشاركة الإمارات والبحرين ومصر بعد قطع العلاقات الدبلوماسية، هو الزعم بدعم قطر للجماعات الإرهابية، أمثال الإخوان المسلمين أيضا.
ووصل الأمر بوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن طالب قطر صراحة- من شروط الرياض لعودة العلاقات بين البلدين- أن توقف الدوحة دعمها لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أي أن توقف دعمها للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني! وهو ما شكل صدمة كبيرة للشعب الفلسطيني بحسب بيان صادر عن الحركة.
وسبق للمفتي عبد العزيز آل الشيخ، أن عد القرارات التي اتخذتها السعودية ضد قطر، بأن فيها مصلحة للمسلمين ومنفعة لمستقبل القطريين أنفسهم! أي أنه عد حصار دولة إسلامية من مصلحة المسلمين.
” إسماعيل هنية “
تحريم التظاهر دعما لغزة
أما ثالث النقاط التي وردت في تغريدة الوزير الإسرائيلي، فتمثلت في زعمه أن المفتي السعودي “أفتى بتحريم” المظاهرات الداعمة للأقصى وغزة.
والزعم بأنه صدرت عن المفتي في هذا الشأن “فتوى تحريم” فهو غير صحيح، إلا أن المفتي تناول المظاهرات بالانتقاد واعتبرها “غوغائية” بالفعل.
وقال صراحة في حوار لصحيفة “عكاظ” السعودية، إن المظاهرات التي انطلقت في العديد من الدول العربية والإسلامية لنصرة الفلسطينيين في قطاع غزة “مجرد أعمال غوغائية لا خير فيها ولا رجاء منها” وأنها مجرد “ترهات”، مشيرا إلى أن بذل المال والمساعدات هي التي تنفع.
وأثار هذا الرأي الشارع الفلسطيني، الذي يرى أنه يحتاج كل الدعم المتاح من أشقائه، سواء كان ماديا أو معنويا، ولا يجوز أبدا أن يصدر قول كهذا من رجل بحجم مفتي دولة تحتضن الحرمين الشريفين، وهو قول يثير البلبلة ويفت في عزيمة المقاومة والمناصرين لها.
وقد صدقوا في قولهم، حيث رأينا الآن كيف خرج علينا وزير إسرائيلي، يرى أن رأي المفتي بمثابة “فتوى” ورفضه بمثابة “تحريم”.
” إحدى التظاهرات المتضامنة مع غزة “
التطبيع السعودي مع إسرائيل
وبغض النظر عن صحة مزاعم الوزير الإسرائيلي من عدمه، إلا أن الثابت حاليا، هو أن السعودية تسير بخطى حثيثة تجاه التطبيع الكامل والمعلن مع إسرائيل، كفتورة تدفعها الرياض مقابل الحصول على الدعم الأمريكي التام لصعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الحكم، ومساندته في كافة الإجراءات التي سيتخذها للإطاحة بمنافسيه من داخل الأسرة الحاكمة، وتخلي أمريكا عن دعمها السابق لغريم “بن سلمان”، ابن عمه ووزير الداخلية السابق محمد بن نايف.
ونقل موقع الإذاعة الألمانية، عن أنور عشقي، السعودي الذي يقود المساعي السعودية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، إن بلاده ستتجه للتطبيع الكامل مع تل أبيب عقب تطبيق المبادرة العربية التي أكد قرب تنفيذها والتوصل إلى سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
” التطبيع مع إسرائيل “
فيما أكد حساب “مجتهد” أشهر الحسابات السعودية المعارضة على موقع “تويتر”، أن محمد بن سلمان يوجه بتنفيذ حملة إعلامية لتهيئة الرأي العام في السعودية لتقبل العلاقات المعلنة مع إسرائيل، كما سيقدم مكافآت للإعلاميين والمغردين الذين يبدعون في دعم هذه الحملة والتمهيد لها.
لذا، لا نستبعد بعد كل ذلك- وفي حال نجاح حملة “بن سلمان” للتطبيع مع إسرائيل وشيطنة المقاومة- أن يقبل مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، دعوة مماثلة لزيارة إسرائيل، من أجل نصرة الأشقاء في تل أبيب!.
اضف تعليقا